مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٨
فروع: يمنعون أيضا من إظهار دفن موتاهم، ومن النوح واللطم، ومن إسقاء مسلم خمرا، ومن إطعامه خنزيرا، ومن رفع أصواتهم على المسلمين، ومن استبذالهم إياهم في الخدمة بأجرة وغيرها، فإن أظهروا شيئا من ذلك عزروا، وإن لم يشرط في العقد. (ولو شرطت هذه الأمور) من إحداث الكنيسة فما بعده في العقد: أي شرط نفيها (فخالفوا) ذلك بإظهارها (لم ينتقض العهد) بذلك لأنهم يتدينون بها من غير ضرر على المسلمين فيها بخلاف القتال ونحوه كما سيأتي، وحملوا الشرط المذكور على تخويفهم (ولو قاتلونا) ولا شبهة لهم (أو امتنعوا من) أداء (الجزية) (أو من إجراء حكم الاسلام) عليهم (انتقض) عهدهم بذلك وإن لم يشرط عليهم الانتقاض به لمخالفته مقتضى العقد. أما إذا كانت شبهة كأن أعانوا طائفة من أهل البغي وادعوا الجهل أو صال عليهم طائفة من متلصصي المسلمين وقطاعهم فقاتلوهم دفعا فلا يكون ذلك نقضا وسواء كان امتناعهم من أصل الجزية أو من الزائد على الدينار.
تنبيه: هذه النسبة للقادر، أما العاجز إذا استمهل لا ينتقض عهده. قال الإمام: ولا يبعد أخذها من الموسر قهرا ولا ينتقض ويخص بالمتغلب المقاتل وأقره الرافعي، قال الإمام: وإنما يؤثر عدم الانقياد لأحكام الاسلام إذا كان يتعلق بقوة وعدة ونصب للقتال. وأما الممتنع هاربا فلا ينتقض، وجزم به في الحاوي الصغير. (ولو زنى ذمي بمسلمة) مع علمه بإسلامها حال الزنا، وسيأتي جواب هذه المسألة وما عطف عليها في قوله فالأصح إلخ، فإن لم يعلم الزاني بإسلامها كما لو عقد على كافرة فأسلمت بعد الدخول بها فأصابها في العدة فلا ينتقض عهده بذلك (أو أصابها بنكاح) أي باسمه أو لاط بغلام مسلم أو قتل مسلما قتلا يوجب قصاصا، وإن لم نوجبه عليه كذمي حر قتل عبدا مسلما أو قطع طريقا على مسلم (أو دل أهل الحرب على عورة) أي خلل (للمسلمين) الموجدين فيهم بسبب ضعف أو غيره أو آوى جاسوسا لهم (أو فتن مسلما عن دينه) أو قذف مسلما ادعاه إلى دينهم (أو طعن الاسلام أو القرآن أو) سب الله أو (ذكر رسول الله (ص)) أو غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه (بسوء) مما لا يتدينون به وفعلوا ذلك جهرا (فالأصح) في المسائل المذكورة (أنه إن شرط) عليهم (انتقاض العهد بها انتقض، وإلا فلا) ينتقض لمخالفته الشرط الأول دون الثاني. وهذا ما في المحرر، وصححه في الشرح الصغير، ونقله الزركشي وغيره عن نص الشافعي، والثاني ينتقض مطلقا، لما فيه من الضرر، والثالث لا ينتقض مطلقا، ودفع في أصل الروضة تصحيحه وعلى الأول لو نكح كافرة، ثم أسلمت بعد الدخول فوطئها في العدة، لم ينتقض عهده مطلقا، فقد يسلم فيستمر نكاحه.
أما ما يتدينون به كقولهم: القرآن ليس من عند الله، أو محمد ليس بنبي، فلا انتقاض به مطلقا، ويعزرون على ذلك، ولو شرط عليه الانتقاض بذلك ثم قتل بمسلم أو بزناه حالة كونه محصنا بمسلمة صار ماله فيئا كما قاله ابن المقري، لأنه حربي مقتول تحت أيدينا لا يمكن صرفه لأقاربه الذميين لعدم التوارث، ولا للحربيين، لأنا إذا قدرنا على مالهم أخذناه فيئا أو غنيمة وشرط الغنيمة هنا ليس موجودا.
تنبيه: قول المصنف: وإلا فلا يدخل فيه ما لو أشكل الحال في شرط ما ذكر وعدمه، لكن قال في الانتصار:
يجب تنزيله على أنه مشروط، لأن مطلق العقد يحمل على المتعارف، وهذا العقد في مطلق الشرع كان مشتملا على هذه الشرائط، وهذا ظاهر وإن نظر فيه ابن الرفعة. (ومن انتقض عهده بقتال جاز دفعه) بغيره (و) جاز أيضا (قتله) لقوله تعالى * (فإن قاتلوكم فاقتلوهم) * ولا يبلغ مأمنه، إذ لا وجه لتبليغه مأمنه مع نصبه القتال، وحينئذ فيتخير
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548