المصنف بأو المقتضية للتخيير خلافه، وقضية كلامه أنه لا يستوفيه إلا الإمام. واستثنى منه مسائل. الأولى: للأب والام ضرب الصغير والمجنون زجرا لهما عن سئ الأخلاق وإصلاحا لهما، قال شيخنا: ومثلهما السفيه. وعبارة الدميري: وليس للأب تعزير البالغ وإن كان سفيها على الأصح، وتبعه ابن شهبة. الثانية: للمعلم أن يؤدب من يتعلم منه، لكن بإذن الولي كما في الروضة، وإن قال الأذرعي: الاجماع الفعلي مطرد بذلك من غير إذن. الثالثة للزوج ضرب زوجته لنشوزها ولما يتعلق به من حقوق عليها للآية السابقة أول الباب، وليس له ذلك لحق الله تعالى لأنه لا يتعلق به، وقضيته أنه ليس له ضربها على ترك الصلاة، وهو كذلك، وإن أفتى ابن البرزي بأنه يجب على الزوج أمر زوجته بالصلاة في أوقاتها، ويجب عليه ضربها على ذلك، وأما أمره لها بالصلاة فمسلم. الرابعة للسيد ضرب رقيقه لحق نفسه كما في الزوج، بل أولى لأن سلطته أقوى، وكذا لحق الله تعالى كما مر في الزنا، وتسمى هذه المسائل المستثناة تعزيرا، وقيل إنما يسمى ما عدا ضرب الإمام ونائبه تأديبا لا تعزيرا، وعلى هذا لا استثناء. (وقيل إن تعلق) التعزير (بآدمي لم يكف) فيه (توبيخ) لتأكد حق الآدمي، والأصح الاكتفاء كما في حق الله تعالى. ثم شرع في بيان قدر التعزير بقول (فإن جلد) الإمام (وجب أن ينقص في عبد عن عشرين جلدة و) في (حر عن أربعين) جلدة أدنى حدودهما، لخبر: من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين رواه البيهقي، وقال: المحفوظ إرساله، وكما يجب نقص الحكومة عن الدية والرضخ عن السهم (وقيل) يجب أن ينقص في تعزير الحر عن (عشرين) جلدة لأنها حد العبد، فهو داخل في المنع في الحديث المتقدم، وقيل لا يزاد في تعزيرهما على عشرة أسواط لحديث: لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى واختاره الأذرعي والبلقيني وقال: إنه على أصل الشافعي في اتباع الخبر، وقال صاحب التقريب: لو بلغ الشافعي لقال به، وأجاب الأول عنه بأنه منسوخ بعمل الصحابة على خلافه من غير إنكار، قال القونوي: وحمله على الأولوية بعد ثبوت العمل بخلافه أهون من النسخ ما لم يتحقق.
فائدة: أهل بدر إذا عمل أحد منهم ذنبا يقتضي حدا أو غيره أقيم عليه بالاجماع، وأما ما ورد في الحديث من أنه مغفور لهم، فقيل معناه مغفور لهم في الدار الآخرة. وقال الخطابي وغيره: المراد الماضي لا المستقبل، لأنه لو كان للمستقبل لكان إطلاقا في الذنوب، ولا وجه له، وقد حد النبي (ص) نعيمان في الخمر، وعمر رضي الله تعالى عنه قدامة بن مظعون فيه أيضا، وكانا بدريين، وضرب النبي (ص) مسطحا الحد، وكان بدريا. (ويستوي في هذا) المذكور (جميع المعاصي) السابقة، أي معصية الشرب وغيره (في الأصح) فيلحق ما هو من مقدمات الحدود بما ليس منها، إذ لا دليل على التفرقة، والثاني لا بل يقاس كل معصية بما يناسبها مما يوجب الحد (ولو عفا مستحق حد) عنه كحد قذف (فلا تعزير للإمام في الأصح) لأنه لازم مقدر لا نظر للإمام فيه، ولأنه مضبوط فجاز إسقاطه والابراء عنه. والثاني له التعزير، لأنه لا يخلو عن حق الله تعالى (أو) عفا مستحق (تعزير فله) أي الإمام التعزير (في الأصح) لحق الله تعالى وإن كان لا يعزر بدون عفو قبل مطالبة المستحق له، لأن التعزير أصله يتعلق بنظر الإمام فلم يؤثر فيه إسقاط غيره، ولان التعزير غير مضبوط، لأنه يحصل بأنواع شتى من ضرب وصفع وتوبيخ وحبس ونحو ذلك، ويحصل بقليل هذه الأمور وكثيرها ومستحقه لم يستحق نوعا معينا من أنواع التعازير ولا مقدارا معينا بل استحق مجهولا والابراء من المجهول باطل. والثاني المنع لأن المستحق قد أسقطه.
خاتمة: للإمام ترك تعزير لحق الله تعالى لاعراضه (ص) عن جماعة استحقوه كالغال في الغنيمة ولاوي