مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٧٦
به مما يقبل فيه رجوعه كأن يقول له في السرقة: لعلك أخذت من غير حرز، وفي الزنا: لعلك أخذت أو لمست، وفي الشرب: لعلك لم تعلم أن ما شربته مسكر، لأنه (ص) قال لمن أقر عنده بالسرقة: ما إخالك سرقت قال بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا، فأمر به فقطع. وقال لماعز: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت رواه البخاري (ولا) يصرح بذلك فلا (يقول) له (ارجع) عنه أو نحو ذلك كاجحده لا يكون أمرا بالكذب، والثاني لا يعرض له بالرجوع كما لا يصرح له به، والثالث يعرض له إن لم يعلم أن له الرجوع وإن علم فلا.
تنبيهات: قضية كلام المصنف أن الخلاف في الجواز، وأنه لا يستحب وهو الأصح في الشرح والروضة، لكن في البحر عن الأصحاب أن يستحب، وأشار المصنف في شرح مسلم إلى نقل الاجماع فيه، واحترز بالاقرار عما إذا ثبت زناه بالبينة فإنه يعرض له بالرجوع، وبقوله: ومن أقر عما قبل الاقرار، فإن للقاضي أن يعرض له بالانكار ويحمله عليه أي يلقنه إياه قطعا، وبقوله لله تعالى من حقوق الآدميين فإنه لا يعرض بالرجوع عنها، وهل للحاكم أن يعرض للشهود بالتوقف في حدود الله تعالى وجهان: أصحهما في زيادة الروضة نعم إن رأى المصلحة في الستر، وإلا فلا. قال الأذرعي: ولم يصرحوا بأن التصريح بذلك لا يجوز أو مكروه، والظاهر أن مرادهم الأول اه‍. وكلام المصنف يقتضي أن قوله: ولا يقول ارجع من تتمة ما قال إنه الصحيح وليس مرادا، بل هو مجزوم به في الرافعي وغيره.
وأما الشفاعة في الحد، فقال المصنف في شرح مسلم: أجمع العلماء على تحريمها بعد بلوغ الإمام، وأنه يحرم تشفيعه فيه، أما قبل بلوغ الإمام فأجازها أكثر العلماء إن لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس، فإن كان لم يشفع، وستأتي الشفاعة في التعزيز في بابه. (ولو أقر) شخص (بلا) سبق (دعوى) عليه (إنه سرق مال زيد الغائب لم يقطع في الحال، بل ينتظر حضوره) ومطالبته (في الأصح) المنصوص لأنه ربما حضر أقر أنه كان أباح له المال أو يقر له بالملك فيسقط الحد وإن كذبه السارق للشبهة، والثاني يقطع في الحال عملا بإقراره كما لو أقر أنه زنى بفلانة فإنه لا ينتظر حضورها، وفرق الأول بأن حد الزنا لا يسقط بإباحة الوطئ وحد السرقة يسقط بإباحة المال، وعلى الأول هل يحبس إلى أن يقدم الغائب أو لا؟ فيه خلاف قال: وأشار الإمام إلى أن الظاهر عند الأصحاب أنه يحبس لما يتعلق به من حق الله تعالى وصححه في الكفاية وقال الأذرعي: إنه ظاهر نص الشافعي في الام، وجزم به صاحب الأنوار.
تنبيه: لو سرق مال صبي أو مجنون، قال شيخنا: أو سفيه فيما يظهر انتظرنا بلوغه أو إفاقته أو رشده لاحتمال أن يقر له بأنه مالك لما سرقه كالغائب.
فرعان: لو أقر شخص لغائب بمال لم يطالبه الحاكم به إذ ليس له المطالبة بمال الغائب إلا إن مات الغائب عن المال وخلفه لطفل ونحوه فله أن يطالب المقر به ويحبسه، ولو أقر عبد بسرقة دون النصاب لم يقبل إلا إن صدقه سيده أو نصاب قطع كإقراره بجناية توجب قصاصا ولا يثبت المال وإن كان بيده كما علم ذلك من باب الاقرار. (أو) أقر (أنه أكره أمة غائب على زنا حد في الحال) ولم ينتظر حضور الغائب (في الأصح) لأن حد الزنا لا يتوقف على الطلب، ولو حضر وقال: كنت أبحتها له لم يسقط الحد لأن إباحة البضع ملغاة، والثاني ينتظر حضوره لاحتمال أن يقر إنه كان وقفها عليها، والمذكور في كتاب للوقف إن الحد مبني على أقوال الملك، إن جعلناه له فلا حد، وإلا حد.
تنبيه: ذكر الاكراه ليس بقيد، فإنه لو قال زنيت بأمة فلان ولم يذكر إكراها كان الحكم كذلك والمصنف إنما ذكره، لأن فيه حقا للسيد، وهو المهر، لكن هذا لا تعلق به بالحد. (وتثبت) السرقة الموجبة للقطع (بشهادة رجلين) كسائر العقوبات غير الزنا فإنه خص بمزيد العدد (فلو شهد رجل وامرأتان) بسرقة أو أقام المدعي شاهدا بها وحلف معه (ثبت المال ولا قطع) على السارق، كما لو علق الطلاق أو العتق على غصب أو سرقة فشهد
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548