مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٩
الإمام فيمن ظفر به منهم من الأحرار الكاملين كما يتخير في الأسير.
تنبيه: تعبيره بالجواز يقتضي أنه لا يجب، وليس مرادا، بل هو واجب، فقد مر أن الجهاد عند دخوله طائفة من أهل الحرب دار الاسلام فرض عين، ولا فرق بينها وبين التي كانت لها ذمة ثم انتقضت، وعبارة الروضة: فلا بد من دفعهم والسعي في استئصالهم. (أو) انتقض عهده (بغيره) أي القتال ولم يسأل تجديد العهد (لم يجب إبلاغه مأمنه) - بفتح الميمين - أي مكانا يأمن فيه على نفسه (في الأظهر) والمراد به كما قاله البندنيجي: أقرب بلاد الحرب من بلاد الاسلام، ولا يلزمنا إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك، إلا أن يكون بين بلاد الكفر ومسكنه بلد للمسلمين يحتاج للمرور عليه (بل يختار الإمام فيه قتلا) وأسرا (ورقا ومنا وفداء) لأنه كافر لا أمان له كالحربي. والثاني يجب لأنهم دخلوا دار الاسلام بأمان فلم يجز قتلهم قبل الرد إلى المأمن: كما لو دخل بأمان صبي، وأجاب الأول بأن من دخل بأمان صبي يعتقد لنفسه أمانا، وهذا فعل باختياره ما أوجب الانتقاض، وعلى القولين لو فعل ما يوجب حدا أو تعزيرا أقمناه قبل ذلك، صرح به الروياني وغيره في الحد ومثله التعزير. وروى البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه صلب يهوديا زنى بمسلمة أما إذا سأل تجديد العهد فتجب إجابته (فإن أسلم) من انتقض عهده (قبل الاختيار) من الإمام لشئ مما سبق (امتنع) القتل، و (الرق) والفداء، لأنه لم يحصل في يد الإمام بالقهر، وله أمان متقدم فخف أمره.
تنبيه: لو قال المصنف تعين من كان أولى مما ذكره. (وإذا بطل أمان رجال لم يبطل أمان نسائهم، و) أمان (الصبيان في الأصح) لأنه قد ثبت لهم الأمان ولم يوجد منهم ناقض فلا يجوز سبيهم ويجوز تقريرهم في دارنا.
والثاني يبطل لأنهم دخلوا تبعا فيزول بزوال الأصل وعلى الأول لو طلبوا الرجوع إلى دار الحرب أجيب النساء دون الصبيان لأنه لا حكم لاختيارهم قبل البلوغ، فإن طلبهم مستحق الحضانة أجيب. فإن بلغوا وبذلوا الجزية فذاك، وإلا ألحقوا بدار الحرب.
تنبيه: الخناثى كالنساء والمجانين كالصبيان والإفاقة كالبلوغ. (وإذا اختار ذمي نبذ العهد واللحوق بدار الحرب بلغ) على المذهب (المأمن) السابق تفسيره لأنه لم يوجد منه خيانة ولا ما يوجب نقض عهده فيبلغ مكانا يأمن فيه على نفسه. ولو رجع المستأمن إلى بلاده بإذن الإمام لتجارة أو رسالة فهو باق على أمانه في نفسه وماله، وإن رجع للاستيطان انتقض عهده، ولو رجع ومات في بلاده واختلف الوارث والإمام هل انتقل للإقامة فهو حربي أو للتجارة فلا ينتقض عهده؟ أجاب بعض المتأخرين بأن القول قول الإمام لأن الأصل في رجوعه إلى بلاده الإقامة.
فائدة: روي عن جعفر بن محمد أن النبي (ص) قال: لو عاش إبراهيم لعتقت أخواله، ولوضعت الجزية عن كل قبطي. وروي أن الحسن بن علي كلم معاوية في أهل قرية أم إبراهيم فسامحهم بالجزية إكراما لسيدنا إبراهيم. قال المصنف: وما روي عن بعض المتقدمين. لو عاش إبراهيم لكان نبيا باطل.
خاتمة: الأولى للإمام أن يكتب بعد عقد الذمة اسم من عقد له ودينه وحليته، ويتعرض لسنه أهو شيخ أم شاب، ويصف أعضاءه الظاهرة من وجهه ولحيته وحاجبيه وعينيه وشفتيه وأنفه وأسنانه وآثار وجهه إن كان فيه آثار ولونه من سمرة وشقرة وغيرهما ويجعل لكل من طوائفهم عريفا مسلما يضبطهم ليعرفه بمن مات أو أسلم أو بلغ منهم أو دخل فيهم، وأما من يحضرهم ليؤدي كل منهم الجزية، أو يشتكي إلى الإمام من يتعدى عليهم منا أو منهم فيجوز جعله عريفا كذلك ولو كان كافرا، وإنما اشترط إسلامه في الفرض الأول لأن الكافر لا يعتمد خبره.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548