مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٣١
وقيل لا بد من اثنين لأنهما أقل الجماعة، وقيل من ثلاثة لأنهم أقل الجمع، وقيل من أربعة لأنهم أكثر نصاب الشهادة، وقيل من خمسة غير البائع كأهل الشورى، وقيل من أربعين لأنه أشد خطرا من الجمعة، وهل يشترط لانعقادهم إشهاد شاهدين أو لا؟ حكى في الروضة عن الإمام عن الأصحاب الأول لئلا يدعي عقد سابق، ولان الإمامة ليست دون النكاح، وقيل إن عقدها واحد اشترط الاجهاد، أو جمع فلا، وجرى على هذا ابن المقري (وشرطهم) أي المباعين (صفة الشهود) من العدالة وغيرها مما يأتي.
تنبيه: قضية كلامه عدم اشتراط الاجتهاد وهو كذلك وما في الروضة كأصلها من أنه يشترط أن يكون المبايع مجتهدا إن اتحد، وأن يكون فيه مجتهدا إن تعدد مفرع على اشتراط العدد، والمراد بالمجتهد هنا المجتهد بشروط الإمامة لا أن يكون مجتهدا مطلقا كما صرح به الزنجاني في شرح الوجيز. (و) ثانيهما ينعقد (باستخلاف الإمام) شخصا عينه في حياته ليكون خليفته بعده، ويعبر عنه بعهدت إليه كما عهد أبو بكر إلى عمر رضي الله تعالى عنهما، بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله (ص) عند آخر عهده من الدنيا وأول عهده بالآخرة في الحالة التي يؤمن فيها الكافر ويتقي فيها الفاجر إني استعملت عليكم عمر بن الخطاب، فإن بر وعدل فذاك علمي به وعلمي فيه، وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت، ولكل امرئ ما اكتسب * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * وانعقد الاجماع على جوازه.
تنبيه: لا بد أن يكون الإمام كما قال الأذرعي وغيره جامعا لشروط الإمامة، فلا عبرة باستخلاف الجاهل والفاسق، وأن يقبل الخليفة في حياة الإمام، وإن تراخى عن الاستخلاف كما اقتضاه كلام الروضة، وإن بحث البلقيني اشتراط الفور، فإن أخره عن الحياة رجع ذلك إلى الايصاء وسيأتي حكمه، وعليه أن يتحرى الأصلح للإمامة بأن يجتهد فيه، فإذا ظهر له واحد ولاه، وله جعل الخلافة لزيد، ثم بعده لعمرو، ثم بعده لبكر، وتنتقل على ما رتب كما رتب رسول الله (ص) أمراء جيش مؤتة، فإن مات الأول في حياة الخليفة فالخلافة للثاني، وإن مات الثاني أيضا فهي للثالث، وإن مات الخليفة وبقي الثلاثة أحياء وانتصب الأول كان له أن يعهد بها إلى غير الأخيرين، لأنها لما انتهت إليه صار أملك بها بخلاف ما إذا مات ولم يعهد إلى أحد، فليس لأهل البيعة أن يبايعوا غير الثاني ويقدم عهد الأول على اختيارهم. ولا يشترط في الاستخلاف رضا أهل الحل والعقد في حياته أو بعد موته، بل إذا ظهر له واحد جاز بيعته من غير حضور غيره ولا مشاورة أحد كما نقله في الروضة عن الماوردي وقطع به الإمام. (فلو جعل) الإمام (الامر) في الخلافة (شورى) هو مصدر بمعنى التشاور (بين جمع فكاستخلاف) حكمه إلا أن المستخلف غير معين (فيرتضون أحدهم) بعد موت الإمام فيعنونه للخلافة كما جعل عمر رضي الله تعالى عنه الامر شورى بين ستة: علي والزبير وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة، فاتفقوا على عثمان رضي الله عنه.
أما قبل موته فليس لهم أن يعينوه إلا بإذنه، فإن خافوا تفرق الامر وانتشاره بعده استأذنوه، ولو امتنع أهل الشورى من الاختيار لم يجبروا عليه وكأنه لم يعهد، وكذلك لو امتنع المعهود إليه من القبول.
تنبيه: لو أوصى بها جاز كما لو استخلف لكن قبول الموصى له إنما يكون بعد موت الموصي، وقيل لا يجوز لأنه بالموت يخرج عن الولاية ويتعين من اختياره للخلافة بالاستخلاف أو الوصية مع القبول، فليس لغيره أن يعين غيره. وإن استعفى الخليفة أو الموصى له بعد القبول لم ينعزل حتى يعفي ويوجد غيره، فإن وجد غيره جاز استعفاؤه وإعفاؤه وخرج من العهد باستجماعهما وإلا امتنع وبقي العهد لازما، ويجوز العهد إلى الوالد والولد كما يجوز إلى غيرهما كما جزم به صاحب الأنوار وابن المقري، وقيل: يمتنع ذلك كالتزكية والحكم، وقيل تجوز للوالد دون الولد لشدة الميل إليه.
فرع: لو صلح للإمامة واحد فقد تعين أو اثنان استحب لأهل العقد والحل تقديم أسنهما في الاسلام ثم
(١٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548