كفارة ولا قيمة ولا إثم لأنه مأمور بدفعه، وفي الامر بالقتال والضمان منافاة، حتى لو صال العبد المغصوب أو المستعار على مالكه فقتله دفعا لم يبرأ الغاصب ولا المستعير. ويستثنى من عدم الضمان المضطر إذا قتله صاحب الطعام دفعا فإن عليه القود، قاله الذبيلي في أدب القضاء.
تنبيه: دخل في كلامهم ما لو صالت حامل على إنسان فدفعها فألقت جنينها ميتا فالأصح لا يضمنه، وقاسه القاضي على ما إذا تترس الكفار حال القتال بمسلم، واضطر المسلمون إلى قتله. (ولا يجب الدفع عن مال) لا روح فيه لأنه يجوز إباحته للغير قال الأذرعي: والظاهر أن هذا في الآحاد، فأما الإمام ونوابه فيجب عليهم الدفع عن أموال رعاياهم وكذا إن كان ماله وتعلق به حق الغير كرهن وإجارة. قال الغزالي: وإن كان مال محجور عليه أو وقف أو مالا مودعا وجب على من هو بيده الدفع عنه اه. أما ما فيه روح فيجب الدفع عنه إذا قصد إتلافه ما لم يخش على نفسه أو بضع لحرمة الروح حتى لو رأى أجنبي شخصا يتلف حيوان نفسه إتلافا محرما وجب عليه دفعه على الأصح في أصل الروضة (ويجب) الدفع (عن بضع) لأنه لا سبيل إلى إباحته، وسواء بضع أهله أو غيره، ومثل البضع مقدماته ومحل ذلك إذا لم يخف على نفسه كما قاله البغوي والمتولي (وكذا نفس) للشخص يجب الدفع عنها إذا (قصدها كافر) ولو معصوما، إذ غير المعصوم لا حرمة له والمعصوم بطلت حرمته بصياله، ولان الاستسلام للكافر ذل في الدين، ومقتضى هذه العلة جواز استسلام الكافر للكافر وبحثه الزركشي.
تنبيه: محل ممنع جواز استسلام المسلم للكافر إذا لم يجوز الأسر، فإن جوزه لم يحرم كما سيأتي إن شاء الله تعالى في السير. (أو) قصدها (بهيمة) لأنها تذبح لاستيفاء الآدمي، فلا وجه للاستسلام لها، وظاهر أن عضوه ومنفعته كنفسه (لا) إن قصدها (مسلم) ولو مجنونا ومراهقا أو أمكن دفعه بغير قتله فلا يجب دفعه (في الأظهر) بل يجوز الاستسلام له، بل يسن كما أفهمه كلام الروضة لخبر أبي داود: كن خير ابني آدم يعني قابيل وهابيل، ولمنع عثمان رضي الله تعالى عنه عبيده وكانوا أربعمائة يوم الدار، وقال: من ألقى سلاحه فهو حر، واشتهر ذلك في الصحابة رضي الله تعالى عنهم ولم ينكر عليه أحد. والثاني يجب، لقوله تعالى * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * وكما يجب عليه إصانة نفسه بأكل ما يجده، وأجاب الأول بأن في القتل شهادة بخلاف ترك الأكل.
تنبيه: محل ذلك في المحقون الدم كما قيده القاضي الحسين والإمام والغزالي والبلقيني، ليخرج المهدر كالزاني المحصن وتارك الصلاة، ومن تحتم قتله في قطع الطريق، فإن حكمهم حكم الكافر كما صرح به في الترغيب. قال الأذرعي: ويظهر الدفع عن العضو عند ظن السلامة لأنه ليس هنا شهادة، وكذلك يجب عن النفس إذا أمكن عند غلبة الظن بأنه يحصل بقتله مفاسد في الحريم والأطفال اه. وهو بحث حسن. (والدفع عن) نفس (غيره) إذا كان آدميا محترما ولو رقيقا (كهو عن نفسه) فيجب حيث يجب وينتفي حيث ينتفي إذ لا يزيد حق غيره على حق نفسه. وقد أكثر المصنف في المتن من جر ضمير الغائب بالكاف وهو قليل.
تنبيه: محل الوجوب إذا أمن الهلاك كما صرح به في أصل الروضة إذ لا يلزمه أن يجعل روحه بدلا عن روح غيره، وقول البلقيني: نعم إن كان في قتال الحربيين أو المرتدين فلا يسقط الوجوب بالخوف ظاهر، إذا كان في الصف وكانوا مثليه فأقل وإلا فلا، ولا يلزم العبد الدفع عن سيده عند الخوف على نفسه، بل السيد في ذلك كالأجنبي، حكاه الرافعي عن الإمام، ويؤخذ منه كما قال الزركشي: أنه لا يلزم الابن الدفع عن أبيه أيضا. قال: ولم يتعرضوا له، أي لوضوحه. أما لو صال شخص على غير محترم حربي فلا يجب على المسلم دفعه عنه، وإن وجب الدفع عن نفسه لعدم احترامه. (وقيل يجب) الدفع عن غيره (قطعا) لأن له الايثار بحق نفسه دون غيره، وبه جزم البغوي وغيره، وفي مسند أحمد: من أذل عنده مسلم فلم ينصره وهو قادر أن ينصره أذله الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة.