وإن كن مستترات. والشرط الثاني ما تضمنه قوله (قيل: و) بشرط (إنذار) بمعجمة (قبل رميه) على قياس الدفع بالأهون فالأهون، والأصح عدم اشتراطه للحديث المار، إذ لم يذكر فيه الانذار. قال الإمام: ومجال التردد في الكلام الذي هو موعظة وتخجيل قد يفيد وقد لا يفيد. فأما ما يوثق بكونه دافعا من تخويف وزعقة مزعجة فلا يجوز أن يكون في وجوب البداءة خلاف. قال الرافعي: وهذا حسن اه. وهو ظاهر. فإن قيل تصحيح عدم وجوب الانذار مخالف لما ذكروه من أنه لو دخل شخص داره أو خيمته بغير إذنه فإن له دفعه، وإن أتى الدفع على نفسه لم يضمنه، لكن لا يجوز قبل إنذاره على الأصح. قال الرافعي: كسائر أنواع الدفع. أجيب بأن رمي المتطلع منصوص عليه كقطع اليد في السرقة، ودفع الداخل مجتهد فيه فلزم سلوك ما يمكن، وبهذا يفرق بين ما ذكروه وما مر في تخليص اليد من عاضها من حيث أنه (ص) لما أهدر ثنية العاض بنزع المعضوض يده من فيه لم يفصل بين وجود الانذار وعدمه. ولو قتل شخص آخر في داره وقال: إنما قتلته دفعا عن نفسي أو مالي وأنكر الولي فعليه البينة بأنه قتله دفعا، ويكفي قولها دخل داره شاهر السلاح، ولا يكفي قولها دخل بسلاح من غير شهر إلا إن كان معروفا بالفساد، أو بينه وبين القتيل عداوة فيكفي ذلك للقرينة كما قاله الزركشي، ولا يتعين ضرب رجليه وإن كان الدخول بهما لأنه دخل بجميع بدنه فلا يتعين قصد عضو بعينه. ولو أخذ المتاع وخرج فله أن يتبعه ويقاتله إلى أن يطرحه، ولا يجوز دخول بيت شخص إلا بإذنه مالكا كان أو مستأجرا أو مستعيرا، فإن كان أجنبيا، أو قريبا غير محرم فلا بد من إذن صريح سواء أكان الباب مغلقا أم لا، وإن كان محرما فإن كان ساكنا مع صاحبه فيه لم يلزم الاستئذان ، ولكن عليه أن يشعره بدخوله بتنحنح أو شدة وطئ أو نحو ذلك ليستتر العريان، فإن لم يكن ساكنا فإن كان الباب مغلقا لم يدخل إلا بإذن، وإن كان مفتوحا فوجهان: والأوجه الاستئذان.
فروع: لو صال عبد مغصوب أو مستعار على المالك فقتله دفعا لم يبرأ كل من الغاصب والمستعير من الضمان إذ لا أثر بقتله دفعا، ولو قطع يد صائل دفعا وولي فتبعه فقتله قتل به، لأنه حين ولي عنه لم يكن له أن يقتله ولا شئ له في اليد، لأن النفس لا تنقص بنقص اليد، ولهذا لو قتل من له يدان من ليس له إلا يد قتل به ولا شئ عليه، ولو أمكنه الهرب من فحل صائل عليه ولم يهرب فقتله دفعا ضمن بناء على وجوب الهرب عليه إذا صال عليه إنسان. وفي حل أكل لحم الفحل الصائل الذي تلف بالدفع إن أصيب مذبحه وجهان: وجه منع الحل أنه لم يقصد الذبح والاكل والراجح كما قال الزركشي الحل كما دل عليه كلام الرافعي في الصيد والذبائح. (ولو عزر ولي) محجوره (ووال) من رفع زوجته إليه (وزوج) فيما يتعلق به من نشوز وغيره (ومعلم) صغيرا يتعلم منه ولو بإذن وليه (فمضمون) تعزيرهم.
فإذا حصل به هلاك، فإن كان بضرب يقتل غالبا فالقصاص على غير الأصل وإلا فدية شبه العمد على العاقلة لأنه مشروط بسلامة العاقبة، إذ المقصود التأديب لا الهلاك، فإذا حصل به هلاك تبين أنه جاوز الحد المشروع. فإن قيل: لو ضرب الدابة المستأجرة أو الرائض لتعلم الرياضة الضرب المعتاد فهلكت فإنه لا ضمان فهلا كان هنا كذلك؟
أجيب بأن الدابة لا يستغنى عن ضربها، وقد يستغنى عن ضرب الآدمي بالقول والزجر فضمنه.
تنبيه: دخل في تعبيره ما لا مدخل له في الهلاك كتوبيخ غير الحامل والحبس والنفي والصفعة الخفيفة لذكره قبل ذلك أن التعزير يكون بالحبس والصفع والتوبيخ، ثم أطلق التعزير هنا مع أن هذا ليس بمضمون قطعا. واقتصار المصنف على هذه الأربعة يخرج السيد في تعزير عبده فإنه غير مضمون، إذ لا يجب له شئ على نفسه، وكذا لو أذن السيد لغيره في ضرب مملوكه فضربه فمات فإنه لا ضمان كما نقلاه عن البغوي وأقراه. واستثنى البلقيني من الضمان ما إذا اعترف بما يقتضي التعزير وطلب بنفسه من الوالي تعزيره فعزره فإنه لا يضمنه لأنه ينبغي كما قال ابن شهبة: أن يقيد بما إذا عين له نوع التعزير وقدره. والزركشي: الحاكم إذا عزر الممتنع من الحق المتعين عليه مع القدرة على أدائه، وتسمية ضرب الولي والزوج والمعلم تعزيرا هو أشهر الاصطلاحين كما ذكره الرافعي. قال: ومنهم من يخص لفظ التعزير