على الجنين في باب الأطعمة إن شاء الله تعالى. ثم شرع في شرع الركن الثاني، وهو الذابح، فقال (وشرط ذابح) أي وعاقر (وصائد) لغير سمك وجراد ليحل مذبوحه ومعقوره ومصيده (حل مناكحته) للمسلمين بكونه مسلما أو كتابيا بشرطه السابق في محرمات النكاح. قال تعالى * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) *. قال ابن عباس: وإنما أحلت ذبائح اليهود والنصارى من أجل أنهم آمنوا بالتوراة والإنجيل رواه الحاكم وصححه. وسواء اعتقدوا إباحته كالبقر والغنم أم تحريمه كالإبل، وأما سائر الكفار كالمجوسي والوثني والمرتد فلا تحل ذبيحتهم ولا مصيدهم ولا معقورهم لعدم حل مناكحتهم.
تنبيه: إن قلنا تحل مناكحة الجن حلت ذبيحتهم، وإلا فلا، وتقدم الكلام على ذلك في محرمات النكاح، وبقية الحيوانات لا تحل ذبيحتها لو علمت الذبح في المقدور عليه، وسيأتي الكلام في غيره، وإنما لم يشترط المصنف في الصائد كونه بصيرا لأنه سيذكر بعد ذلك أن الأعمى لا يحل صيده، ولم يشترط في الذابح كونه ليس محرما في الوحشي أو المتولد منه، وفي المذبوح كونه غير صيد حرمي على حلال أو محرم لأنه قدم ذلك في محرمات الاحرام، ولان المحرم مباح الذبيحة في الجملة، ولكن الاحرام مانع بالنسبة إلى الصيد البري، أما صائد السمك والجراد فلا يشترط فيه الشرط المذكور لأن ميتتهما حلال، فلا عبرة بالفعل، ولا أثر للرق في الذابح. (و) حينئذ (تحل ذكاة أمة كتابية) وإن حرم مناكحتها لعموم الآية المذكورة، وهذه مستثناة من قوله: وشرط ذابح حل مناكحته. واستثنى الأسنوي أيضا زوجات النبي (ص) بأنهن لا تحل مناكحتهن وتحل ذبيحتهن. قال: فينبغي أن يقول في الضابط من لا تحل مناكحته لنقصه ، واعترضه البلقيني بأنه كان يحل مناكحتهن للمسلمين قبل أن ينكحهن النبي (ص)، وبعد أن نكحهن، فالتحريم على غيره لا عليه، وهو رأس المؤمنين (ص). قال: فلا يورد ذلك إلا قليل البصيرة. قال ابن شهبة:
ويمكن أن يصحح الاستثناء بأن يقال زوجاته (ص) بعد موته يحرم نكاحهن وتحل ذبيحتهن اه. والأولى عدم استثناء ذلك لأن حرمتهن على غيره (ص) لا لشئ فيهن، وإنما هو تعظيما له (ص) ، بخلاف الأمة الكتابية فإنه لأمر فيها وهو رقها مع كفرها.
تنبيه: علم من كلامه حل ذكاة المرأة المسلمة بطريق الأولى وإن كانت حائضا، وقيل تكره ذكاة المرأة الأضحية والخنثى كالأنثى. (ولو شارك مجوسي) أو غيره ممن لا تحل مناكحته، ولو عبر به كان أولى (مسلما في ذبح أو اصطياد) يحتاج لتزكية كأن أمرا سكينا على حلق شاة أو قتلا صيدا بسهم أو كلب (حرم) المذبوح والمصاد تغيبا للتحريم (ولو أرسلا) أي مسلم ومجوسي (كلبين أو سهمين) أو أحدهما كلبا والآخر سهما على صيد (فإن سبق آلة المسلم) آلة المجوسي في صورة السهمين أو كلب المسلم كلب المجوسي في صورة الكلبين (فقتل) الصيد (أو) لم يقتله بل (أنهاه إلى حركة مذبوح) ثم أصابه كلب المجوسي أو سهمه (حل) ولا يقدح ما وجد من المجوسي كما لو ذبح المسلم شاة فقدها مجوسي، فلو أدركه كلب المجوسي أو سهمه وفيه حياة مستقرة فقتله حرم وضمنه المجوسي للمسلم (ولو انعكس) ما ذكر بأن سبق آلة المجوسي فقتل أو أنهاه إلى حركة مذبوح (أو) لم يسبق واحد منهما (جرحاه معا) وحصل الهلاك بهما (أو جهل) ذلك، وهذه مزيدة على المحرر والشرح (أو) جرحاه (مرتبا) بأن سبق آلة أحدهما الآخر (و) لكن (لم يذفف أحدهما) - بإعجام الذال وإهمالها - أي لم يقتل سريعا فهلك بهما (حرم) الصيد في مسألة العكس، وما عطف عليها تغليبا للتحريم.
تنبيه: قضية كلامه أنه لو سبق كلب المجوسي فأمسك ولم يقتل ولم يجرح أنه إذا قتله كلب المسلم يحل، وليس مرادا بل هو حرام لأنه لما أمسكه ولم يجرحه صار مقدورا عليه، فلا يحل بقتل كلب المسلم، ولو أثخن مسلم بجراحته