تنبيه: ما جزم به المصنف من عدم صحة شهادته ونفوذ قضائه إذا استحل دماءنا وأموالنا، وما نقلاه في الروضة وأصلها هنا عن المعتبرين من أصحابنا محمول على ما إذا كان بلا تأويل، وما ذكره في زيادة الروضة في كتاب الشهادات من أنه لا فرق في قبول شهادة أهل الأهواء وقضاء قاضيهم بين من يستحل الدم والمال أم لا محمول على ما إذا استحلوه بتأويل فلا منافاة بين الموضعين كما توهمه بعض الشارحين، وينبغي كما قال الزركشي أن يكون سائر الأسباب الموجبة للفسق في معنى استحلال الدم والمال، ولو شككنا في الاستحلال حيث قلنا: لا تصح الشهادة ولا ينفذ القضاء:
فقولان، حكاهما ابن كج، وقال: اختيار الشافعي رحمه الله تعالى عدم قبول الحكم، ويأتي مثله في الشهادة، وخرج بما ينفذ فيه قضاء قاضينا غيره كأن حكم بما يخالف نصا أو إجماعا أو قياسا جليا فلا يقبل (وينفذ) بضم أوله وتشديد الفاء، قاضينا (كتابه) أي قاضي البغاة (بالحكم) فإذا كتب بما حكم به إلى قاضينا جاز له قبوله وتنفيذه، ولكن يسن له عدم تنفيذه استخفافا بهم (ويحكم بكتابه بسماع البينة) أي يجوز له ذلك (في الأصح) كتقييد كتابه بالحكم، ويستحب أنه لا يحكم به لما مر. والثاني لا يحكم به، لأن فيه معونة أهل البغي وإقامة مناصبهم.
تنبيه: تبع المحرر في حكاية الخلاف وجهين، لكنه في الروضة كأصلها جعله قولين، وطردهما الإمام في الكتاب بالحكم (ولو) استولى البغاة على بلد و (أقاموا) أي ولاة أمورهم (حدا) على من وجب عليه (وأخذوا زكاة) من أهلها (وخراجا) من أرض خراجية (وجزية) من أهل ذمة (وفرقوا سهم المرتزقة) من الفئ (على جندهم صح) ما فعلوه في البلد الذي استولوا عليه تأسيا بعلي رضي الله تعالى عنه، ولان في إعادة المطالبة إضرارا بأهل البلد، أما إذا أقام الحد غير ولاتهم فإنه لا يعتد به، ومحل الاعتداد به في الزكاة كما قال البلقيني إذا كانت غير معجلة، أو كانت معجلة لكن استمرت شوكتهم حتى وجبت، فلو زالت شوكتهم قبل الوجوب لم يقع ما عجلوه موقعه لأن وقت الوجوب لم يكونوا أهلا للاخذ. قال: ولم أر من تعر ض لذلك، وقد أشار الشافعي رضي الله تعالى عنه إليه بقوله: بصدقة عامة. (وفي الأخير) وهو تفرقة سهم المرتزقة على جندهم (وجه) أنه لا يقع الموقع لئلا يتقووا به على أهل العدل. وأجاب الأول بأنهم من جند الاسلام، ورغب الكفار قائم بهم، وفي الجزية أيضا وجه حكاه الرافعي، وفي الزكاة أيضا وجه حكاه القاضي. قال الزركشي: وصرح في الاشراف بحكاية الخلاف في الخراج (وما أتلفه باغ) من نفس أو مال (على عادل وعكسه) أي أتلفه عادل على باغ (إن لم يكن في قتال) لضرورته بأن كان في غير القتال أو فيه لا لضرورته (ضمن) قطعا كل منهما متلفه من نفس ومال جريا على الأصل في الاتلاف.
تنبيه: يستثنى من ذلك ما إذا قصد أهل العدل بإتلاف المال إضعافهم وهزيمتهم فإنه لا ضمان، قال الماوردي قال: بخلاف ما لو قصدوا التشفي والانتقام. (وإلا) بأن كان الاتلاف في قتال لضرورته (فلا) ضمان اقتداء بالسلف لأن الوقائع التي جرت في عصر الصحابة كوقعة الجمل بصفين لم يطلب بعضهم بعضا بضمان نفس ولا مال، وترغيبا في الطاعة لئلا ينفروا عنها ويتمادوا على ما هم فيه، ولهذا سقطت التبعة عن الحربي إذا أسلم، ولأنا مأمورون بالقتال فلا يضمن ما يتولد منه وهم إنما أتلفوا بتأويل (وفي قول يضمن الباغي) ما أتلفه على العادل، لأنهما فرقتان من المسلمين محقة ومبطلة فلا يستويان في سقوط الغرم كقطاع الطريق لشبهة تأويلها.
تنبيه: محل الخلاف كما يؤخذ مما قدرته في كلامه فيما أتلف في القتال بسبب القتال، فإن أتلف فيه ما ليس من ضرورته ضمن قطعا، قاله الإمام وأقراه ثم ما ذكر بالنسبة للضمان، وأما بالنسبة للتحريم فقال الشيخ عز الدين لا يتصف إتلافهم بإباحة ولا بتحريم لأنه خطأ معفو عنه، بخلاف ما يتلفه الكفار حال القتال إنه حرام غير مضمون.
فرع: لو وطئ باغ أمة عادل بلا شبهة حد ورق الولد ولا نسب، لأن الوطئ حينئذ زنا، ومتى كانت مكرهة على