لو كانت اليمين في جهة المدعى عليه ابتداء، ثم ردها على المدعي وحلف لا يسمى قسامة أيضا كما قيدت به كلامه، وقيدت المدعي أيضا بكونه وارثا احترازا عن صورة هي ما لو أوصى للمستولدة سيدها بقيمة عبد المقتول، وهناك لوث ومات السيد فلها الدعوى على النص، وليس لها أن تقسم في الأظهر، وإنما الذي يقسم هو الوارث، وقوله على قتل أورد عليه الجنين فإنه يقسم عليه ولا يسمى قتيلا إذ لم يتحقق حياته، وأجيب بأن منعه التهيؤ للحياة في معنى القتل. وأورد عليه أيضا قد الملفوف فإنه يقسم فيه مع أنه لا يتحقق فيه حالة القتل حياة مستقرة. وأجيب بأن المراد تحقق الحياة المستقرة في الجملة، وقد تحققت قبل ذلك، ويندب للقاضي أن يحذر المدعي إذا أراد أن يحلف ويأمر بتقوى الله عز وجل ويقرأ عليه * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * الآية، ويعرفه إثم اليمين الفاجرة، والقول في تغليظ اليمين زمانا ومكانا ولفظه فيه ما سبق في اللعان، ومنه ما هو مؤخر إلى الدعوى والبينات. (ولا يشترط موالاتها) أي الايمان، فلو حلفه القاضي خمسين يمينا في خمسين يوما صح (على المذهب) لأن الايمان من جنس الحجج، والحجج يجوز تفريقها كما لو شهد الشهود متفرقين: وقيل يشترط لأن للموالاة أثرا في الزجر والردع، وهذا هو الأشبه في اللعان، وفرق الأول بينهما بأن اللعان أولى بالاحتياط لأنه تتعلق به العقوبة البدنية ويختل به النسب وتشيع الفاحشة (ولو تخللها) أي الايمان (جنون) من الحالف (أو إغماء) منه (بنى) إذا أفاق على ما مضى ولا يجب الاستئناف. إما على عدم اشتراط الموالاة فظاهر، وإما على اشتراطها فلقيام العذر، وهذا بخلاف ما لو عزل القاضي أو مات في خلالها فإنه لا يبني بل يستأنف إلا إن عاد المعزول فيبني المدعي بناء على أن الحاكم يحكم بعلمه ، وإنما يستأنف فيما إذا ولي غيره تشبيها بما لو عزل القاضي أو مات بعد سماع البينة وقبل الحكم وبما لو أقام شاهدا واحدا وأراد أن يحلف معه فعزل القاضي وولى آخر لا بد من استئناف الدعوى والشهادة (ولو مات) الولي المقسم في أثناء الايمان (لم يبن وارثه) بل يستأنف (على الصحيح) المنصوص لأن الايمان كالحجة الواحدة، ولا يجوز أن يستحق أحد شيئا بيمين غيره وليس كما لو أقام شطر البينة. ثم مات حيث يضم وارثه إليه الشطر الثاني، ولا يستأنف لأن شهادة كل شاهد مستقلة بدليل أنه إذا انضمت اليمين إليها قد يحكم بهما بخلاف أيمان القسامة لا استقلال لبعضها بدليل أنه لو انضم إليه شهادة شاهد لا يحكم بهما، والثاني يبني لأنا إذا كنا نبني يمين بعض الورثة في توزيع القسامة عليهم فبناء الوارث على يمين المورث أولى. أما إذا تمت أيمانه قبل موته فلا يستأنف وارثه، بل يحكم به كما لو أقام بينة ثم مات. وأما وارث المدعى عليه فيبني على أيمانه إذا تخلل موته الايمان، وكذا يبني المدعى عليه لو عزل القاضي أو مات خلالها وولي غيره، والفرق بين المدعي والمدعى عليه أن يمين المدعى عليه للنفي فتنفذ بنفسها ويمين المدعي للاثبات فيتوقف على حكم القاضي، والقاضي الثاني لا يحكم بحجة أقيمت عند الأول.
تنبيه: عزل القاضي وموته بعد تمام الايمان كهما في أثنائها في طرف المدعي وطرف المدعى عليه فيأتي فيه ما مر (ولو كان للقتيل ورثة) خاصة ثنان فأكثر (وزعت) أي الايمان الخمسون عليهم (بحسب الإرث) لأن ما ثبت بأيمانهم يقسم بينهم على فرائض الله تعالى فوجب أن يكون اليمين كذلك، وخرج بقولنا خاصة ما لو كان هناك وارث غير حائز وشريكه بيت المال، فإن الايمان لم توزع: بل يحلف خمسين يمينا كما لو نكل بعض الورثة أو غاب يحلف الحاضر خمسين ففي زوجة وبنت تحلف الزوجة عشرا والبنت أربعين يجعل الايمان بينهما أخماسا لأن سهامهما خمسة وللزوجة منها واحد، ولا يثبت الباقي بذلك بل حكمه كمن مات بلا وارث وسيأتي حكمه.
تنبيه: قوله: بحسب الإرث، ليس فيه بيان أنه يحسب أسماء فرائضهم أو سهامهم وذلك يظهر أثره في العول كزوج وأم وأختين لأب وأختين لام أصلها من ستة وتعول إلى عشرة، فهل تقسم الايمان بينهم على أصل الفريضة أو على الفريضة وعولها؟ وجهان: أصحهما كما في الحاوي والثاني فيحلف الزوج على هذا خمس عشرة، وكل أخت