تنبيه: لو قال أو نفى مشروعية مجمع عليه لشمل إنكار المجمع على ندبه، فقد صرح البغوي في تعليقه بتكفير من أنكر مجمعا على مشروعيته من السنن كالرواتب وصلاة العيدين، وهو لأجل تكذيب التواتر، ويتعين فيما ذكر أن يكون الحكم المجمع عليه معلوما من الدين بالضرورة وإن لم يكن فيه نص، بخلاف ما لا يعرفه إلا الخواص وإن كان فيه نص كاستحقاق بنت الابن السدس مع بنت الصلب، وتحريم نكاح المعتدة فلا يكفر منكره للعذر بل يعرف الصواب ليعتقده، وظاهر هذا أنه لو كان يعرفه أنه يكفر إذا جحده، وظاهر كلامهم أولا أنه لا بد أن يعرفه الخاص والعام، وإلا فلا يكفر، وهذا هو الظاهر وأن يكون المحلل والمحرم والنافي والمثبت ممن لا يجوز خفاؤه عليه بخلاف غيره كمن قرب عهده بالاسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء. (أو عزم على الكفر غدا) مثلا أو علقه على شئ (أو تردد فيه) حالا بطريان شك بناقض جزم النية بالاسلام، وهذا وارد على الحد كما مر، إذ لا قطع فيه (كفر) جواب لجميع ما مر من المسائل المذكورة، فإن لم يناقض جزم النية به كالذي يجري في الكن فهو مما يبتلى به الموسوس ولا اعتبار به كما قاله الإمام، واحترز المصنف: بكذب رسولا عما لو كذب عليه فإنه لا يكفر خلافا للشيخ أبي محمد فإنه قال: يكفر بذلك ويراق دمه. قال الإمام: وهذه زلة، ولم أر ما قاله لاحد من الأصحاب والصواب أنه يعزر ولا يقتل ولا يكفر.
(والفعل المكفر ما تعمده) صاحبه (استهزاء صريحا بالدين أو جحودا له كإلقاء مصحف) وهو اسم للمكتوب من كلام الله بين الدفتين (بقاذورة) بذال معجمة لأنه صريح في الاستخفاف بكلام الله تعالى والاستخفاف بالكلام استخفاف بالمتكلم، ويلتحق بالمصحف كتب الحديث. قال الروياني: أو أوراق العلوم الشرعية (وسجود لصنم) قال ابن المقري في هذا وفي إلقاء المصحف: إن فعل ذلك استخفافا أي على وجه يدل على الاستخفاف وكأنه كما قال شيخنا احترز به في سجود الصنم عما لو سجد بدار الحرب فلا يكفر كما نقله القاضي عن النص وإن زعم الزركشي أن المشهور خلافه، وفي إلقاء المصحف عما لو ألقاه في قذر خيفة أخذ الكافر له، إذ الظاهر أنه لا يكفر به وإن حرم عليه (أو) سجود (شمس) أو غيرها من المخلوقات، وكذا السحر الذي فيه عبادة كوكب لأنه أثبت لله شريكا.
تنبيه: يكفر من نسب الأمة إلى الضلال أو الصحابة إلى الكفر أو أنكر إعجاز القرآن أو غير شيئا منه أو أنكر الدلالة على الله في خلق السماوات والأرض بأن قال: ليس في خلقهما دلالة عليه تعالى، أو أنكر بعث الموتى من قبورهم بأن يجمع أجزاءهم الأصلية ويعيد الأرواح إليها أو أنكر الجنة أو النار أو الحساب أو الثواب أو العقاب أو أقر بها لكن قال: المراد بها غير معانيها، أو قال: إني دخلت الجنة وأكلت من ثمارها وعانقت حورها، أو قال: الأئمة أفضل من الأنبياء، هذا إن علم معنى ما قاله لا إن جهل ذلك لقرب إسلامه أو بعده عن المسلمين فلا يكفر لعذره كما مر، ولا إن قال مسلم لمسلم: سلبه الله الايمان، أو لكافر: لا رزقه الله الايمان لأنه مجرد دعاه بتشديد الامر والعقوبة عليه، ولا إن دخل دار الحرب وشرب معهم الخمر وأكل لحم الخنزير، ولا إن قال الطالب ليمين خصمه وقد أراد الخصم أن يحلف بالله تعالى: لا أريد الحلف به بل بالطلاق أو العتاق، ولا إن قال: رؤيتي إياك كرؤية ملك الموت، ولا إن قرأ القرآن على ضرب الدف أو القصب، أو قيل له تعلم الغيب؟ فقال: نعم، أو خرج لسفر فصاح العقعق فرجع، ولا إن صلى بغير وضوء متعمدا بنجس أو إلى غير القبلة ولم يستحل ذلك، ولا إن تمنى حل ما كان حلالا في زمن قبل تحريمه كأن تمنى أن لا يحرم الله الخمر أو المناكحة بين الأخ والأخت أو الظلم أو الزنا أو قتل النفس بغير حق، ولا إن شد الزنار على وسطه أو وضع قلنسوة المجوس على رأسه أو شد على وسطه زنارا أو دخل دار الحرب للتجارة أو لتخليص الأسارى، ولا إن قال: النصرانية خير من المجوسية أو المجوسية شر من النصرانية، ولا إن قال: لو أعطاني الله الجنة ما دخلتها. صرح بذلك كله في الروضة، وفيها أيضا لو قال: فلان في عيني كاليهودي والنصراني في عين الله أو بين يدي الله، فمنهم من قال كفر، ومنهم من قال إن أراد الجارحة كفر، وإلا فلا. قال الأذرعي: والظاهر أنه لا يكفر مطلقا