يستحسن قطع من بعدهم عن رقبته ومنفعته وأجره من أهله إجارة مؤبدة بالخراج المضروب عليه على خلاف سائر الإجارات وجوزت كذلك للمصلحة الكلية. قال العلماء: لأنه بالاسترداد رجع إلى حكم أموال الكفار، وللإمام أن يفعل بالمصلحة الكلية في أموالهم ما لا يجوز في أموالنا كما يأتي مثله في مسألة البراءة، والرجعة وغيرهما.
تنبيه: معلوم أن البدل إنما يكون ممن يكن بذله كالغانمين وذوي القربى أن انحصروا بخلاف بقية أهل الخمس فلا يحتاج الإمام في وقف حقهم إلى بذل لأن له أن يعمل في مثل ذلك ما فيه مصلحة لأهله. (وخراجه) المضروب عليه (أجرة) منجمة (تؤدى كل سنة لمصالح المسلمين) الأهم فالأهم، وليس لأهل السواد بيعه ورهنه وهبته لكونه صار وقفا ولهم إجارته مدة معلومة لا مؤبدة كسائر الإجارات، وإنما خولف في إجارة عمر رضي الله تعالى عنه للمصلحة الكلية كما مر، ولا يجوز لغير ساكنه إزعاجهم عنه ويقول أنه استغله وأعطي الخراج لأنهم ملكوا بالإرث المنفعة بعقد بعض آبائهم مع عمر رضي الله تعالى عنه والإجارة لازمة لا تنفسخ بالموت.
تنبيه: كان قدر الخراج في كل سنة ما فرضه عثمان بن حنيف لما بعثه عمر ماسحا، وهو على كل جريب شعير درهمان، وجريب حنطة أربعة، وجريب شجر وقصب سكر ستة، وجريب نخل ثمانية، وجريب كرم عشرة وجريب زيتون اثنا عشر درهما، والجريب عشر قصبات، كل قصبة ستة أذرع بالهاشمي، كل ذراع ست قبضات، كل قبضة أربع أصابع، فالجريب مساحة مربعة، بين كل جانبين منها ستون ذراعا هاشميا. قال في الأنوار: الجريب ثلاثة آلاف وستمائة ذراع. قال الرافعي: وكان مبلغ ارتفاع خراج السواد في زمن عمر رضي الله تعالى عنه مائة ألف ألف وستة وثلاثين ألف ألف درهم ثم تناقص إلى أن بلغ في أيام الحجاج ثمانية عشر ألف ألف درهم لظلمه وغشمه، فلما ولي عمر بن عبد العزيز ارتفع بعدله وعمارته في السنة الأولى إلى ثلاثين ألف ألف درهم، وفي السنة الثانية إلى ستين ألف ألف درهم، وقال: إن عشت لأزيدنه إلى ما كان في أيام عمر رضي الله تعالى عنه فمات في تلك السنة. (وهو) أي سواد العراق باتفاق مصنفي الفتوح والتاريخ زمن عرف أسماء البلدان (من) أول (عبادان) - بموحدة مشددة - مكان قرب البصرة (إلى حديثة الموصل) بحاء مهملة وميم مفتوحتين (طولا) وقيدت الحديثة بالموصل لاخراج حديثة أخرى عند بغداد، سميت الموصل، لأن نوحا ومن كان معه في السفينة لما نزلوا على الجودي أرادوا أن يعرفوا قدر الماء المتبقي على الأرض فأخذوا حبلا وجعلوا فيه حجر ثم دلوه في الماء فلم يزالوا كذلك حتى بلغوا مدينة الموصل، فلما وصل الحجر سميت الموصل. ثم أخذ المصنف في بيان عرض السواد بقوله (ومن) أول (القادسية) اسم مكان بينه وبين الكوفة نحو مرحلتين، وبين بغداد نحو خمس مراحل، سميت بذلك لأن قوما من قادس نزلوها (إلى) آخر (حلوان) - بضم المهملة - بلد معروف (عرضا) هذا ما في المحرر. وقال في الشرح: فيه تساهل لأن البصرة كانت سبخة أحياها عثمان بن أبي العاص بعد فتح العرق، وهي داخلة في هذا الحد المذكور فلذلك استدرك المصنف على إطلاق المحرر بقوله: (قلت) كما قال الرافعي في الشرح (الصحيح أن البصرة) - بتثليث الموحدة والفتح أفصح - مدينة بناها عتبة بن غزوان زمن عمر رضي الله تعالى عنه سنة سبع عشرة ولم يعبد بعدها صنم قط، ويقال لها قبة الاسلام، وهي أقوم البلاد قبلة، وهي (وإن كانت داخلة في حد السواد) المضاف إلى العراق (فليس لها حكمه إلا في موضع غربي دجلتها) - بكسر الدال - نهر مشهور بالعراق (و) إلا (في موضع شرقيها) يسمى الفرات، وما سواهما منها فموات أحياه المسلمون بعد ذلك.
تنبيه: ما في أرض سواد العراق من الأشجار ثمارها للمسلمين يبيعها الإمام، ويصرف أثمانها أو يصرفها نفسها مصارف الخراج، وهو مصالح المسلمين كما مر. (و) الصحيح (أن ما في السواد من الدور والمساكن يجوز