مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ١١٥
لو كانت اليمين في جهة المدعى عليه ابتداء، ثم ردها على المدعي وحلف لا يسمى قسامة أيضا كما قيدت به كلامه، وقيدت المدعي أيضا بكونه وارثا احترازا عن صورة هي ما لو أوصى للمستولدة سيدها بقيمة عبد المقتول، وهناك لوث ومات السيد فلها الدعوى على النص، وليس لها أن تقسم في الأظهر، وإنما الذي يقسم هو الوارث، وقوله على قتل أورد عليه الجنين فإنه يقسم عليه ولا يسمى قتيلا إذ لم يتحقق حياته، وأجيب بأن منعه التهيؤ للحياة في معنى القتل. وأورد عليه أيضا قد الملفوف فإنه يقسم فيه مع أنه لا يتحقق فيه حالة القتل حياة مستقرة. وأجيب بأن المراد تحقق الحياة المستقرة في الجملة، وقد تحققت قبل ذلك، ويندب للقاضي أن يحذر المدعي إذا أراد أن يحلف ويأمر بتقوى الله عز وجل ويقرأ عليه * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * الآية، ويعرفه إثم اليمين الفاجرة، والقول في تغليظ اليمين زمانا ومكانا ولفظه فيه ما سبق في اللعان، ومنه ما هو مؤخر إلى الدعوى والبينات. (ولا يشترط موالاتها) أي الايمان، فلو حلفه القاضي خمسين يمينا في خمسين يوما صح (على المذهب) لأن الايمان من جنس الحجج، والحجج يجوز تفريقها كما لو شهد الشهود متفرقين: وقيل يشترط لأن للموالاة أثرا في الزجر والردع، وهذا هو الأشبه في اللعان، وفرق الأول بينهما بأن اللعان أولى بالاحتياط لأنه تتعلق به العقوبة البدنية ويختل به النسب وتشيع الفاحشة (ولو تخللها) أي الايمان (جنون) من الحالف (أو إغماء) منه (بنى) إذا أفاق على ما مضى ولا يجب الاستئناف. إما على عدم اشتراط الموالاة فظاهر، وإما على اشتراطها فلقيام العذر، وهذا بخلاف ما لو عزل القاضي أو مات في خلالها فإنه لا يبني بل يستأنف إلا إن عاد المعزول فيبني المدعي بناء على أن الحاكم يحكم بعلمه ، وإنما يستأنف فيما إذا ولي غيره تشبيها بما لو عزل القاضي أو مات بعد سماع البينة وقبل الحكم وبما لو أقام شاهدا واحدا وأراد أن يحلف معه فعزل القاضي وولى آخر لا بد من استئناف الدعوى والشهادة (ولو مات) الولي المقسم في أثناء الايمان (لم يبن وارثه) بل يستأنف (على الصحيح) المنصوص لأن الايمان كالحجة الواحدة، ولا يجوز أن يستحق أحد شيئا بيمين غيره وليس كما لو أقام شطر البينة. ثم مات حيث يضم وارثه إليه الشطر الثاني، ولا يستأنف لأن شهادة كل شاهد مستقلة بدليل أنه إذا انضمت اليمين إليها قد يحكم بهما بخلاف أيمان القسامة لا استقلال لبعضها بدليل أنه لو انضم إليه شهادة شاهد لا يحكم بهما، والثاني يبني لأنا إذا كنا نبني يمين بعض الورثة في توزيع القسامة عليهم فبناء الوارث على يمين المورث أولى. أما إذا تمت أيمانه قبل موته فلا يستأنف وارثه، بل يحكم به كما لو أقام بينة ثم مات. وأما وارث المدعى عليه فيبني على أيمانه إذا تخلل موته الايمان، وكذا يبني المدعى عليه لو عزل القاضي أو مات خلالها وولي غيره، والفرق بين المدعي والمدعى عليه أن يمين المدعى عليه للنفي فتنفذ بنفسها ويمين المدعي للاثبات فيتوقف على حكم القاضي، والقاضي الثاني لا يحكم بحجة أقيمت عند الأول.
تنبيه: عزل القاضي وموته بعد تمام الايمان كهما في أثنائها في طرف المدعي وطرف المدعى عليه فيأتي فيه ما مر (ولو كان للقتيل ورثة) خاصة ثنان فأكثر (وزعت) أي الايمان الخمسون عليهم (بحسب الإرث) لأن ما ثبت بأيمانهم يقسم بينهم على فرائض الله تعالى فوجب أن يكون اليمين كذلك، وخرج بقولنا خاصة ما لو كان هناك وارث غير حائز وشريكه بيت المال، فإن الايمان لم توزع: بل يحلف خمسين يمينا كما لو نكل بعض الورثة أو غاب يحلف الحاضر خمسين ففي زوجة وبنت تحلف الزوجة عشرا والبنت أربعين يجعل الايمان بينهما أخماسا لأن سهامهما خمسة وللزوجة منها واحد، ولا يثبت الباقي بذلك بل حكمه كمن مات بلا وارث وسيأتي حكمه.
تنبيه: قوله: بحسب الإرث، ليس فيه بيان أنه يحسب أسماء فرائضهم أو سهامهم وذلك يظهر أثره في العول كزوج وأم وأختين لأب وأختين لام أصلها من ستة وتعول إلى عشرة، فهل تقسم الايمان بينهم على أصل الفريضة أو على الفريضة وعولها؟ وجهان: أصحهما كما في الحاوي والثاني فيحلف الزوج على هذا خمس عشرة، وكل أخت
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548