مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٣٠
الخلاف المتقدم هل تسبى أو لا؟. ثانيهما التقييد بكونهما حرين يقتضي عدم الانفساخ فيما إذا كان أحدهما حرا والآخر رقيقا، وليس مرادا، فلو كانت حرة وهو رقيق وسبيت وحدها أو معه انفسخ أيضا، والحكم في عكسه كذلك إن كان الزوج غير مكلف أو مكلفا وأرقه الإمام، لأن العلة في انفساخ النكاح زوال ملكه عن نفسه فزوجته كذلك. (قيل:
أو رقيقين) فينفسخ النكاح بينهما لحدوث السبي، والأصح المنع إذا لم يحدث رق، وإنما انتقل الملك من مالك إلى آخر فأشبه البيع، والخلاف جار سواء أسلما أم لا.
تنبيه: لو استأجر مسلم حربيا فاسترق أو داره فغنمت كان له استيفاء مدته، لأن منافع الأموال مملوكة ملكا تاما مضمونة باليد كأعيان الأموال، وكما لا تغنم العين المملوكة للمسلم لا تغنم المنافع المملوكة له، بخلاف منفعة البضع فإنها تستباح ولا تملك ملكا تاما، ولهذا لا تضمن باليد. (وإذا أرق) حربي (وعليه دين) لغير حربي (لم يسقط) لأن شغل الذمة قد حصل ولم يوجد ما يقتضي إسقاطه، أما إذا كان الحربي فيسقط لعدم احترامه، وإذا لم يسقط دين غير الحربي (فيقضي من ماله) حيث كان له مال (إن غنم بعد إرقاقه) ولو حكم بزوال ملكه عنه بالرق كما أن دين المرتد يقضى من ماله وإن حكم بزوال ملكه، ولان الدين يقدم على الغنيمة كما يقدم على الوصية، أما إذا لم يكن له مال فإن دينه يبقى في ذمته إلى أن يعتق ويوسر، وخرج بقوله بعد إرقاقه ما إذا غنم قبله فلا يقضى منه، لأن الغانمين ملكوه، وكذا ما غنم مع استرقاقه في الأصح، فإن حق الغانمين تعلق بعين المال وحق صاحب الدين كان في الذمة وما يتعلق بالعين يقدم على المتعلق بالذمة، وهل يحل الدين المؤجل بالرق؟ فيه وجهان: أصحهما أنه يحل، لأنه يشبه الموت من حيث أنه يزيل الملك ويقطع النكاح.
تنبيهان: أحدهما لو كان الدين الذي على الحربي للسابي قال الشيخان: ففي سقوطه الوجهان فيمن كان له دين على عبد غيره فملكه أي فيسقط، وهذا كما قال الأسنوي إنما هو ظاهر في قدر حصته وهي الأربعة أخماس، وأما الخمس فينبغي أن لا يسقط ما يقابله قطعا ولهذا عدل ابن المقري عن هذه العبارة وقال: فلو ملكه الغريم سقط اه‍. فعلم أنه لا يسقط إلا بقدر ما يملكه. الثاني: لو كان الدين لحربي على غير حربي فرق من له الدين لم يسقط بل يوقف فإن عتق فله، وإن مات رقيقا ففئ. (ولو اقترض حربي من حربي) مالا (أو اشترى منه) شيئا بمال (ثم أسلما) معا أو مرتبا (أو) لم يسلما بل (قبلا جزية) أو حصل لهما أمان، أو حصل أحدهما لأحدهما وغيره للآخر كما بحثه بعض المتأخرين (دام الحق) في ذلك لالتزامه بعقد، وخرج بالمال نحو الخمر والخنزير مما لا يصح طلبه.
تنبيه: قد يفهم كلامه أنه لو أسلم أحدهما أو قبل جزية دون الآخر لا يدوم الحق، وليس مرادا في إسلام صاحب الدين قطعا وفي إسلام المديون في الأظهر. (و) الحربي (لو أتلف عليه حربي) آخر شيئا أو غصبه منه (فأسلما) أو أسلم المتلف أو الغاصب أو قبلا الجزية (فلا ضمان) عليه (في الأصح) لأنه لم يلتزم شيئا، والاتلاف ليس عقدا يستدام ولان الحربي إذا قهر حربيا على ماله ملكه والاتلاف نوع من القهر، ولان إتلاف مال الحربي لا يزيد على مال المسلم، وهو يوجب الضمان على الحربي، والثاني يضمن لأنه لازم عنده. ثم شرع في حكم أموال الحربيين، فقال: (والمال المأخوذ من أهل الحرب قهرا) عليهم حتى سلموه أو تركوه وانهزموا (غنيمة) لما مر في كتاب قسمها، وكان ينبغي أن يقول: المال الذي أخذناه ليخرج ما أخذه أهل الذمة منه، فليس بغنيمة، وإنما أعاد ذلك لضرورة التقسيم الدال عليه قوله (وكذا ما أخذه واحد أو جمع من دار الحرب بسرقة) أو نحوها ولم
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548