ولو عبدا لمسلم أو كافر أو فاسقا أو محجورا عليه لسفه أو امرأة (أمان حربي) واحد غير أسير، سواء كان بدار الحرب أم لا، في حال القتال أم لا، عين الإمام قتله كما بحثه الزركشي أم لا (وعدد محصور) منهم كأهل قرية صغيرة (فقط) فخرج بالمسلم الكافر لأنه متهم، وليس أهلا للنظر لنا، وبالمكلف غيره لالغاء عبارته، ويلحق بالمكلف السكران المتعدي بسكره على طريقة المصنف، وبالمختار المكره، وبالمحصور غيرهم كأهل بلد أو ناحية، فلا يؤمنهم الآحاد لئلا يتعطل الجهاد فيها بأمانهم. قال الإمام: ولو أمن مائة ألف منا مائة ألف منهم، فكل واحد منا لم يؤمن إلا واحدا، لكن إن ظهر انسداد وانتقاض فأمان الجميع مردود. قال الرافعي وهو ظاهر إن أمنوهم دفعة، فإن وقع مرتبا فينبغي صحة الأول فالأول إلى ظهور الخلل، واختار المصنف وقال: إنه مراد الإمام (ولا يصح أمان أسير لمن هو معهم) أو غيرهم (في الأصح) والثاني يصح لدخوله في الضابط.
تنبيه: محل الخلاف في الأسير المقيد والمحبوس وإن لم يكن مكرها لأنه مقهور بأيديهم لا يعرف وجه المصلحة لأن وضع الأمان أن يأمن المؤمن، وليس الأسير آمنا، أما أسير الدار وهو المطلق بدار الكفر الممنوع من الخروج منها فيصح أمانه كما في التنبيه وغيره، وعليه قال الماوردي: إنما يكون مؤمنه آمنا بدار الحرب لا غير إلا أن يصرح بالأمان في غيرها، وبغير الأسير الكافر الأسير لأنه بالأسر ثبت فيه حق للمسلمين، وقيده الماوردي بغير الذي أسره، أما الذي أسره فإنه يؤمنه إذا كان باقيا في يده لم يقبضه الإمام كما يجوز قتله، وفي عقد الأمان للمرأة استقلالا وجهان:
أرجحهما كما جزم به الماوردي الجواز. (ويصح) إيجاب الأمان (بكل لفظ يفيد مقصوده) صريحا كأجرتك وأمنتك أو لا تفزع كأنت على ما تحب، أو كن كما شئت (و) يصح (بكتابة) بالفوقية لاثر فيه عن عمر رضي الله تعالى عنه، ولا بد من النية لأنها كناية، أو لا تخف، أو لا بأس عليك، أو أنت آمن، أو في أماني، أو أنت مجار، ولا فرق في اللفظ المذكور بين العربي كما مر وبين العجمي كمترس: أي لا تخف أو كناية مع النية (ورسالة) لأنها أقوى من الكتابة، سواء كان الرسول مسلما أم كافرا لأن بناء الباب على التوسعة في حقن الدم، ومقتضى هذا جواز الرسول صبيا، لكن لا بد من تكليفه كالمؤمن.
تنبيه: يصح إيجاب الأمان بالتعليق بالغرر كقوله: إن جاء زيد فقد أمنتك، لما مر أن بناء الباب على التوسعة، وبإشارة مفهمة ولو من ناطق كما سيأتي في القبول، فلو أشار مسلم لكافر فظن أنه أمنه فجاءنا فأنكر المسلم أنه أمنه بها بلغناه مأمنه ولا نغتاله لعذره. فإن مات المشير قبل أن يبين الحال فلا أمان ولا اغتيال فيبلغ المأمن وإلا اغتيل، وللإمام لا للآحاد جعلها أمانا إن رأى في الدخول لها مصلحة، ولا تجب إجابة من طلب الأمان إلا إذا طلبه لسماع كلام الله تعالى فتجب قطعا، ولا يمهل أربعة أشهر، بل قدر ما يتم به البيان. (ويشترط) لصحة الأمان (علم الكافر بالأمان) كسائر العقود، فإن يعلم فلا أمان له كما قالاه، وإن نازع في ذلك البلقيني: فتجوز المبادرة إلى قتله ولو من المؤمن (فإن) علم الكافر بأمانه و (رده بطل) جزما لأنه عقد كالهبة (وكذا) يبطل (إن لم يقبل في الأصح) كغيره من العقود، والثاني يكفي السكوت لبناء الباب على التوسعة كما مر.
تنبيه: تعبيره بالأصح يقتضي أن المسألة ذات وجهين وليس مرادا، وإنما هو تردد للإمام، والترجيح بحث له، والمنقول في التهذيب وغيره الاكتفاء بالسكوت. قال البلقيني وغيره: وهو قضية نص الشافعي، فإنه لم يعتبر القبول وهو ما عليه السلف والخلف، ولما مر من بناء الباب على التوسعة، لكن يشترط مع السكوت ما يشعر بالقبول، وهو