النفس الصبر) بحقه (حتى يستوفى الطرف) سواء أتقدم استحقاق النفس أم نأخر حذرا من فواته وإن قال البلغيني الذي نقوله: أن لمستحق النفس أن يقول لمستحق الطرف: إما أن نستوفي أو تعفو أو تأذن لي في التقديم، ويجبره الحاكم على أحد هذه المذكورات، فإن أبى ذلك مكن الحاكم مستحق النفس من القتل، لأنه ظهر الضرر من مستحق الطرف، وليس له عذر يمنعه من ذلك، ومستحق القتل طالب حق أثبته الله له بقوله " فقد جعلنا لوليه سلطانا " (فإن بادر) مستحق النفس (فقتل فلمستحق الطرف دية) في تركة المقتول لفوات محل الاستيفاء واستوفى حقه مستحق النفس (ولو أخر مستحق الجلد حقه فالقياس) مما سبق في هذه المسألة كما قاله الرافعي في الشرح الكبير، وسكت عن حكمها في الصغير، وعبر بها في المحرر. ينبغي (صبر الآخرين) حتى يستوفى حقه، وإن تقدم استحقاقهما لئلا يفوتا عليه حقه وإن نازع في ذلك البلقيني بقوله: تبع في القياس الرافعي، وليس القياس بالنسبة إلى القطع، لأنه يمكن أن يقطع، ثم لا يفوت الجلد لأنه يمكن استيفاؤه بعد البرء من القطع، لا سيما إذا كان الطرف إذنا أو أنملة أو نحوهما. ثم شرع في القسم الثاني، فقال (ولو اجتمع) على شخص (حدود لله تعالى) كأن شرب وزنى، وهو بكر وسرق وارتد (قدم) وجوبا (الأخف) منها (فالأخف) سعيا في إقامة الجميع، فأخفها حد الشرب فيحد له، ثم يمهل حتى يبرأ منه، ثم يجلد للزنا، ثم يمهل حتى يبرأ، ثم يقطع للسرقة، ثم يقتل بغير مهملة لأن النفس مستوفاة، وهل يقدم قطع السرقة على التغريب؟، قال ابن الرفعة: لم أر لأصحابنا تعرضنا له اه والأوجه عدم تقدمه، لأن النفس قد تفوت.
(تنبيه) قد علم من قوله: يقدم الأخف أنه لو اجتمع مع الحدود تعزير فهو المقدم، وبه صرح الماوردي، ومن قوله: فالأخف أن صورة المسألة إذا تفاوتت الحدود، فلو اجتمع قتل ردة ورجم زنا قال القاضي: يقدم قتل الردة إذا فسادها أشد، وقال الماوردي والروياني: يرجم، ويدخل فيه قتل الردة، لأن الرجم أكثر نكالا، وهذا أوجه ولو اجتمعا قتل وقطع الطريق، قال القاضي: قدم وإن جعل حدا لأنه حق آدمي، ولو اجتمع قطع سرقة وقطع محاربة قطعت يده اليمنى لهما، وهل تقطع الرجل معهما؟ وجهان: أصحهما نعم، وقيل تؤخر حتى تبرأ اليد. ثم شرع في القسم الثالث، فقال (أو) اجتمع (عقوبات لله تعالي والآدميين) كأن انضم إلى هذه العقوبات حد قذف (قدم حد قذف على) حد (زنا) كما نص عليه، واختلف في علته، قيل لأنه أخف، والأصح كونه حق آدمي وفائدة الخلاف تظهر في المسألة عبقها، وهي قوله (والأصح تقديمه) أي حد القذف (على حد الشرب) بناء على العلة الثانية في المسألة السابقة، ومقابلة على العلة الأولى (وأن القصاص قتلا وقطعا يقدم على الزناد) بمنى على العلة الثانية، ومقابلة على العلة الأولى، ولا يوالي بين حد الشرب وحد القذف بل يمهل لئلا يهلك بالتوالي.
(تنبيه) محل الخلاف في تقديم حد الزنا إذا كان الواجب الرجم، فإن كان جلدا قمد على القتل قطعا، ومحله أيضا في تقديم قطع القصاص على حد الزنا إذا كان جلدا، فإن رجما قدم القطع قطعا.
(خاتمة) لو اجتمع قتل قصاص في غير محاربة وقتل محاربة قدم السابق منهما ورجع الاخر إلى الدية " وفى اندراج قطع السرقة في قتل المحاربة فيما لو سرق وقتل في المحاربة وجهان: أوجهما كما قال شيخنا نعم، ومن زنى مرات أو سرق أو شرب كذلك أجزأه عن كل جنس حد واحد، لأن سببها واحد فتداخلت، قال القاضي الحسين وهو مقابل الزنيات كلها لئلا يخلو بعضها عنه كالمهر في النكاح الفاسد فإنه يقابل كل الوطئات، وهل وجب حدود على