مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٤
بريدة: كان رسول الله (ص) إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه - إلى أن قال -: فإذا هم أبوا الاسلام فسلهم الجزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم.
تنبيه: محل الوجوب قبل الأسر، فأما الأسير إذا طلب عقد الجزية لا تجب إجابته على الأصح كما اقتضاه كلام الروضة (إلا) إذا طلب عقدها شخص يخاف كيده كان يكون الطالب (جاسوسا نخافه) فلا نجيبه للضرر الذي يخشى منه، بل لا نقبل الجزية منه، والجاسوس صاحب سر الشر، كما أن الناموس صاحب سر الخير. ثم شرع في الركن الثالث وهو المعقود له. فقال: (ولا تعقد) الجزية (إلا لليهود والنصارى) من العرب والعجم الذين لم يعلم دخولهم في ذلك الدين بعد نسخه لأهل الكتاب، وقد قال تعالى: * (قاتلوا الذين لا يؤمنون) * إلى أن قال: * (من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية) * (والمجوس) لأنه (ص) أخذها منهم، وقال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب ولان لهم شبهة كتاب، والأظهر أنه كان لهم كتاب فرفع (وأولاد من تهود أو تنصر قبل النسخ) لدينه ولو بعد التبديل، وإن لم يجتنبوا المبدل منه تغليبا لحقن الدم، ولا تحل مناكحتهم ولا ذبيحتهم كما مر، لأن الأصل في الابضاع والميتات التحريم.
تنبيه: المراد بالنسخ نسخ التوراة بالإنجيل في اليهود، ونسخ الإنجيل في النصارى ببعثته (ص)، ولا تعقد لأولاد من تهود أو تنصر بعد النسخ بشريعة نبينا أو تهود بعد بعثة عيسى كآبائهم لأنهم تمسكوا بدين باطل وسقطت فضيلته. (أو) أي وتعقد أيضا لمن لم يعلم حاله كان (شككنا في وقته) أي التهود أو التنصر فلم نعرف أدخلوا قبل النسخ أو بعده؟ تغليبا لحقن الدم كالمجوس. وبذلك حكمت الصحابة في نصارى العرب وهم نهرا وتنوخ وبنو تغلب.
تنبيه: فهم من إطلاق المصنف أن يهود خيبر كغيرهم. وانفرد ابن أبي هريرة بإسقاط الجزية عنهم لأن النبي (ص) ساقاهم وجعلهم بذلك خولا: أي عبيدا. وسئل ابن سريج عما يدعونه من أن علي بن أبي طالب كتب لهم كتابا بإسقاطها، فقال: لم ينقل أحد من المسلمين ذلك. وأما الصابئة والسامرة فتعقد لهم الجزية إن لم تكفرهم اليهود والنصارى ولم يخالفوهم في أصول دينهم، وإلا فلا تعقد لهم، وكذا تعقد لهم لو أشكل أمرهم. وأما من ليس لهم كتاب ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان والشمس والملائكة ومن في معناهم كمن يقول إن الفلك حي ناطق، وإن الكواكب السبعة آلهة فلا يقرون بالجزية سواء فيهم العربي والعجمي. وعند أبي حنيفة تؤخذ الجزية من العجم منهم. وعند مالك تؤخذ من جميع المشركين إلا مشركي قريش. (وكذا) يقر بالجزية على المذهب (زاعم التمسك بصحف إبراهيم وزبور داود صلى الله عليهما وسلم) وكذا صحف شيث وهو ابن آدم لصلبه لأن الله تعالى أنزل عليهم صحفا، فقال: * (صحف إبراهيم وموسى) * وقال: * (وإنه لفي زبر الأولين) * وسمى كتابا كما نص عليه الشافعي فاندرجت في قوله تعالى * (من الذين أوتوا الكتاب) * وقيل لا تعقد لهم لأنها مواعظ لا أحكام لها، فليس لها حرمة الأحكام، ولا تحل مناكحتهم وذبيحتهم على المذهب عملا بالاحتياط في المواضع الثلاثة (ومن أحد أبويه كتابي والآخر وثني) تعقد له (على المذهب) وإن كان الكتابي أمه تغليبا لحقن الدم، وتحرم مناكحته وذبيحته احتياطا. والطريق الثاني لا تعقد له كما لا يصح نكاحه.
تنبيه: قوله على المذهب راجع إلى هذه المسألة وإلى التي قبلها، ولو ظفرنا بقوم وادعوا أو بعضهم التمسك تبعا لتمسك آبائهم بكتاب قبل النسخ، ولو بعد التبديل صدقنا المدعين دون غيرهم وعقد لهم الجزية لأن دينهم لا يعرف إلا من جهتهم، فإن شهد عدلان بكذبهم فإن كان قد شرط عليهم في العقد قتالهم إن بان كذبهم اغتلناهم، وكذا إن
(٢٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548