مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٦
تنبيه: محل الخلاف بالنسبة إلى الآحاد، أما الإمام وغيره من الولاة فيجب ذلك عليهم قطعا، وقضية الوجوب أو الجواز عدم الضمان وهو ظاهر، وإن قال الشيخ أبو حامد: من قتل غيره دفعا عن مال غيره كان عليه الضمان. ومحله أيضا إذا كان المصول عليه غير نبي، أما هو فيجب الدفع عنه قطعا كما قاله الفوراني. قال الإمام: ولا يختص الخلاف بالصائل بل من أقدم على محرم من شرب خمر أو غيره فلبعض الآحاد منعه، ولو أتى على النفس كما قال الرافعي: إنه الموجود في كتب المذهب حتى قالوا: لو ظهر في بيت خمر يشرب أو طنبور يضرب أو نحوهما، فله الهجوم على متعاطيه لازالته نهيا عن المنكر، وإن لم ينتهوا فله قتالهم، وإن أتى على النفس وهو مثاب على ذلك، والغزالي ومن تبعه عبروا هنا بالوجوب ولا ينافيه تعبير الأصحاب بالجواز إذ ليس مرادهم أنه مخير فيه، بل إنه جائز بعد امتناعه قبل ارتكاب ذلك وهو صادق الوجوب، وقضية كلام المصنف أنه لا يجب الدفع عن مال الغير، لكن قال الغزالي: مهما قدر على حفظ مال غيره من الضياع من غير أن يناله تعب في بدنه، أو خسران في ماله، أو نقصان في جاهه وجب عليه، وهو أقل درجات حقوق المسلم، وهو أولى بالايجاب من رد السلام، ولا خلاف أن مال الانسان إذا كان يضيع بظلم ظالم وكان عنده شهادة وجب عليه أداؤها ويعصى بتركها. (ولو سقطت جرة) مثلا وهي - بفتح الجيم -:
إناء من فخار على إنسان (ولم تندفع عنه إلا بكسرها) جاز له، بل صرح البغوي بوجوبه صيانة لروحه، ولا ينافي ذلك الجواز كما مر، وإذا كسرها (ضمنها في الأصح) إذ لا قصد لها ولا اختيار حتى يحال عليها، فصار كالمضطر إلى طعام غيره يأكله ويضمنه. والثاني لا، لأنه دافع للضرر عن نفسه، وصححه البلقيني تنزيلا لها منزلة البهيمة الصائلة، وفرق الأول بأن البهيمة لها نوع اختيار.
تنبيه: محل الخلافة أن تكون موضوعة بمحل غير عدوان، فإن كان موضوعة بمحل عدوان كأن وضعت بروشن، أو على معتدل لكنها مائلة أو على حالة يغلب فيها سقوطها لم يضمنها قطعا، قاله الزركشي، لكن لو أبدل قوله عدوان بيضمن به كان أولى، ويضمن بهيمة لم يمكن جائعا وصوله إلى طعامه إلا بقتلها وقتلها لأنها لم تقصده وقتله لها لدفع الهلاك عن نفسه بالجوع فكان كأكل المضطر طعام غيره فإنه موجب للضمان. فإن قيل: يمكن أن يجعل الأصح هنا نفي الضمان، كما لو عم الجراد المسالك فوطئها المحرم وقتل بعضها فإنه لا ضمان عليه. أجيب بأن الحق ثم لله تعالى، وهنا للآدمي. ثم بين كيفية دفع الصائل بقوله (ويدفع الصائل بالأخف) فالأخف إن أمكن، والمعتبر غلبة الظن (فإن أمكن) دفعه (بكلام واستغاثة) - بغين معجمة ومثلثة - بالناس (حرم الضرب) أي الدفع به (أو) أمكن دفعه (بضرب بيد حرم سوط، أو) أمكن دفعه (بسوط حرم عصا، أو) أمكن دفعه (بقطع عضو حرم قتل) لأن ذلك جوز للضرورة، ولا ضرورة في الاثقل مع إمكان تحصيل المقصود بالأسهل ولو اندفع شره كأن وقع في ماء أو نار أو انكسرت رجله، أو حال بينهما جدار أو خندق لم يضربه كما صرح به في الروضة. وفائدة الترتيب المذكور أنه متى خالف وعدل إلى رتبة مع إمكان الاكتفاء بما دونها ضمن. ويستثنى من مراعاة الترتيب مسائل: الأولى: لو التحم القتال بينهما واشتد الامر عن الضبط سقط مراعاة الترتيب كما ذكره الإمام في قتال البغاة. الثانية: ما سيأتي في النظر إلى الحرم أنه يرمي بالحصاة قبل الانذار على خلاف فيه يأتي. الثالثة: لو كان الصائل يندفع بالسوط والعصا والمصول عليه لا يجد إلا السيف فالصحيح أن له الضرب به لأنه لا يمكنه الدفع إلا به، وليس بمقصر في ترك استصحاب السوط ونحوه. الرابعة: إذا رآه يولج في أجنبية فله أن يبدأ بالقتل، وإن اندفع بدونه فإنه في كل لحظة مواقع لا يستدرك بالأناة كذا قاله الماوردي والروياني وهو مردود لقول الشيخين في الروضة وأصلها: إذا وجد رجلا يزني بامرأته أو غيرها لزمه
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548