تكذيبهما، فإن شهادتهما بعد صدور الدعوى مسموعة للقاضي الحكم بها وإن لم يصدقهما الولي لأن دعواه القتل على المشهود عليهما وطلب الشهادة كاف في جواز الحكم كما قاله البلقيني. (أو) صدق (الآخرين أو) صدق (الجميع أو كذب الجميع بطلتا) أي الشهادتان في المسائل الثلاثة، أما الأولى فلان في تصديق الآخرين تكذيب الأولين وعداوة الآخرين لهما، وأما في الثانية فلان في تصديق كل فريق تكذيبا للآخر، وأما الثالثة فالامر فيها ظاهر.
تنبيه: قد استشكل تصوير هذه المسألة بأن الشهادة على القتل لا تسمع إلا بعد تقدم الدعوى على الصحيح ولا بد في الدعوى من تعيين القاتل فكيف يشهدان ثم يراجع الولي؟. وأجيب بأوجه ذكرتها في شرح التنبيه أصحها أن يدعي الولي على اثنين ويشهد له بذلك شاهدان فيبادر المشهود عليهما ويشهدان على الشاهدين أو غيرهما كما مر بأنهما القاتلان وذلك يورث ريبة للحاكم فيراجع الولي ويسأله احتياطا وينظر هل يستمر على الدعوى أو يعود إلى تصديق الآخرين أو الجميع أو يكذب الجميع، وهل يبطل حقه من الدعوى؟ مقتضى عبارة المصنف عدم البطلان. قال الزركشي: وينبغي أن يأتي فيه ما سبق في تكذيب بعض الورثة، لكن عبارة الجمهور بطل حقه.
(ولو أقر بعض الورثة) ولو فاسقا (بعفو بعض) منهم عن القصاص، سواء عينه أم لا (سقط القصاص) لأنه لا يتبعض، ولو اعترف بسقوط حقه منه فيسقط حق الباقي، واحترز بسقوط القصاص عن الدية فإنها لا تسقط:
بل إن لم يعين العافي فللورثة كلهم الدية وإن عينه فأنكر فكذلك ويصدق بيمينه أنه لم يعف، وإن أقر بالعفو مجانا أو مطلقا سقط حقه من الدية وللباقين حصتهم منها.
تنبيه: اشترط لاثبات العفو من بعض الورثة عن القصاص لا عن حصته من الدية شاهدان، لأن القصاص ليس بمال وما لا يثبت بحجة ناقصة لا يحكم بسقوطه. أما إثبات العفو عن حصته من الدية فيثبت بالحجة الناقصة أيضا من رجل وامرأتين أو رجل ويمين لأن المال يثبت بذلك فكذا إسقاطه، وخرج بقوله أقر ما لو شهد، فإنه إن كان فاسقا أو لم يعين العافي فكالاقرار، وإن كان عدلا وعين العافي وشهد بأنه عفا عن القصاص والدية جميعا بعد دعوة الجاني قبلت شهادته في الدية، ويحلف الجاني مع الشاهد أن العافي عفا عن الدية لا عنها وعن القصاص لأن القصاص سقط بالاقرار فيسقط من الدية حصة العافي، وإن شهد بالعفو عن الدية فقط لم يسقط قصاص الشاهد. (ولو اختلف شاهدان في زمان) للقتل كأن قال أحدهما: قتله في الليل، والآخر قال في النهار (أو مكان) له، كأن قال أحدهما قتله في المسجد.
وقال الآخر: قتله في الدار (أو آلة) له، كأن قال أحدهما قتله بسيف، وقال الآخر: قتله برمح (أو هيئته) له، كأن قال أحدهما: حز رقبته، وقال الآخر: شقه نصفين (لغت) شهادتهما ولا لوث بها لأن كل واحد ناقض صاحبه وذكر الهيئة مزيد (وقيل) هذه الشهادة (لوث) فيقسم الولي وتثبت الدية لاتفاقهما على أصل القتل والاختلاف في الصفة بما يكون غلطا أو نسيانا. فإن قيل: لم لم يحلف على الأول مع من وافقه منهما أو يأخذ البدل كنظيره من السرقة؟. أجيب بأن باب القسامة أمره أعظم، ولهذا غلظ فيه بتكرير الايمان.
تنبيه: هذا إذا شهد على الفعل، فلو شهد على الاقرار لم يضر اختلافهما في الزمان كما نص عليه في الام ولا في مكانه كما قاله ابن المقري لأنه لا اختلاف في القتل وصفته بل في الاقرار، نعم إن عينا يوما أو نحوه في مكانين متباعدين بحيث لا يصل المسافر من أحدهما إلى الآخر في الزمن الذي عيناه كأن شهد أحدهما بأنه أقر بالقتل بمكة يوم كذا، والآخر بأنه أقر بقتله بمصر ذلك اليوم، فتلغو الشهادة.
خاتمة: لو شهد أحدهما على المدعى عليه بالقتل، والآخر بالاقرار به فلوث تثبت به القسامة دون القتل لأنهما لم يتفقا على شئ واحد، فإن ادعى عليه الوارث قتلا عمدا أقسم، وإن ادعى خطأ أو شبه عمد حلف مع أحد