مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١٢٤
شرطين، وجعل المطاع قيدا في الشوكة (قيل و) يشترط (إمام منصوب) فيهم حتى لا تتعطل الأحكام بينهم، وهذا ما نسبه الرافعي للجديد ونسبه الإمام للمعظم، وجزم به جمع كثير.
تنبيهان: أحدهما: كلام المصنف يوهم اعتبار وجود شخصين على هذا الوجه، وليس مرادا بل المراد أنه لا بد من مطاع، وهل يشترط أن يكون منصوبا فيه؟ وجهان: أصحهما عند الأكثرين المنع، لأن عليا رضي الله تعالى عنه قاتل أهل الجمل ولا إمام لهم وأهل صفين قبل نصب إمامهم، وسكت المصنف عن شرط آخر وهو انفراد البغاة ببلدة أو قرية أو موضع من الصحراء كما نقله في الروضة وأصلها عن جمع، وحكى الماوردي الاتفاق عليه. الثاني ليس أهل البغي بفسقة كما أنهم ليسوا بكفرة لأنهم إنما خالفوا بتأويل جائز باعتقادهم لكنهم مخطئون فيه، وليس اسم البغي ذما، والأحاديث الواردة فيما يقتضي ذمهم كحديث: من حمل علينا السلاح فليس منا وحديث: من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه، وحديث: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فميتته جاهلية محمول على من خرج عن الطاعة بلا تأويل أو بتأويل فاسد قطعا، فإن فقدت فيهم الشروط المذكورة بأن خرجوا بلا تأويل كما نعي حق الشرع كالزكاة عنادا أو بتأويل يقطع بفساده كتأويل المرتدين، ومانعي حق الشرع كالزكاة الآن والخوارج أو لم يكن لهم شوكة بأن كانوا أفرادا يسهل الظفر بهم، أوليس فيهم مطاع فليسوا بغاة لانتفاء حرمتهم فيترتب على أفعالهم مقتضاها، ولان ابن ملجم قتل عليا متأولا بأنه وكيل امرأة قتل علي أباها فاقتص منه، ولم يعط حكمهم في سقوط القصاص لانتفاء شوكته. (ولو أظهر قوم رأي الخوارج) وهم قوم من المبتدعة يكفرون من ارتكب كبيرة ويطعنون بذلك في الأئمة ولا يحضرون معهم الجمعة والجماعات كما إشار إلى ذلك بقوله (كترك الجماعات وتكفير ذي) أي صاحب (كبيرة) ولم نكفرهم بذلك كما هو الأصح (ولم يقاتلوا) وهم في قبضتنا كما في المحرر والشرح والروضة (تركوا) فلا نتعرض لهم، سواء كانوا بيننا أم امتازوا بموضع عنا لكن لم يخرجوا عن طاعة الإمام كما قاله الأذرعي ولم يفسقوا بذلك ما لم يقاتلوا، لأن اعتقادهم أن من أتى كبيرة كفر وحبط عمله وخلد في النار، وإن دار الإمام صارت لظهور الكبائر فيها دار كفر وإباحة، فلذلك طعنوا في الأئمة ولم يصلوا خلفهم وتجنبوا الجمعة والجماعة، ولو صرحوا بسب الإمام أو غيره من أهل العدل غزروا لا إن عرضوا في الأصح، لأن عليا رضي الله تعالى عنه سمع رجلا من الخوارج، يقول: لا حكم إلى الله ورسوله، وعرض بتخطئته في الحكم. فقال: كلمة حق أريد بها باطل، لكم علينا ثلاث: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله، ولا نمنعكم الفئ ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدؤكم بقتال، فجعل حكمهم حكم أهل العدل.
تنبيه: محل عدم التعرض لهم إذا لم نتضرر بهم، فإن تضررنا بهم تعرضنا لهم حتى يزول الضرر كما قاله القاضي عن الأصحاب (وإلا) بأن قاتلونا أو لم يكونوا في قبضتنا (فقطاع) أي فحكمهم إن لم نكفرهم وهو الأصح كما سبق كحكم قطاع (طريق) فإن قتلوا أحدا ممن يكافئهم اقتص منهم كغيرهم، لا أنهم قطاع طريق كما يفهمه كلام المصنف فلا يتحتم قتلهم، وإن كانوا كقطاع الطريق في شهر السلاح، لأنهم لم يقصدوا إخافة الطريق. ثم شرع في حكم البغاة بقوله (وتقبل شهادة البغاة) لأنهم ليسوا بفسقة كما مر لتأويلهم. قال الشافعي رضي الله عنه إلا أن يكونوا ممن يشهدون لموافقيهم بتصديقه كالخطابية، وهم صنف من الرافضة يشهدون بالزور ويقضون به لموافقيهم بتصديقهم فلا تقبل شهادتهم ولا ينفذ حكم قاضيهم، ولا يختص هذا بالبغاة كما سيأتي في الشهادات، وسيأتي فيها أنهم إن بينوا السبب أن شهادتهم تقبل لانتفاء التهمة حينئذ (و) يقبل (قضاء قاضيهم) بعد اعتبار صفات القاضي فيه (فيما يقبل) فيه (قضاء قاضينا) لأن لهم تأويلا يسوغ فيه الاجتهاد (إلا أن يستحل) شاهد البغاة أو قاضيهم (دماءنا) وأموالنا فلا تقبل شهادته ولا قضاؤه، لأنه ليس بعدل، وشرط الشاهد والقاضي العدالة.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548