لأن يعمل لهم فيه، ولو استأجروا له وترافعوا إلينا حكمنا ببطلان الإجارة. قال: والمراد بالترميم الإعادة لما تهدم منها لا بآلات جديدة. قال: وهذا مدلول لفظ الإعادة والترميم، ومن ادعى خلاف ذلك فهو مطالب بنقل عن أحد من علماء الشريعة، قال: وبالجملة مشهور مذهبنا التمكين والحق عندي خلافه اه. والذي قاله ابن يونس في شرح الوجيز ، واقتضى كلامه الاتفاق عليه أنها ترمم بآلات جديدة وليس لهم توسيعها، لأن الزيادة في حكم كنيسة محدثة متصلة بالأولى. (ويمنعون) أي الذميون (وجوبا وقيل ندبا من رفع بناء) لهم (على بناء جار) لهم (مسلم) وإن لم يشرط عليهم في العقد لخبر البخاري عن ابن عباس: الاسلام يعلو ولا يعلى عليه وليتميز البناءان، ولئلا يطلع على عوراتنا، ولا فرق في ذلك بين أن يرضى الجار بذلك أم لا، لأن المنع من ذلك لحق الدين لا لمحض حق الجار، وسواء أكان بناء المسلم معتدلا أم في غاية الانخفاض.
تنبيه: محل المنع كما قال البلقيني: إذا كان بناء المسلم مما يعتاد في السكنى، فلو كان قصيرا لا يعتاد فيها لأنه لم يتم بناؤه أو أنه هدمه إلى أن صار كذلك لم يمنع الذمي من بناء جداره على أقل ما يعتاد في السكنى، لئلا يتعطل عليه حقها الذي عطله المسلم باختياره أو تعطل عليه بإعساره، والمراد بالجار كما قال الجرجاني أهل محلته دون جميع البلد.
(والأصح المنع من المساواة) أيضا بين بناء المسلم والذمي، لقوله تعالى * (ضربت عليهم الذلة) * فينبغي استحقارهم في جميع الأشياء، لأن القصد تمييزهم عن المسلمين في المساكن والملابس والمراكب، والحديث يدل على علو الاسلام، ولا علو مع المساواة.
تنبيه: فهم من قوله رفع تصوير المنع بالاحداث، فلو تلك الذمي دار مساوية أو عالية لم يكف هدمها، وكذا ما بنوه قبل أن تملك بلادهم لأنه وضع بحق، لكن يمنع من طلوع سطحه إلا بعد تحجيره بخلاف المسلم فإنه مأمون، ويمنع صبيانهم من الاشراف على المسلم بخلاف صبياننا، حكاه في الكفاية عن الماوردي. فإن انهدم البناء المذكور امتنع العلو والمساواة، ولو رفع بناءه على المسلم فأراد المسلم أن يرفع بناءه عليه لم يؤخر هدم بنائه بذلك، فلو تأخر نقضه حتى رفع المسلم بناءه عليه قال ابن الصلاح: الظاهر أنه لا يسقط حق النقض بذلك، ولو رفعه فحكم الحاكم بنقضه فباعه من مسلم فهل يسقط حق النقض؟ قال ابن الرفعة فيما كتبه على حواشي كفايته: يظهر تخريجه على الوجهين فيما إذا باع المستعير ما بناه على الأرض المستعار بعد رجوع المعير، وكذا بيع البناء بعد انقضاء الإجارة، فإن لم يجوزوه انبنى على من اشترى فصيلا بشرط القطع، ثم اشترى الأرض هل يلزمه القطع؟ وجهان اه. ويؤخذ من ذلك أنه لا يسقط النقض بعد حكم الحاكم بنقضه إذا باعه لمسلم بخلاف ما إذا باعه قبل الحكم بذلك. قال الأذرعي:
وحكمت أيام قضائي على يهودي بهدم ما بناه، وبالتنقيص عن المساواة لجاره فأسلم فأقررته على بنائه وفي نفسي منه شئ، وظني إن كنت قلت له إن أسلمت لم أهدمه اه. بل الوجه عدم الهدم لقوله تعالى * (قل للذين كفروا) * الآية قال الزركشي: ولو استأجر الذمي دارا عالية لم يمنع من سكناها بلا خلاف، قاله المرشد، وهل يجري مثله فيما لو ملك دار لها روشن حيث قلنا لا يشرع له روشن، أي وهو الأصح، أو لا يجري. لأن التعلية من حقوق الملك والروشن لحق الاسلام وقد زال؟ فيه نظر اه. والوجه الأول وخرج بقول المصنف: المسلم رفع أهل الذمة بعضهم على بعض، فإن اختلفت ملتهم ففي منع علو بعضهم على بعض وجهان في الحاوي والبحر، والذي ينبغي القطع به الجواز. (و) الأصح وعبر في الروضة بالصحيح (أنهم لو كانوا بمحلة منفصلة) عن المسلمين بطرف من البلد، منقطع عن العمارة (لم يمنعوا) من رفع البناء، لأن الممنوع المطاولة، وإنما تحقق عند وجود بناء مسلم ولامتناع خوف الاطلاع على عورة المسلمين، والثاني المنع لأنه استعلاء في دار الاسلام. أما إذا التصقت دور البلد من أحد جوانبها، فإنا نعتبر في ذلك الجانب: أن لا يرتفع فيه بناء أهل الذمة على بناء من يجاورهم من المسلمين دون بقية