به مما يقبل فيه رجوعه كأن يقول له في السرقة: لعلك أخذت من غير حرز، وفي الزنا: لعلك أخذت أو لمست، وفي الشرب: لعلك لم تعلم أن ما شربته مسكر، لأنه (ص) قال لمن أقر عنده بالسرقة: ما إخالك سرقت قال بلى، فأعاد عليه مرتين أو ثلاثا، فأمر به فقطع. وقال لماعز: لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت رواه البخاري (ولا) يصرح بذلك فلا (يقول) له (ارجع) عنه أو نحو ذلك كاجحده لا يكون أمرا بالكذب، والثاني لا يعرض له بالرجوع كما لا يصرح له به، والثالث يعرض له إن لم يعلم أن له الرجوع وإن علم فلا.
تنبيهات: قضية كلام المصنف أن الخلاف في الجواز، وأنه لا يستحب وهو الأصح في الشرح والروضة، لكن في البحر عن الأصحاب أن يستحب، وأشار المصنف في شرح مسلم إلى نقل الاجماع فيه، واحترز بالاقرار عما إذا ثبت زناه بالبينة فإنه يعرض له بالرجوع، وبقوله: ومن أقر عما قبل الاقرار، فإن للقاضي أن يعرض له بالانكار ويحمله عليه أي يلقنه إياه قطعا، وبقوله لله تعالى من حقوق الآدميين فإنه لا يعرض بالرجوع عنها، وهل للحاكم أن يعرض للشهود بالتوقف في حدود الله تعالى وجهان: أصحهما في زيادة الروضة نعم إن رأى المصلحة في الستر، وإلا فلا. قال الأذرعي: ولم يصرحوا بأن التصريح بذلك لا يجوز أو مكروه، والظاهر أن مرادهم الأول اه. وكلام المصنف يقتضي أن قوله: ولا يقول ارجع من تتمة ما قال إنه الصحيح وليس مرادا، بل هو مجزوم به في الرافعي وغيره.
وأما الشفاعة في الحد، فقال المصنف في شرح مسلم: أجمع العلماء على تحريمها بعد بلوغ الإمام، وأنه يحرم تشفيعه فيه، أما قبل بلوغ الإمام فأجازها أكثر العلماء إن لم يكن المشفوع فيه صاحب شر وأذى للناس، فإن كان لم يشفع، وستأتي الشفاعة في التعزيز في بابه. (ولو أقر) شخص (بلا) سبق (دعوى) عليه (إنه سرق مال زيد الغائب لم يقطع في الحال، بل ينتظر حضوره) ومطالبته (في الأصح) المنصوص لأنه ربما حضر أقر أنه كان أباح له المال أو يقر له بالملك فيسقط الحد وإن كذبه السارق للشبهة، والثاني يقطع في الحال عملا بإقراره كما لو أقر أنه زنى بفلانة فإنه لا ينتظر حضورها، وفرق الأول بأن حد الزنا لا يسقط بإباحة الوطئ وحد السرقة يسقط بإباحة المال، وعلى الأول هل يحبس إلى أن يقدم الغائب أو لا؟ فيه خلاف قال: وأشار الإمام إلى أن الظاهر عند الأصحاب أنه يحبس لما يتعلق به من حق الله تعالى وصححه في الكفاية وقال الأذرعي: إنه ظاهر نص الشافعي في الام، وجزم به صاحب الأنوار.
تنبيه: لو سرق مال صبي أو مجنون، قال شيخنا: أو سفيه فيما يظهر انتظرنا بلوغه أو إفاقته أو رشده لاحتمال أن يقر له بأنه مالك لما سرقه كالغائب.
فرعان: لو أقر شخص لغائب بمال لم يطالبه الحاكم به إذ ليس له المطالبة بمال الغائب إلا إن مات الغائب عن المال وخلفه لطفل ونحوه فله أن يطالب المقر به ويحبسه، ولو أقر عبد بسرقة دون النصاب لم يقبل إلا إن صدقه سيده أو نصاب قطع كإقراره بجناية توجب قصاصا ولا يثبت المال وإن كان بيده كما علم ذلك من باب الاقرار. (أو) أقر (أنه أكره أمة غائب على زنا حد في الحال) ولم ينتظر حضور الغائب (في الأصح) لأن حد الزنا لا يتوقف على الطلب، ولو حضر وقال: كنت أبحتها له لم يسقط الحد لأن إباحة البضع ملغاة، والثاني ينتظر حضوره لاحتمال أن يقر إنه كان وقفها عليها، والمذكور في كتاب للوقف إن الحد مبني على أقوال الملك، إن جعلناه له فلا حد، وإلا حد.
تنبيه: ذكر الاكراه ليس بقيد، فإنه لو قال زنيت بأمة فلان ولم يذكر إكراها كان الحكم كذلك والمصنف إنما ذكره، لأن فيه حقا للسيد، وهو المهر، لكن هذا لا تعلق به بالحد. (وتثبت) السرقة الموجبة للقطع (بشهادة رجلين) كسائر العقوبات غير الزنا فإنه خص بمزيد العدد (فلو شهد رجل وامرأتان) بسرقة أو أقام المدعي شاهدا بها وحلف معه (ثبت المال ولا قطع) على السارق، كما لو علق الطلاق أو العتق على غصب أو سرقة فشهد