مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٥
يستحسن قطع من بعدهم عن رقبته ومنفعته وأجره من أهله إجارة مؤبدة بالخراج المضروب عليه على خلاف سائر الإجارات وجوزت كذلك للمصلحة الكلية. قال العلماء: لأنه بالاسترداد رجع إلى حكم أموال الكفار، وللإمام أن يفعل بالمصلحة الكلية في أموالهم ما لا يجوز في أموالنا كما يأتي مثله في مسألة البراءة، والرجعة وغيرهما.
تنبيه: معلوم أن البدل إنما يكون ممن يكن بذله كالغانمين وذوي القربى أن انحصروا بخلاف بقية أهل الخمس فلا يحتاج الإمام في وقف حقهم إلى بذل لأن له أن يعمل في مثل ذلك ما فيه مصلحة لأهله. (وخراجه) المضروب عليه (أجرة) منجمة (تؤدى كل سنة لمصالح المسلمين) الأهم فالأهم، وليس لأهل السواد بيعه ورهنه وهبته لكونه صار وقفا ولهم إجارته مدة معلومة لا مؤبدة كسائر الإجارات، وإنما خولف في إجارة عمر رضي الله تعالى عنه للمصلحة الكلية كما مر، ولا يجوز لغير ساكنه إزعاجهم عنه ويقول أنه استغله وأعطي الخراج لأنهم ملكوا بالإرث المنفعة بعقد بعض آبائهم مع عمر رضي الله تعالى عنه والإجارة لازمة لا تنفسخ بالموت.
تنبيه: كان قدر الخراج في كل سنة ما فرضه عثمان بن حنيف لما بعثه عمر ماسحا، وهو على كل جريب شعير درهمان، وجريب حنطة أربعة، وجريب شجر وقصب سكر ستة، وجريب نخل ثمانية، وجريب كرم عشرة وجريب زيتون اثنا عشر درهما، والجريب عشر قصبات، كل قصبة ستة أذرع بالهاشمي، كل ذراع ست قبضات، كل قبضة أربع أصابع، فالجريب مساحة مربعة، بين كل جانبين منها ستون ذراعا هاشميا. قال في الأنوار: الجريب ثلاثة آلاف وستمائة ذراع. قال الرافعي: وكان مبلغ ارتفاع خراج السواد في زمن عمر رضي الله تعالى عنه مائة ألف ألف وستة وثلاثين ألف ألف درهم ثم تناقص إلى أن بلغ في أيام الحجاج ثمانية عشر ألف ألف درهم لظلمه وغشمه، فلما ولي عمر بن عبد العزيز ارتفع بعدله وعمارته في السنة الأولى إلى ثلاثين ألف ألف درهم، وفي السنة الثانية إلى ستين ألف ألف درهم، وقال: إن عشت لأزيدنه إلى ما كان في أيام عمر رضي الله تعالى عنه فمات في تلك السنة. (وهو) أي سواد العراق باتفاق مصنفي الفتوح والتاريخ زمن عرف أسماء البلدان (من) أول (عبادان) - بموحدة مشددة - مكان قرب البصرة (إلى حديثة الموصل) بحاء مهملة وميم مفتوحتين (طولا) وقيدت الحديثة بالموصل لاخراج حديثة أخرى عند بغداد، سميت الموصل، لأن نوحا ومن كان معه في السفينة لما نزلوا على الجودي أرادوا أن يعرفوا قدر الماء المتبقي على الأرض فأخذوا حبلا وجعلوا فيه حجر ثم دلوه في الماء فلم يزالوا كذلك حتى بلغوا مدينة الموصل، فلما وصل الحجر سميت الموصل. ثم أخذ المصنف في بيان عرض السواد بقوله (ومن) أول (القادسية) اسم مكان بينه وبين الكوفة نحو مرحلتين، وبين بغداد نحو خمس مراحل، سميت بذلك لأن قوما من قادس نزلوها (إلى) آخر (حلوان) - بضم المهملة - بلد معروف (عرضا) هذا ما في المحرر. وقال في الشرح: فيه تساهل لأن البصرة كانت سبخة أحياها عثمان بن أبي العاص بعد فتح العرق، وهي داخلة في هذا الحد المذكور فلذلك استدرك المصنف على إطلاق المحرر بقوله: (قلت) كما قال الرافعي في الشرح (الصحيح أن البصرة) - بتثليث الموحدة والفتح أفصح - مدينة بناها عتبة بن غزوان زمن عمر رضي الله تعالى عنه سنة سبع عشرة ولم يعبد بعدها صنم قط، ويقال لها قبة الاسلام، وهي أقوم البلاد قبلة، وهي (وإن كانت داخلة في حد السواد) المضاف إلى العراق (فليس لها حكمه إلا في موضع غربي دجلتها) - بكسر الدال - نهر مشهور بالعراق (و) إلا (في موضع شرقيها) يسمى الفرات، وما سواهما منها فموات أحياه المسلمون بعد ذلك.
تنبيه: ما في أرض سواد العراق من الأشجار ثمارها للمسلمين يبيعها الإمام، ويصرف أثمانها أو يصرفها نفسها مصارف الخراج، وهو مصالح المسلمين كما مر. (و) الصحيح (أن ما في السواد من الدور والمساكن يجوز
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548