عن القصاص على مال وقصد الحكم له بتلك الشهادة لم يحكم له بها قطعا، لأنها غير مقبولة حين أقيمت فلم يجز العمل بها، كما لو شهد صبي أو عبد بشئ ثم بلغ الصبي أو عتق العبد. (ولو شهد هو) أي الرجل (وهما) أي المرأتان (بهاشمة قبلها إيضاح لم يجب أرشها على المذهب) المنصوص، لأن الهشم المشتمل على الايضاح جناية واحدة، وإذا اشتملت الجناية على ما يوجب القصاص احتيط لها فلا يثبت إلا بحجة كاملة، وفي قول يجب أرشها، وهو مخرج من نص آخر فيما إذا رمى إلى زيد سهما فمرق منه إلى غيره أنه يثبت الخطأ الوارد على الثاني برجل وامرأتين وشاهد ويمين انتهى.
والمذهب تقرير النصين، والفرق أن الهشم المشتمل على الايضاح جناية واحدة، وفي مسألة مرور السهم حصل جنايتان لا تعلق لإحداهما بالأخرى، ومن ذلك يعلم أن صورة مسألة الكتاب إذا كان ذلك من شخص واحد بجناية واحدة، فإن كان من جنايتين، أو من جان واحد في مرتين ثبت أرش الهاشمة بذلك كما نقله في أصل الروضة في الثانية عن بحث الإمام مع الرجل والمرأتين، ومثله الرجل مع اليمين، وتؤخذ الأولى من هذه بطريق الأولى، فكلام الوسيط يقتضي القطع بما قاله الإمام. (وليصرح الشاهد بالمدعى) به - بفتح العين - وجوبا (فلو قال) الشاهد ( ضربه) أي المجني عليه (بسيف فجرحه فمات لم يثبت) هذا القتل المدعى به، لاحتمال أن يكون مات بسبب آخر (حتى يقول) الشاهد (فمات منه) أي من جرحه (أو فقتله) أو أنهر دمه أو نحو ذلك كضربه فمات مكانه كما نقله الشيخان عن نص المختصر لينتفي الاحتمال المذكور (ولو قال) الشاهد (ضرب) الجاني (رأسه) أي المجني عليه (فأدماه أو) ضرب رأسه مثلا (فأسال) الضرب (دمه ثبتت) بذلك (دامية) عملا بقوله، بخلاف ما لو قال فسال دمه لم تثبت لاحتمال حصول السيلان بسبب آخر (ويشترط لموضحة) أي في الشهادة بها أن يقول الشاهد (ضربه فأوضح عظم رأسه) لأنه لا شئ يحتمل بعده (وقيل يكفي فأوضح رأسه) من غير تصريح بإيضاح العظم، وظاهر الروضة كأصلها الجزم به، ونقله البلقيني عن نص الام والمختصر، وهو المعتمد لمفهوم المقصود بذلك عرفا (ويجب) على الشاهد (بيان محلها) أي الموضحة (وقدرها) بالمساحة أو بالإشارة إليها إذا كان على رأسه مواضح (ليمكن) فيها (القصاص) فإن لم يكن برأسه إلا موضحة واحدة وشهد الشاهد بأنه أوضح رأسه لم يثبت القصاص أيضا لجواز أنه كان على رأسه موضحة صغيرة فوسعها غير الجاني.
تنبيه: أفهم قوله: ليمكن القصاص أنه بالنسبة لوجوب الدية فيه لا يحتاج إلى بيان، وهو الأصح المنصوص.
(ويثبت القتل بالسحر بإقرار به) من الساحر، فإن قال: قتلته بسحري وهو يقتل غالبا فعمد فعليه القود، وإن قال: يقتل نادرا فشبه عمد، وإن قال: أخطأت من اسم غيره إلى اسمه فخطأ، ويجب في هاتين الصورتين دية في مال الساحر لا على عاقلته، لأن إقراره لا يلزمهم إلا أن تصدقه العاقلة فالدية عليهم، فقوله في الوجيز: والدية على العاقلة محمول على هذا والحمل على هذا أولى من قول الدميري: إنه وهم أو سبق فلم، ويثبت السحر أيضا باليمين المردودة كأن يدعي عليه القتل بالسحر فينكر وينكل عن اليمين فترد على المدعى بناء على الأصح من أنها كالاقرار، وقد يقال إن هذه داخلة في عبارة المصنف، ويحمل قوله بإقرار حقيقة أو حكما، وإن قال إن سحره كفر قتل به إلا أن يتوب، وينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يستفسر، إذ قد يظن ما ليس بكفر كفرا، ولو قال: آذيته بسحري ولم أمرضه نهي عنه، فإن عاد عزر، كذا قالاه، ولو قيل بأنه يعزر على قوله الأول كما قال شيخنا لم يبعد، وإن قال: أمرضته به عزر، فإن مرض به وتألم حتى مات كان لوثا إن قامت بينة بأنه تألم به حتى مات ثم يحلف الولي أنه مات بسحره ويأخذ الدية، فإن ادعى