مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٩٣
المصنف بأو المقتضية للتخيير خلافه، وقضية كلامه أنه لا يستوفيه إلا الإمام. واستثنى منه مسائل. الأولى: للأب والام ضرب الصغير والمجنون زجرا لهما عن سئ الأخلاق وإصلاحا لهما، قال شيخنا: ومثلهما السفيه. وعبارة الدميري: وليس للأب تعزير البالغ وإن كان سفيها على الأصح، وتبعه ابن شهبة. الثانية: للمعلم أن يؤدب من يتعلم منه، لكن بإذن الولي كما في الروضة، وإن قال الأذرعي: الاجماع الفعلي مطرد بذلك من غير إذن. الثالثة للزوج ضرب زوجته لنشوزها ولما يتعلق به من حقوق عليها للآية السابقة أول الباب، وليس له ذلك لحق الله تعالى لأنه لا يتعلق به، وقضيته أنه ليس له ضربها على ترك الصلاة، وهو كذلك، وإن أفتى ابن البرزي بأنه يجب على الزوج أمر زوجته بالصلاة في أوقاتها، ويجب عليه ضربها على ذلك، وأما أمره لها بالصلاة فمسلم. الرابعة للسيد ضرب رقيقه لحق نفسه كما في الزوج، بل أولى لأن سلطته أقوى، وكذا لحق الله تعالى كما مر في الزنا، وتسمى هذه المسائل المستثناة تعزيرا، وقيل إنما يسمى ما عدا ضرب الإمام ونائبه تأديبا لا تعزيرا، وعلى هذا لا استثناء. (وقيل إن تعلق) التعزير (بآدمي لم يكف) فيه (توبيخ) لتأكد حق الآدمي، والأصح الاكتفاء كما في حق الله تعالى. ثم شرع في بيان قدر التعزير بقول (فإن جلد) الإمام (وجب أن ينقص في عبد عن عشرين جلدة و) في (حر عن أربعين) جلدة أدنى حدودهما، لخبر: من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين رواه البيهقي، وقال: المحفوظ إرساله، وكما يجب نقص الحكومة عن الدية والرضخ عن السهم (وقيل) يجب أن ينقص في تعزير الحر عن (عشرين) جلدة لأنها حد العبد، فهو داخل في المنع في الحديث المتقدم، وقيل لا يزاد في تعزيرهما على عشرة أسواط لحديث: لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى واختاره الأذرعي والبلقيني وقال: إنه على أصل الشافعي في اتباع الخبر، وقال صاحب التقريب: لو بلغ الشافعي لقال به، وأجاب الأول عنه بأنه منسوخ بعمل الصحابة على خلافه من غير إنكار، قال القونوي: وحمله على الأولوية بعد ثبوت العمل بخلافه أهون من النسخ ما لم يتحقق.
فائدة: أهل بدر إذا عمل أحد منهم ذنبا يقتضي حدا أو غيره أقيم عليه بالاجماع، وأما ما ورد في الحديث من أنه مغفور لهم، فقيل معناه مغفور لهم في الدار الآخرة. وقال الخطابي وغيره: المراد الماضي لا المستقبل، لأنه لو كان للمستقبل لكان إطلاقا في الذنوب، ولا وجه له، وقد حد النبي (ص) نعيمان في الخمر، وعمر رضي الله تعالى عنه قدامة بن مظعون فيه أيضا، وكانا بدريين، وضرب النبي (ص) مسطحا الحد، وكان بدريا. (ويستوي في هذا) المذكور (جميع المعاصي) السابقة، أي معصية الشرب وغيره (في الأصح) فيلحق ما هو من مقدمات الحدود بما ليس منها، إذ لا دليل على التفرقة، والثاني لا بل يقاس كل معصية بما يناسبها مما يوجب الحد (ولو عفا مستحق حد) عنه كحد قذف (فلا تعزير للإمام في الأصح) لأنه لازم مقدر لا نظر للإمام فيه، ولأنه مضبوط فجاز إسقاطه والابراء عنه. والثاني له التعزير، لأنه لا يخلو عن حق الله تعالى (أو) عفا مستحق (تعزير فله) أي الإمام التعزير (في الأصح) لحق الله تعالى وإن كان لا يعزر بدون عفو قبل مطالبة المستحق له، لأن التعزير أصله يتعلق بنظر الإمام فلم يؤثر فيه إسقاط غيره، ولان التعزير غير مضبوط، لأنه يحصل بأنواع شتى من ضرب وصفع وتوبيخ وحبس ونحو ذلك، ويحصل بقليل هذه الأمور وكثيرها ومستحقه لم يستحق نوعا معينا من أنواع التعازير ولا مقدارا معينا بل استحق مجهولا والابراء من المجهول باطل. والثاني المنع لأن المستحق قد أسقطه.
خاتمة: للإمام ترك تعزير لحق الله تعالى لاعراضه (ص) عن جماعة استحقوه كالغال في الغنيمة ولاوي
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548