فلان) وظهر عليه لوث (وكذبه الآخر) فقال لم يقتله (بطل اللوث) لأن الله تعالى أجرى العادة بحرص القريب على التشفي من قاتل قريبه وأنه لا يبرئه فعارض هذا اللوث فسقطا فلا يحلف المدعي لانخرام ظن القتل بالتكذيب الدال على أنه لم يقتله. وفرقوا بينه وبين ما لو ادعى أحد وارثين دينا للمورث وأقام به شاهدا وكذبه الآخر حيث لا يمنع تكذيبه حف المدعي مع الشاهد بأن شهادة الشاهد حجة في نفسها وهي محققة، وإن كذب الآخر واللوث ليس بحجة وإنما هو مثير للظن فيبطل بالتكذيب. قال البلقيني: ومحله إذا لم يثبت اللوث بشهادة واحد في خطأ أو شبه عمد، وإلا لم يبطل بتكذيب أحدهما قطعا، وفيه كما قال ابن شهبة نظر، فقد مر أن شهادة العدل إنما تكون لوثا في قتل العمد (وفي قول لا) يبطل حقه من اللوث، ورجحه البلقيني كسائر الدعاوى لا يسقط حق المدعي بتكذيب أحد الوارثين.
وعليه فيحلف المدعي خمسين يمينا ويأخذ حقه من الدية (وقيل لا يبطل) اللوث (بتكذيب فاسق) لأن قوله غير معتبر في الشرع، والأصح المنصوص أنه لا فرق بينه وبين العدل لأن قبول الفاسق فيما يسقط حقه مقبول لانتفاء التهمة.
فإن قيده الشافعي رضي الله تعالى عنه في المختصر بقوله وهو عدل. أجيب بأن مراده بالعدالة كونه من أهل القبول فلا يكون صغيرا ولا مجنونا.
تنبيه: محل الخلاف بالنسبة إلى المدعي أما بطلان اللوث بالنسبة إلى المكذب، فلا خلاف فيه كما صرح به في البيان وغيره. قال البلقيني: ومحله أيضا في المعين لا في أهل محلة ونحوهم ثبت في حقهم لوث فعين أحد الوارثين واحدا منهم وكذبه الآخر وعين غيره ولم يكذبه أخوه فيما قال فلا يبطل حق الذي كذب من الذي عينه قطعا لبقاء أصل اللوث وانخرامه إنما هو في ذلك المعين الذي تكاذبا فيه. وأفهم تصوير المصنف بالتكذيب أنه لو قال الآخر:
لا أعلم أنه قتله، لا يبطل اللوث وهو كذلك قطعا كما قاله ابن الرفعة، وإن سكت ولم يكذبه ولم يصدقه لم يبطل أيضا كما في المعتمد وغيره. (ولو) لم يتكاذب ابنا القتيل مثلا، بل (قال أحدهما: قتله زيد ومجهول) عندي (وقال الآخر) قتله (عمرو ومجهول) عندي (حلف كل) منهما (على من عينه) منهما، إذ لا تكاذب بينهما لاحتمال أن الذي أبهم ذكره هو الذي عينه الآخر وكذلك بالعكس (وله) أي لكل منهما (ربع الدية) لاعترافه بأن الواجب عليه نصفها وحصته منه نصفه، ولو رجعا وقال كل منهما: بان لي الذي أبهمته هو الذي عينه أخي فلكل أن يقسم على الآخر ويأخذ ربع الدية، وهل يحلف كل منهما في المرة الثانية خمسين يمينا أو نصفها؟ فيه خلاف، ويؤخذ مما سيأتي ترجيح الثاني، ولو قال المجهول غير من عينه أخي رد كل منهما ما أخذه لتكاذبهما ولكل منهما تحليف من عينه، وإن قال ذلك أحدهما رد صاحبه وحده ما أخذه ولصاحبه أن يحلف من عينه، ولو قال أحدهما: قتله زيد وعمرو، وقال الآخر: بل زيد وحده أقسما على زيد لاتفاقهما عليه وطالباه بالنصف ولا يقسم الأول على عمرو لأن أخاه كذبه في الشركة وللأول تحليف عمرو فيما بطلت فيه القسامة وللثاني تحليف زيد فيه، ثم شرع في الأمر الثاني من مسقطات اللوث وهو إنكار المدعي عليه المشاركة المذكورة بقوله (ولو أنكر المدعي عليه اللوث في حقه فقال) قبل أن يقسم المدعي (لم أكن مع) القوم (المتفرقين عنه) أي القتيل (صدق بيمينه) لأن الأصل براءة ذمته من القتل، وعلى المدعي البينة على الاسارة التي يدعيها، وهي عدلان كما ذكره القاضي الحسين، فإن لم يكن بينة حلف المدعى عليه على نفيها وسقط اللوث ويبقى مجرد الدعوى.
تنبيه: لو قال: كنت غائبا وقت القتل فعلى المدعى البينة، فإن أقام كل بينة قدمت بينة الغيبة لزيادة علمها كما في التهذيب. قال في الروضة كأصلها هذا عند اتفاقهما على حضوره من قبل ولم يبينا الحكم عند عدم الاتفاق، وحكمه التعارض. ثم شرع في الأمر الثالث من مسقطات اللوث وهو ظهور اللوث بأصل القتل بقوله: (ولو ظهر لوث)