مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٩
عن القصاص على مال وقصد الحكم له بتلك الشهادة لم يحكم له بها قطعا، لأنها غير مقبولة حين أقيمت فلم يجز العمل بها، كما لو شهد صبي أو عبد بشئ ثم بلغ الصبي أو عتق العبد. (ولو شهد هو) أي الرجل (وهما) أي المرأتان (بهاشمة قبلها إيضاح لم يجب أرشها على المذهب) المنصوص، لأن الهشم المشتمل على الايضاح جناية واحدة، وإذا اشتملت الجناية على ما يوجب القصاص احتيط لها فلا يثبت إلا بحجة كاملة، وفي قول يجب أرشها، وهو مخرج من نص آخر فيما إذا رمى إلى زيد سهما فمرق منه إلى غيره أنه يثبت الخطأ الوارد على الثاني برجل وامرأتين وشاهد ويمين انتهى.
والمذهب تقرير النصين، والفرق أن الهشم المشتمل على الايضاح جناية واحدة، وفي مسألة مرور السهم حصل جنايتان لا تعلق لإحداهما بالأخرى، ومن ذلك يعلم أن صورة مسألة الكتاب إذا كان ذلك من شخص واحد بجناية واحدة، فإن كان من جنايتين، أو من جان واحد في مرتين ثبت أرش الهاشمة بذلك كما نقله في أصل الروضة في الثانية عن بحث الإمام مع الرجل والمرأتين، ومثله الرجل مع اليمين، وتؤخذ الأولى من هذه بطريق الأولى، فكلام الوسيط يقتضي القطع بما قاله الإمام. (وليصرح الشاهد بالمدعى) به - بفتح العين - وجوبا (فلو قال) الشاهد ( ضربه) أي المجني عليه (بسيف فجرحه فمات لم يثبت) هذا القتل المدعى به، لاحتمال أن يكون مات بسبب آخر (حتى يقول) الشاهد (فمات منه) أي من جرحه (أو فقتله) أو أنهر دمه أو نحو ذلك كضربه فمات مكانه كما نقله الشيخان عن نص المختصر لينتفي الاحتمال المذكور (ولو قال) الشاهد (ضرب) الجاني (رأسه) أي المجني عليه (فأدماه أو) ضرب رأسه مثلا (فأسال) الضرب (دمه ثبتت) بذلك (دامية) عملا بقوله، بخلاف ما لو قال فسال دمه لم تثبت لاحتمال حصول السيلان بسبب آخر (ويشترط لموضحة) أي في الشهادة بها أن يقول الشاهد (ضربه فأوضح عظم رأسه) لأنه لا شئ يحتمل بعده (وقيل يكفي فأوضح رأسه) من غير تصريح بإيضاح العظم، وظاهر الروضة كأصلها الجزم به، ونقله البلقيني عن نص الام والمختصر، وهو المعتمد لمفهوم المقصود بذلك عرفا (ويجب) على الشاهد (بيان محلها) أي الموضحة (وقدرها) بالمساحة أو بالإشارة إليها إذا كان على رأسه مواضح (ليمكن) فيها (القصاص) فإن لم يكن برأسه إلا موضحة واحدة وشهد الشاهد بأنه أوضح رأسه لم يثبت القصاص أيضا لجواز أنه كان على رأسه موضحة صغيرة فوسعها غير الجاني.
تنبيه: أفهم قوله: ليمكن القصاص أنه بالنسبة لوجوب الدية فيه لا يحتاج إلى بيان، وهو الأصح المنصوص.
(ويثبت القتل بالسحر بإقرار به) من الساحر، فإن قال: قتلته بسحري وهو يقتل غالبا فعمد فعليه القود، وإن قال: يقتل نادرا فشبه عمد، وإن قال: أخطأت من اسم غيره إلى اسمه فخطأ، ويجب في هاتين الصورتين دية في مال الساحر لا على عاقلته، لأن إقراره لا يلزمهم إلا أن تصدقه العاقلة فالدية عليهم، فقوله في الوجيز: والدية على العاقلة محمول على هذا والحمل على هذا أولى من قول الدميري: إنه وهم أو سبق فلم، ويثبت السحر أيضا باليمين المردودة كأن يدعي عليه القتل بالسحر فينكر وينكل عن اليمين فترد على المدعى بناء على الأصح من أنها كالاقرار، وقد يقال إن هذه داخلة في عبارة المصنف، ويحمل قوله بإقرار حقيقة أو حكما، وإن قال إن سحره كفر قتل به إلا أن يتوب، وينبغي كما قال بعض المتأخرين أن يستفسر، إذ قد يظن ما ليس بكفر كفرا، ولو قال: آذيته بسحري ولم أمرضه نهي عنه، فإن عاد عزر، كذا قالاه، ولو قيل بأنه يعزر على قوله الأول كما قال شيخنا لم يبعد، وإن قال: أمرضته به عزر، فإن مرض به وتألم حتى مات كان لوثا إن قامت بينة بأنه تألم به حتى مات ثم يحلف الولي أنه مات بسحره ويأخذ الدية، فإن ادعى
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548