أو لم يحصل فتح القلعة إلا به جاز قطعا، وكالمسلم الطائفة من المسلمين كما قاله الرافعي، وقضيته عدم الجواز إذا كان في المسلمين كثرة وهو كذلك. (ولو التحم حرب فتترسوا بنساء) وخناثى (وصبيان) ومجانين منهم (جاز) حينئذ (رميهم) إذا دعت الضرورة إليه، ونتوقى من ذكر لئلا يتخذوا ذلك ذريعة إلى منع الجهاد وطريقا إلى الظفر بالمسلمين، لأنا إن كففنا عنهم لأجل التترس بمن ذكر لا يكفون عنا فالاحتياط لنا أولى من الاحتياط لمن ذكر (وإن دفعوا بهم عن أنفسهم ولم تدع ضرورة إلى رميهم فالأظهر تركهم) وجوبا لئلا يؤدي إلى قتلهم من غير ضرورة وقد نهينا عن قتلهم، وهذا ما رجحه في المحرر. والثاني هو المعتمد كما صححه في زوائد الروضة جواز رميهم كما يجوز نصب المنجنيق على القلعة وإن كان يصيبهم، ولئلا يتخذوا ذلك ذريعة إلى تعطيل الجهاد أو حيلة إلى استبقاء القلاع لهم، وفي ذلك فساد عظيم. واحترز المصنف بقوله دفعوا بهم عن أنفسهم عما إذا فعلوا ذلك مكرا وخديعة لعلمهم بأن شرعنا يمنع من قتل نسائهم وذراريهم فلا يوجب ذلك ترك حصارهم ولا الامتناع من رميهم وإن أفضى إلى قتل من ذكر قطعا، قاله الماوردي. قال في البحر: وشرط جواز الرمي أن يقصد بذلك التوصل إلى رجالهم. (وإن تترسوا بمسلمين) ولو واحدا أو ذميين كذلك (فإن لم تدع ضرورة إلى رميهم تركناهم) وجوبا صيانة للمسلمين وأهل الذمة وفارق النساء والصبيان على المعتمد بأن المسلم والذمي محقونا الدم لحرمة الدين والعهد فلم يجز رميهم بلا ضرورة، والنساء والصبيان حقنوا لحق الغانمين فجاز رميهم بلا ضرورة (وإلا) بأن دعت ضرورة إلى رميهم بأن تترسوا بهم حال التحام القتال بحيث لو كففنا عنهم ظفروا بنا وكثرت نكايتهم (جاز رميهم) حينئذ (في الأصح) المنصوص ويقصد بذلك قتال المشركين ونتوقى في المسلمين وأهل الذمة بحسب الامكان لأن مفسدة الاعراض أعظم من مفسدة الاقدام، ويحتمل هلاك طائفة للدفع عن بيضة الاسلام ومراعاة الأمور الكلية. والثاني المنع إذا لم ينأت رمي الكفار إلا برمي مسلم أو ذمي وكالذمي المستأمن.
تنبيه: إذا رمى شخص إليهم فأصاب مسلما لزمته الكفارة لأنه قتل معصوما، وكذا الدية إن علمه القاتل مسلما، أو كان يمكنه توقيه والرمي إلى غيره، ولا قصاص عليهم لأنه مع تجويز الرمي لا يجتمعان، وحيث تجب في الحر دية تجب في الرقيق قيمته، ولو تترس كافر بمال مسلم أو ركب مركوبه فرماه مسلم فأتلفه ضمنه إلا إن اضطر بأن لم يمكنه في الالتحام الدفع إلا بإصابته في أحد وجهين يظهر ترجيحه، وإن قطع المتولي بأنه يضمنه كما لو أتلف مال غيره عند الضرورة، ولو تترسوا بمسلمين في نحو قلعة عند محاصرتها، فلا نرمي الترس لأنا في غنية عن رميه. (ويحرم) على من لزمه الجهاد عند التقاء صف المسلمين والكفار (الانصراف عن الصف) ولو غلب على ظنه أنه ثبت قتل لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار) *، وفي الصحيحين: اجتنبوا السبع الموبقات وعد منها الفرار يوم الزحف، وخرج بمن لزمه الجهاد من لم يلزمه كمريض وامرأة، وبالصف ما لو لقي مسلم مشركين فله الانصراف وإن طلباه، وكذا إن طلبهما فقط فله الانصراف بعد ذلك كما في الروضة وأصلها وإن قال البلقيني إنه الأظهر، ومقتضى نص المختصر أنه ليس له الانصراف، هذا (إذا لم يزد عدد الكفار على مثلينا) بأن كانوا مثلينا أو أقل، قال تعالى * (وإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين) *، وهو خبر بمعنى الامر: أي لصبر مائة لمائتين ، وعليه حمل لقوله تعالى * (إذا لقيتم فئة فاثبتوا) *، إذ لو كان خبرا على ظاهره لم يقع بخلاف المخبر عنه لأن الخلف في أخبار الله تعالى محال، والمعنى في وجوب المصابرة على الضعف أن المسلم على إحدى الحسنيين: إما أن يقتل فيدخل الجنة، أو يسلم فيفوز بالاجر والغنيمة، والكافر يقاتل على الفوز: بالدنيا (لا) منصرفا عنه (متحرفا لقتال) وأصل التحرف الزوال عن