الصوت، ويجب عرض الاسلام أولا إن علم أن الدعوى لم تبلغهم، وإلا استحب، وجاز بياتهم. قال الحليمي: وينبغي أن تعرف الغزاة الآداب التي يحتاجون إليها وما يحل منها وما يحرم، والفرق بين الراجل والفارس، ومن يسهم ومن لا يسهم له. (وله الاستعانة) على الكفار (بكفار) من أهل الذمة وغيرهم، وإنما تجوز الاستعانة بهم بشرطين:
أحدهما ما ذكره بقوله: (تؤمن خيانتهم). قال في الروضة: وأن يعرف حسن رأيهم في المسلمين. والرافعي جعل معرفة حسن رأيهم مع أمن الخيانة شرطا واحدا. وثانيهما ما ذكره بقوله: (ويكونون بحيث لو انضمت فرقتا الكفر قاومناهم) أي أنهم إذا انضموا إلى الفرقة الأخرى أمكن دفعهم، فإن زادوا بالاجتماع على الضعف لم تجز الاستعانة بهم، وشرط العراقيون قلة المسلمين. قال الرافعي: وهذا الشرط وما قبله، أي وهو مقاومة الفريقين كالمتنافيين، لأنهم إذا قلوا حتى احتاجوا لمقاومة فرقة إلى الاستعانة بالأخرى كيف يقدرون على مقاومتهما معا. قال المصنف: ولا منافاة لأن المراد أن يكون المستعان بهم فرقة يسيرة لا يكثر العدد بهم كثرة ظاهرة. قال البلقيني: وفيه لين، ثم أجاب بأن الكفار إذا كانوا مائتين مثلا وكان المسلمون مائة وخمسين ففيهم قلة بالنسبة لاستواء العددين، فإذا استعانوا بخمسين كافرا فقد استوى العددان، ولو انحاز هؤلاء الخمسون إلى العدو فصاروا مائتين وخمسين أمكن المسلمين مقاومتهم لعدم زيادتهم على الضعف. قال: وأيضا ففي كتب جمع من العراقيين اعتبار الحاجة من غير ذكر القلة، والحاجة قد يكون للخدمة فلا يتنافى الشرطان انتهى. وشرط الماوردي شرطا آخر، وهو أن يخالفوا معتقد العدو كاليهود مع النصارى وأقره في زيادة الروضة.
تنبيه: يفعل الإمام بالمستعان بهم ما يراه مصلحة من أفرادهم بجانب الجيش أو اختلاطهم به بأن يفرقهم بين المسلمين، والأولى أن يستأجرهم. لأن ذلك أحقر لهم، ويرد المخذل وهو من يخوف الناس كأن يقول: عدونا كثير وجنودنا ضعيفة، ولا طاقة لنا بهم، ويرد المرجف، وهو من يكثر الأراجيف كأن يقول: قتلت سرية كذا، ولحق مدد للعدو من جهة كذا، أو لهم كمين في موضع كذا، ويرد أيضا الخائن، وهو من يتجسس لهم ويطلعهم على العورات بالمكاتبة والمراسلة، وإنما كان (ص) يخرج عبد الله بن أبي سلول في الغزوات، وهو رأس المنافقين مع ظهور التخذيل وغيره منه، لأن الصحابة كانوا أقوياء في الدين لا يبالون بالتخذيل ونحوه، أو أنه (ص) كان يطلع بالوحي على أفعاله فلا يتضرر بكيده ويمنع هذه الثلاثة من أخذ شئ من الغنيمة حتى سلب قتيلهم. (و) الاستعانة (بعبيد بإذن السادة) لأنه ينتفع بهم في القتال: واستثنى البلقيني العبد الموصى بمنفعته لبيت المال والمكاتب كتابة صحيحة فلا يعتبر إذن سيدهما. قال شيخنا: وفيما قاله في المكاتب وقفة اه. والظاهر أنه لا بد من الاذن (و) له أيضا الاستعانة بأشخاص (مراهقين أقوياء) في قتال أو غيره كسقي ماء ومداواة الجرحى لما مر. ويصحب أيضا النساء لمثل ذلك روى مسلم عن أم عطية رضي الله عنها قالت غزوت مع رسول الله (ص) سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام، وأداوي لهم الجرحى، وأقوم على المرضى.
تنبيه: الخناثى والنساء، إن كانوا أحرارا كالمراهقين في استئذان الأولياء، أو أرقاء فكالعبيد في استئذان السادات، هذا كله إذا كانوا مسلمين. أما إحضار نساء أهل الذمة وصبيانهم ففيه قولان في الشرح والروضة بلا ترجيح ورجح البلقيني الجواز وقال إنه مجزوم به في الام، وظاهر كلامه اعتبار الاذن في العبيد دون المراهقين، ويشبه كما قال ابن شهبة اعتبار إذن الأولياء، وهو ظاهر لا سيما إذا كان أصلا، لأنا إذا اعتبرنا إذنه في البالغ ففي المراهق أولى.
فإن قيل: في الاستعانة بالمراهقين تعزير بأنفسهم، ولا أثر لرضاهم ورضا الأولياء بذلك لغرض الشهادة كما لا أثر لذلك في إتلاف أموالهم. أجيب بأن في الاستعانة بهم أثرا ظاهرا، وهو تمرنهم على الجهاد. (وله) أي الإمام (بذل الأهبة والسلاح من بيت المال ومن ماله) إعانة للغازي، وللإمام ثواب إعانته لخبر الصحيحين من جهر غازيا فقد غزا