مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٠
سقطت الإهانة قطعا. (قلت: هذه الهيئة) المذكورة في المحرر (باطلة) لأنها لا أصلها من السنة، ولا تقل عن فعل أحد من السلف (و) حينئذ (دعوى استحبابها أشد خطأ) من دعوى جوازها، ودعوى وجوبها أشد خطأ من دعوى استحبابها (والله أعلم) وكان القياس أن يقول أشد بطلانا ليطابق قوله باطلة. قال ابن قاسم: وكأنه أراد بالباطلة الخطأ. قال في زيادة الروضة: وإنما ذكرها طائفة من الخراسانيين. وقال جمهور الأصحاب: تؤخذ الجزية برفق كأخذ الديون اه‍.
قال الشارح: وفيه تحمل على الذاكرين لها، وللخلاف فيها المستند إلى تفسير الصغار في الآية المبني عليها المسائل المذكورة.
قال ابن النقيب: ولم أر من تعرض لذلك هل هو حرام أو مكروه؟ وقضية كونها كسائر الديون التحريم اه‍. وتصريح المصنف بالبطلان يقتضي التحريم، ويجوز للذمي أن يحيي الجزية وعشر التجارة من أهل الذمة (ويستحب) وإن كان قضية كلام الجمهور الجواز (للإمام إذا أمكنه أن يشرط) بنفسه أو نائبه (عليهم) أي الكفار (إذا صولحوا في بلدهم ضيافة من يمر بهم من المسلمين) وإن لم يكن المار من أهل الفئ أو كان غنيا، لما رواه البيهقي أنه (ص) صالح أهل أيلة على ثلاثمائة دينار، وكانوا ثلاثمائة رجل. وعلى ضيافة من يمر بهم من المسلمين ولان فيه مصلحة ظاهرة لفقراء المسلمين ولأغنيائهم، فإنهم قد لا يبيعون منهم إذا مروا بهم فيتضررون، فإذا علموا أن ضيافتهم عليهم واجبة بادروا إلى البيع خوفا من نزولهم عندهم.
تنبيه: قوله في بلدهم يقتضي المنع فيما إذا صولحوا في بلدنا. قال الزركشي: وبه صرح سليم في المجرد وصاحب الاستقصاء. قال الأذرعي: والظاهر أنهم لو صولحوا في بلادنا وانفردوا في قرية كان الحكم كذلك، وكلام كثير يقتضيه، وقول المصنف: أن يشرط المفعول النائب عن فاعل يستحب: أي يستحب عند الامكان اشتراط الضيافة لا أنه فاعل أمكنه ويكون ما ذكر (زائدا على أقل جزية) لأن الجزية مبنية على التملك والضيافة على الإباحة فلم يجز الاكتفاء بها، كما لا يجوز التغدية والتعشية عن الكفارة (وقيل يجوز) أن تحسب الضيافة (منها) لأنه ليس عليهم إلا الجزية، وعلى هذا يشترط أن يكون الضيف من أهل الفئ (وتجعل) الضيافة (على غني ومتوسط، لا) على (فقير في الأصح) المنصوص لأنها تتكرر فيعجز عنها. والثاني عليه أيضا كالجزية (ويذكر) العاقد عند اشتراط الضيافة (عدد الضيفان) بكسر الضاد - جمع ضيف، من ضاف إذا مال (رجالا وفرسانا) لأنه أقطع للمنازعة وأنفى للغرر.
تنبيه: كلامه صادق بأمرين: إما أن يشترط ذلك على كل واحد منهم كأن يقول: أقررتكم على أن على الغني منكم أربعة دنانير وضيافة عشرة أنفس في كل يوم رجالة كذا وفرسانا كذا، أو على المجموع كأن تضيفوا في كل سنة ألف مسلم، ثم يوزعون فيما بينهم، أو يتحمل بعضهم عن بعض. وإذا تفاوتوا في الجزية استحب أن يفاوت بينهم في الضيافة فيجعل على الغني عشرين مثلا، وعلى المتوسط عشرة، ولا يفاوت بينهم في جنس الطعام، لأنه لو شرط على الغني أطعمة فاخرة أجحف به الضيفان، وإن ازدحم الضيفان على المضيف لهم أو عكسه خير المزدحم عليه، وإن كثرت الضيفان عليهم بدءوا بالسابق لسبقه، وإن تساووا أقرع بينهم، وليكن للضيفان عريف يرتب أمرهم كما صرح به في أصل الروضة ويذكر (جنس الطعام والأدم وقدرهما ولكل واحد) من الضيفان (كذا) من الخبز، وكذا من السمن أو الزيت بحسب العرف لأنه أنفى للغرر، والمعتبر فيه طعامهم وأدمهم نفيا للمشقة عنهم. قال الماوردي:
فإن كانوا يقتاتون الحنطة ويتأدمون باللحم كان عليهم أن يضيفوهم كذلك، وإن كانوا يقتاتون الشعير ويتأدمون
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548