الإمام فيمن ظفر به منهم من الأحرار الكاملين كما يتخير في الأسير.
تنبيه: تعبيره بالجواز يقتضي أنه لا يجب، وليس مرادا، بل هو واجب، فقد مر أن الجهاد عند دخوله طائفة من أهل الحرب دار الاسلام فرض عين، ولا فرق بينها وبين التي كانت لها ذمة ثم انتقضت، وعبارة الروضة: فلا بد من دفعهم والسعي في استئصالهم. (أو) انتقض عهده (بغيره) أي القتال ولم يسأل تجديد العهد (لم يجب إبلاغه مأمنه) - بفتح الميمين - أي مكانا يأمن فيه على نفسه (في الأظهر) والمراد به كما قاله البندنيجي: أقرب بلاد الحرب من بلاد الاسلام، ولا يلزمنا إلحاقه ببلده الذي يسكنه فوق ذلك، إلا أن يكون بين بلاد الكفر ومسكنه بلد للمسلمين يحتاج للمرور عليه (بل يختار الإمام فيه قتلا) وأسرا (ورقا ومنا وفداء) لأنه كافر لا أمان له كالحربي. والثاني يجب لأنهم دخلوا دار الاسلام بأمان فلم يجز قتلهم قبل الرد إلى المأمن: كما لو دخل بأمان صبي، وأجاب الأول بأن من دخل بأمان صبي يعتقد لنفسه أمانا، وهذا فعل باختياره ما أوجب الانتقاض، وعلى القولين لو فعل ما يوجب حدا أو تعزيرا أقمناه قبل ذلك، صرح به الروياني وغيره في الحد ومثله التعزير. وروى البيهقي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه صلب يهوديا زنى بمسلمة أما إذا سأل تجديد العهد فتجب إجابته (فإن أسلم) من انتقض عهده (قبل الاختيار) من الإمام لشئ مما سبق (امتنع) القتل، و (الرق) والفداء، لأنه لم يحصل في يد الإمام بالقهر، وله أمان متقدم فخف أمره.
تنبيه: لو قال المصنف تعين من كان أولى مما ذكره. (وإذا بطل أمان رجال لم يبطل أمان نسائهم، و) أمان (الصبيان في الأصح) لأنه قد ثبت لهم الأمان ولم يوجد منهم ناقض فلا يجوز سبيهم ويجوز تقريرهم في دارنا.
والثاني يبطل لأنهم دخلوا تبعا فيزول بزوال الأصل وعلى الأول لو طلبوا الرجوع إلى دار الحرب أجيب النساء دون الصبيان لأنه لا حكم لاختيارهم قبل البلوغ، فإن طلبهم مستحق الحضانة أجيب. فإن بلغوا وبذلوا الجزية فذاك، وإلا ألحقوا بدار الحرب.
تنبيه: الخناثى كالنساء والمجانين كالصبيان والإفاقة كالبلوغ. (وإذا اختار ذمي نبذ العهد واللحوق بدار الحرب بلغ) على المذهب (المأمن) السابق تفسيره لأنه لم يوجد منه خيانة ولا ما يوجب نقض عهده فيبلغ مكانا يأمن فيه على نفسه. ولو رجع المستأمن إلى بلاده بإذن الإمام لتجارة أو رسالة فهو باق على أمانه في نفسه وماله، وإن رجع للاستيطان انتقض عهده، ولو رجع ومات في بلاده واختلف الوارث والإمام هل انتقل للإقامة فهو حربي أو للتجارة فلا ينتقض عهده؟ أجاب بعض المتأخرين بأن القول قول الإمام لأن الأصل في رجوعه إلى بلاده الإقامة.
فائدة: روي عن جعفر بن محمد أن النبي (ص) قال: لو عاش إبراهيم لعتقت أخواله، ولوضعت الجزية عن كل قبطي. وروي أن الحسن بن علي كلم معاوية في أهل قرية أم إبراهيم فسامحهم بالجزية إكراما لسيدنا إبراهيم. قال المصنف: وما روي عن بعض المتقدمين. لو عاش إبراهيم لكان نبيا باطل.
خاتمة: الأولى للإمام أن يكتب بعد عقد الذمة اسم من عقد له ودينه وحليته، ويتعرض لسنه أهو شيخ أم شاب، ويصف أعضاءه الظاهرة من وجهه ولحيته وحاجبيه وعينيه وشفتيه وأنفه وأسنانه وآثار وجهه إن كان فيه آثار ولونه من سمرة وشقرة وغيرهما ويجعل لكل من طوائفهم عريفا مسلما يضبطهم ليعرفه بمن مات أو أسلم أو بلغ منهم أو دخل فيهم، وأما من يحضرهم ليؤدي كل منهم الجزية، أو يشتكي إلى الإمام من يتعدى عليهم منا أو منهم فيجوز جعله عريفا كذلك ولو كان كافرا، وإنما اشترط إسلامه في الفرض الأول لأن الكافر لا يعتمد خبره.