مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٧٨
ومراعاة وليس بتقليد حكم ولا نظر. قال الزركشي: ويحتمل في هذا إبطال التولية، كما لو قالت للولي: أذنت لك في تزويجي ولا تزوج بنفسك انتهى. والظاهر الأول، ويفرق بأن ولي النكاح ثابت له الولاية، وهي تريد أن تنفيها عنه بخلاف من أذن له في أن يولى القضاء. (فإن أطلق) أي الإمام الولاية لشخص ولم ينهه عن الاستخلاف ولم يأذن له فيه، وهو لا يقدر إلا على بعضه، (استخلف فيما لا يقدر عليه) لحاجته إليه، (لا) في (غيره) وهو ما يقدر عليه (في الأصح) لأن قرينة الحال تقتضي ذلك. وليس من العجز ما لا يراه المستخلف في مذهبه، فليس له أن يستخلف مخالفا ليعقد ما لا يراه مع قدرته على ما ولي فيه كما قاله بعد المتأخرين، والقادر على ما وليه لا يستخلف فيه أيضا على الأصح.
والثاني: يستخلف في المسألتين كالإمام بجامع النظر في المصالح العامة.
تنبيه: محل الخلاف في العجز المقارن، أما الطارئ كما لو مر ض القاضي أو أراد أن يسافر لشغل فيجوز له الاستخلاف قطعا، قاله في التهذيب. ولو أذن له الإمام في الاستخلاف وعمم أو أطلق بأن لم يعمم له في الاذن جاز له الاستخلاف في العام والخاص والمقدور عليه، وإن خصصه بشئ لم يتعده. (وشرط) الشخص (المستخلف) - بفتح اللام بخطه - (كالقاضي) في شروطه السابقة، لأنه قاض.
تنبيه: ظاهر إطلاق كلامه جواز استخلاف أبيه وابنه، وبه صرح الماوردي والبغوي وغيرهما، لكن محله إن ثبتت عدالتهما عند غيره، أما إذا فوض الإمام لشخص اختيار قاض فلا يختار ولده ولا والده، كما لا يختار نفسه.
ثم استثنى من التشبيه المذكور قوله: (إلا أن يستخلف) شخص (في أمر خاص، كسماع بينة فيكفي علمه بما يتعلق به) أي الامر الخاص من شرائط البينة، ولا يشترط فيه رتبة الاجتهاد كما نقلاه عن أبي محمد وأقراه وإن أشعر كلام المتن باشتراطه أيضا بأن خلاف الاستخلاف يجري أيضا في الامر الخاص، وهو مقتضى إطلاق الأكثرين، لكن قطع القفال بالجواز، وفي كلام الروضة ما يوافقه. وحيث جاز الاستخلاف فاستخلف شافعي مخالفا أو بالعكس جاز على المشهور كما يشير إليه قوله: (ويحكم) الخليفة (باجتهاده) إن كان مجتهدا، (أو باجتهاد مقلده) بفتح اللام بخطه، (إن كان مقلدا) بكسرها، حيث ينفذ قضاء المقلد، لقوله تعالى: * (فاحكم بين الناس بالحق) * والحق ما دل عليه الدليل عند المجتهد، فلا يجوز أن يحكم بغيره والمقلد ملحق بمن يقلده لأنه إنما يحكم بمعتقده فلذلك أجرى عليه حكمه. (ولا يجوز أن يشرط عليه) أي على من استخلفه (خلافه) أي الحكم باجتهاده أو باجتهاد مقلده لأنه لا يعتقده. وقضية ذلك أنه لو شرطه لم يصح الاستخلاف، وهو كذلك، لأن الحاكم إنما يعمل باجتهاده أو اجتهاد مقلده، وكذا لو شرطه الإمام في تولية القاضي لم تصح توليته لما مر، وإن قال: لا تحكم في كذا فيما يخالفه فيه جاز وحكم في غيره من بقية الحوادث، كقوله: لا تحكم في قتل المسلم بالكافر والحر بالعبد: (ولو حكم) بكاف مشددة، (خصمان رجلا) غير قاض (في غير حد الله تعالى) من مال أو غيره، (جاز مطلقا) على التفاصيل الآتية، (بشرط أهلية القضاء) ولا يشترط عدم القاضي، لأنه وقع لجمع من كبار الصحابة ولم ينكره أحد، قال الماوردي: فكان إجماعا.
تنبيه: قوله: خصمان يوهم اعتبار الخصومة، وليس مرادا، فإن التحكيم يجري في النكاح، فلو قال اثنان كان أولى، وقوله: في غير حدود الله مزيد على المحرر، ولا بد منه لأنه لا يصح التحكيم فيها، ولو قال في غير عقوبة لله ليتناول التعزير كان أولى لأنه كالحد في ذلك. واحترز بقوله: بشرط أهلية القضاء عما إذا كان غير أهل فلا ينفذ حكمه قطعا، والمراد بالأهلية الأهلية المطلقة لا بالنسبة إلى تلك الواقعة، ولهذا قال في المحرر: ويشترط فيه
(٣٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548