مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٣
فلان) وظهر عليه لوث (وكذبه الآخر) فقال لم يقتله (بطل اللوث) لأن الله تعالى أجرى العادة بحرص القريب على التشفي من قاتل قريبه وأنه لا يبرئه فعارض هذا اللوث فسقطا فلا يحلف المدعي لانخرام ظن القتل بالتكذيب الدال على أنه لم يقتله. وفرقوا بينه وبين ما لو ادعى أحد وارثين دينا للمورث وأقام به شاهدا وكذبه الآخر حيث لا يمنع تكذيبه حف المدعي مع الشاهد بأن شهادة الشاهد حجة في نفسها وهي محققة، وإن كذب الآخر واللوث ليس بحجة وإنما هو مثير للظن فيبطل بالتكذيب. قال البلقيني: ومحله إذا لم يثبت اللوث بشهادة واحد في خطأ أو شبه عمد، وإلا لم يبطل بتكذيب أحدهما قطعا، وفيه كما قال ابن شهبة نظر، فقد مر أن شهادة العدل إنما تكون لوثا في قتل العمد (وفي قول لا) يبطل حقه من اللوث، ورجحه البلقيني كسائر الدعاوى لا يسقط حق المدعي بتكذيب أحد الوارثين.
وعليه فيحلف المدعي خمسين يمينا ويأخذ حقه من الدية (وقيل لا يبطل) اللوث (بتكذيب فاسق) لأن قوله غير معتبر في الشرع، والأصح المنصوص أنه لا فرق بينه وبين العدل لأن قبول الفاسق فيما يسقط حقه مقبول لانتفاء التهمة.
فإن قيده الشافعي رضي الله تعالى عنه في المختصر بقوله وهو عدل. أجيب بأن مراده بالعدالة كونه من أهل القبول فلا يكون صغيرا ولا مجنونا.
تنبيه: محل الخلاف بالنسبة إلى المدعي أما بطلان اللوث بالنسبة إلى المكذب، فلا خلاف فيه كما صرح به في البيان وغيره. قال البلقيني: ومحله أيضا في المعين لا في أهل محلة ونحوهم ثبت في حقهم لوث فعين أحد الوارثين واحدا منهم وكذبه الآخر وعين غيره ولم يكذبه أخوه فيما قال فلا يبطل حق الذي كذب من الذي عينه قطعا لبقاء أصل اللوث وانخرامه إنما هو في ذلك المعين الذي تكاذبا فيه. وأفهم تصوير المصنف بالتكذيب أنه لو قال الآخر:
لا أعلم أنه قتله، لا يبطل اللوث وهو كذلك قطعا كما قاله ابن الرفعة، وإن سكت ولم يكذبه ولم يصدقه لم يبطل أيضا كما في المعتمد وغيره. (ولو) لم يتكاذب ابنا القتيل مثلا، بل (قال أحدهما: قتله زيد ومجهول) عندي (وقال الآخر) قتله (عمرو ومجهول) عندي (حلف كل) منهما (على من عينه) منهما، إذ لا تكاذب بينهما لاحتمال أن الذي أبهم ذكره هو الذي عينه الآخر وكذلك بالعكس (وله) أي لكل منهما (ربع الدية) لاعترافه بأن الواجب عليه نصفها وحصته منه نصفه، ولو رجعا وقال كل منهما: بان لي الذي أبهمته هو الذي عينه أخي فلكل أن يقسم على الآخر ويأخذ ربع الدية، وهل يحلف كل منهما في المرة الثانية خمسين يمينا أو نصفها؟ فيه خلاف، ويؤخذ مما سيأتي ترجيح الثاني، ولو قال المجهول غير من عينه أخي رد كل منهما ما أخذه لتكاذبهما ولكل منهما تحليف من عينه، وإن قال ذلك أحدهما رد صاحبه وحده ما أخذه ولصاحبه أن يحلف من عينه، ولو قال أحدهما: قتله زيد وعمرو، وقال الآخر: بل زيد وحده أقسما على زيد لاتفاقهما عليه وطالباه بالنصف ولا يقسم الأول على عمرو لأن أخاه كذبه في الشركة وللأول تحليف عمرو فيما بطلت فيه القسامة وللثاني تحليف زيد فيه، ثم شرع في الأمر الثاني من مسقطات اللوث وهو إنكار المدعي عليه المشاركة المذكورة بقوله (ولو أنكر المدعي عليه اللوث في حقه فقال) قبل أن يقسم المدعي (لم أكن مع) القوم (المتفرقين عنه) أي القتيل (صدق بيمينه) لأن الأصل براءة ذمته من القتل، وعلى المدعي البينة على الاسارة التي يدعيها، وهي عدلان كما ذكره القاضي الحسين، فإن لم يكن بينة حلف المدعى عليه على نفيها وسقط اللوث ويبقى مجرد الدعوى.
تنبيه: لو قال: كنت غائبا وقت القتل فعلى المدعى البينة، فإن أقام كل بينة قدمت بينة الغيبة لزيادة علمها كما في التهذيب. قال في الروضة كأصلها هذا عند اتفاقهما على حضوره من قبل ولم يبينا الحكم عند عدم الاتفاق، وحكمه التعارض. ثم شرع في الأمر الثالث من مسقطات اللوث وهو ظهور اللوث بأصل القتل بقوله: (ولو ظهر لوث)
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548