لأن النبي (ص) كتب لعمرو بن حزم لما بعثه إلى اليمن وهو ابن سبع عشرة سنة رواه أصحاب السنن، ولان أبا بكر كتب لانس لما بعثه إلى البحرين وختم بخاتم رسول الله (ص)، رواه البخاري. ولم يجب ذلك لأنه (ص) لم يكتب لمعاذ، بل اقتصر على وصيته. وإذا كتب إليه كتاب العهد بالولاية ذكر في الكتاب ما يحتاج القاضي إلى القيام به ويعظه فيه ويعظمه ويوصيه بتقوى الله تعالى، ومشاورة أهل العلم، وتفقد الشهود وغير ذلك. وفي معنى الإمام القاضي الكبير إذا استخلف في أعماله البعيدة. قال الصيمري: وينبغي للإمام أن يسلم كتاب عهده إليه بحضرته خوفا من الزيادة فيه والنقصان ويقول له: هذا عهدي وحجتي عند الله. (ويشهد) ندبا (بالكتاب) أي المكتوب بما تضمنه من التولية، (شاهدين يخرجان معه إلى البلد) الذي تولاه قرب أو بعد، (يخبران) أهل البلد (بالحال) من التولية وغيرها، وعبارة التنبيه: وأشهد على التولية شاهدين، وهي أولى من عبارة الكتاب، إذ الاعتماد على التولية دون الكتاب. وعند إشهادهما يقرآن الكتاب أو يقرأه الإمام عليهما، فإذا قرأه الإمام، قال في البحر: لا يحتاج الشاهدان إلى أن ينظرا في الكتاب، وإن قرأه غير الإمام فالأحوط أن ينظر الشاهدان فيه ليعلما أن الامر على ما قرأه القارئ من غير زيادة ولا نقصان. ولو أشهد ولم يكتب كفى فإن الاعتماد على الشهود، فإذا أخبروا أهل البلد لزمهم طاعته.
تنبيه: أشار بقوله: يخبران إلى أنه لا يشترط لفظ الشهادة عند أهل ذلك البلد، وهو كذلك كما نقله في الروضة عن الأصحاب من أن هذه الشهادة ليست على قواعد الشهادات، إذ ليس هناك قاض تؤدى عنده الشهادة. قال الزركشي:
وقضية ذلك أنه لو كان هناك قاض آخر كما جرت به العادة في بعض البلاد من نصب أتباع المذاهب الأربعة اعتبار حقيقة الشهادة ولا شك فيه. وقال البلقيني: عندي أنه إذا كان المدار على الاخبار فإنه ليس على قواعد الشهادات فينبغي أن يكتفي بواحد لأن هذا من باب الخبر، قال: ولم أر من تعرض لذلك اه. والظاهر هو إطلاق كلام الأصحاب. (وتكفي) بمثناة فوقية، عن أخبارهما بالتولية، (الاستفاضة) بها (في الأصح) لحصول المقصود، ولم ينقل عنه (ص ) ولا عن الخلفاء الراشدين الاشهاد. والثاني: المنع، لأن العقود لا تثبت بالاستفاضة كالبيع والإجارة.
تنبيه: ظاهر كلامه تبعا للمحرر جريان الخلاف ولو كان البلد بعيدا، وهو كذلك. ومنهم من ذكره في البلد القريب، وليس للتقييد كما دل عليه كلام الروضة وأصلها. (لا مجرد كتاب) بها بلا إشهاد أو استفاضة، فلا يكفي (على المذهب) لامكان التزوير. وفي وجه من الطريق الثاني: يكفي، لبعد الجراءة في مثل ذلك على الإمام.
تنبيه: أفهم كلامه أنه لا يكفي مجرد إخبار القاضي لهم، ولا خلاف في ذلك إن لم يصدقوه، فإن صدقوه ففي وجوب طاعته وجهان. وقياس ما قالوه في الوكالة عدم وجوبها، لأن الإمام لو أنكر توليته كان القول قوله. قال الأذرعي: لعل وجوبها أشبه، وفي الآثار والاخبار ما يعضده، أي ولأنهم اعترفوا بحق عليهم. (ويبحث) برفع المثلثة، (القاضي) قبل دخوله بلد التولية الذي لا يعرف من فيه، (عن حال علماء البلد وعدوله) والمزكين سرا وعلانية ليدخل على بصيرة بحال من فيه، لأنه لا بد له منهم فيسأل عن ذلك قبل الخروج، فإن لم يتيسر ففي الطريق، فإن لم يتيسر فحين يدخل.
تنبيه: يندب إذا ولي أن يدعوا أصدقاءه الامناء ليعلموه عيوبه فيسعى في زوالها كما ذكره الرافعي آخر الباب الثاني في جامع أدب القضاء. (ويدخل يوم الاثنين) صبيحته، لأنه (ص) دخل المدينة فيه حين اشتد الضحى. فإن تعسر فالخميس، وإلا فالسبت. وأن يدخل في عمامة سوداء، ففي مسلم: أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح بها، ولأنه أهيب له. قال المصنف: ويستحب لمن كان له وظيفة من وظائف الخير كقراءة قرآن أو حديث أو ذكر أو صنعة من الصنائع أو عمل من الأعمال أن يفعل ذلك أول النهار إن أمكنه، وكذلك من