مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٣٠
أمور: أحدها (كونه مسلما) ليراعي مصلحة الاسلام والمسلمين، فلا تصح تولية كافر ولو على كافر. ثانيها كونه (مكلفا) ليلي أمر الناس، فلا تصح إمامة صبي ومجنون بإجماع، لأن المولى عليه في حضانة غيره فكيف يلي أمر الأمة، وفي الحديث: نعوذ بالله من إمارة الصبيان رواه الإمام أحمد. ثالثها: كونه (حرا) ليكمل ويهاب، بخلاف من فيه رق، ولأنه مشغول بخدمة غيره، وما رواه مسلم من قوله (ص): اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي فمحمول على غير الإمامة العظمى. رابعها كونه (ذكرا) ليتفرغ ويتمكن من مخالطة الرجال، فلا تصح ولاية امرأة، لما في الصحيح:
لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ولا ولاية خنثى وإن بانت ذكورته كما ذكروه في تولية القاضي فالإمام أولى. خامسها كونه (قرشيا) لخبر النسائي: الأئمة من قريش وبه أخذ الصحابة ومن بعدهم. هذا عند تيسر قرشي جامع للشروط، فإن عدم فمنتسب إلى كنانة، فإن عدم فرجل من ولد إسماعيل (ص) فإن عدم فرجل جرهمي كما في التتمة. وجرهم أصل العرب، ومنهم تزوج سيدنا إسماعيل حين أنزله أبوه (ص) أرض مكة، فإن عدم فرجل من ولد إسحق (ص) ثم إلى غيرهم، ولا يشترط كونه هاشميا باتفاق، فإن الصديق وعمر وعثمان رضي الله تعالى عنهم لم يكونوا من بني هاشم. سادسها كونه عدلا، ولو ذكره بدل مسلما لعلم منه كونه مسلما. قال الشيخ عز الدين: وإذا تعذرت العدالة في الأئمة والحكام قدمنا أقلهم فسقا. سابعها كونه عالما (مجتهدا) ليعرف الأحكام ويعلم الناس ولا يحتاج إلى استفتاء غيره في الحوادث لأنه بالمراجعة والسؤال يخرج عن رتبة الاستقلال. ثامنها كونه (شجاعا) - بتثليث المعجمة - والشجاعة قوة القلب عند البأس لينفرد بنفسه ويدبر الجيوش ويقهر الأعداء ويفتح الحصون. تاسعها كونه (ذا رأي) يفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح الدنيوية فهو ملاك الأمور.
قال المتنبي: الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أول وهي المحل الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس حرة بلغت من العلياء كل مكان ولربما قهر الفتى أقرانه بالرأي لا بتطاول الاقران وقد كان العباس بن عبد المطلب يضرب به المثل في سداد الرأي (و) عاشرها كونه ذا (سمع وبصر ونطق) ليتأتى منه فصل الأمور، ولا يضر ثقل السمع والتتمة ولا كونه أعشى العين لأن عجزه حال الاستراحة ويرجى زواله. وأما ضعف البصر فإن منع تمييز الاشخاص منع، وإلا فلا.
تنبيه: فهو من اشتراطه البصر جواز كونه أعور وهو كذلك، وإن خالف في ذلك الروياني، ومن اقتصاره على ما ذكر أنه لا يؤثر فقد شم وذوق وهو كذلك كما جزم به في زوائد الروضة، ويشترط فيه أيضا أن لا يكون به نقص يمنع استيفاء حركة النهوض كالنقص في اليد والرجل كما صححه في الروضة. ولا يشترط كونه معصوما، لأن العصمة للأنبياء، ولا يضر قطع ذكر وأنثيين واعلم أن هذه الشروط كما تعتبر في الابتداء تعتبر في الدوام إلا العدالة فإنه لا ينعزل بالفسق في الأصح ولا الجنون المتقطع، إذا كان زمن الإفاقة أكثر قاله الماوردي. وإلا في قطع إحدى اليدين والرجلين فلا يؤثر في الدوام، إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، فعلم من ذلك أنه ينعزل بالعمى والصمم والخرس والمرض الذي ينسيه العلوم. ثم شرع في القسم الثاني وهو بيان انعقاد طرق الإمامة بقوله: (وتنعقد الإمامة) بثلاثة طرق. أحدها (بالبيعة) - بفتح الموحدة - كما بايع الصحابة أبا بكر رضي الله تعالى عنهم أجمعين، واختلف في عدد المبايع (والأصح) لا يتعين عدد، بل المعتبر (بيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس الذين يتيسر اجتماعهم) لأن الامر ينتظم بهم ويتبعهم سائر الناس، ولا يشترط اتفاق أهل الحل والعقد من سائر الأقطار البعيدة ولا يشترط عدد كما يوهمه كلامه، بل لو تعلق الحل والعقد بواحد مطاع كفت بيعته ولزمه الموافقة والمتابعة،
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548