لمن لا يميز وشاهد الزور وحافر بئر عدوانا ولو حصل التردي بعد موت الحافر على الأصح لأن اسم القاتل يشمل الامرين فشملتهما الآية، وبالقياس على وجوب الدية.
تنبيه: الشرط كالسبب وإن حمل قوله: متسببا على الأعم دخل الشرط في عبارته، وتقدم أوائل كتاب الجراح الفرق بين الشرط والسبب والمباشرة، وإنما تجب الكفارة على من ذكر (بقتل مسلم ولو) كان (بدار حرب) وإن لم يجب فيه القصاص، ولا الدية للآية الثانية المتقدمة فقد مر فيها أن: من قوم بمعنى في قوم كما قاله الشافعي تبعا لابن عباس رضي الله تعالى عنهم، ولان دار الحرب لا تهدر دمه، وسبب العصمة وهو الاسلام قائم، وسواء ظن كفره أو تترس به العدو أم لا (و) بقتل (ذمي) ومستأمن للآية الأخيرة، فإن الذمة والعهد من المواثيق (و) بقتل (جنين) مضمون بالغرة أو غيرها لأنه آدمي معصوم، وبذلك قضى عمر رضي الله عنه (و) بقتل (عبد نفسه) لعموم الآية وإن كانت القيمة لا تجب فيها عليه لأنها لو وجبت لوجبت له، بخلاف الكفارة فإنها حق الله تعالى، وإذا وجبت في عبد نفسه ففي عبد غيره أولى (و) بقتل (نفسه) لأنه قتل نفس معصومة فتجب فيه كفارة لحق الله تعالى فتخرج من تركته: أما إذا لم تكن نفسه معصومة بأن كانت مهدرة فينبغي كما قال الزركشي أن لا تجب الكفارة (وفي) قتل (نفسه وجه) أنه لا يجب لها الكفارة كما لا يجب ضمانها بالمال، و (لا) تجب الكفارة بقتل (امرأة، و) لا بقتل (صبي حربيين) وإن كان يحرم قتلهما لأن المنع من قتلهما ليس لحرمتهما بل لمصلحة المسلمين لئلا يفوتهم الارتفاق بهما (و) لا يقتل مباح الدم كقتل (باغ وصائل) لأنهما لا يضمنان فأشبه الحربي ومرتد وزان محصن بالنسبة لغير المساوي وحربي ولو قتله مثله (ومقتص منه) بقتل المستحق له لأنه مباح الدم بالنسبة إليه.
تنبيه: لو قتله المستحق لبعضه كأن انفرد بعض الأولاد بقتل قاتل أبيهم فلا كفارة عليه، قاله المتولي خلافا لابن الرفعة. وقال الزركشي: إنه المتجه، ويمكن الجمع بينهما بأن كلام المتولي عند إذن الباقين، وكلام ابن الرفعة عند عدمه، فإن قتله من لا استحقاق له في قتله فعليه الكفارة (وعلى كل من الشركاء) في القتل (كفارة في الأصح) المنصوص لأنه حق يتعلق بالقتل فلا يتبعض كالقصاص. فإن قيل هلا تبعضت كالدية؟. أجيب بأن الدية بدل عن النفس، وهي واحدة، والكفارة لتكفير القتل، وكل واحد قاتل، ولان فيها معنى العبادة، والعبادة الواجبة على الجماعة لا تتبعض، والثاني على الجميع كفارة واحدة كقتل الصيد (وهي) أي كفارة القتل (كظهار) أي كصفة كفارته في الترتيب فيعتق أولا، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين للآية (لكن لا إطعام) فيها عند العجز عن الصوم (في الأظهر) اقتصارا على الوارد فيها، إذ المنبع في الكفارات النص لا القياس، ولم يذكر الله تعالى في كفارة القتل غير العتق والصيام، فإن قيل: لم لا حمل المطلق على المقيد في الظهار كما فعلوا في قيد الايمان حيث اعتبروه ثم حملا على المقيد هنا؟ أجيب بأن ذاك إلحاق في وصف، وهذا إلحاق في أصل، وأحد الأصلين لا يلحق بالآخر بدليل أن اليد المطلقة في التيمم حملت على المقيدة بالمرافق في الوضوء، ولم يحمل إهمال الرأس والرجلين في التيمم على ذكرهما في الوضوء، وعلى هذا لو مات قبل الصوم أطعم من تركته كفائت صوم رمضان، والثاني يطعم ستين مسكينا كالظهار.
تنبيه: القول في صفة الرقبة والصيام والاطعام على القول به على ما سبق في كتاب الكفارة.
خاتمة: لا كفارة على من أصاب غيره بالعين واعترف أنه قتله بها وإن كانت العين حقا، لأن ذلك لا يفضي إلى القتل غالبا، ولا يعد مهلكا كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الباب الذي يلي هذا.