(في قتل الخطأ، أو) قتل (شبه العمد دية على العاقلة) مخففة في الأول مغلظة في الثاني لقيام الحجة بذلك كما لو قامت به بينة. فإن قيل كان المصنف مستغنيا عن هذا بما قدمه في فصل العاقلة. أجيب بأنه إنما ذكره هنا لئلا يتوهم أن القسامة ليست كالبينة في ذلك كما أنها ليست كالبينة في العمد فإنه لا يجب بها القصاص بل دية كما قال: (وفي) قتل (العمد) دية حالة (على المقسم عليه) ولا قصاص في الجديد، لخبر البخاري: إما أن تدوا صاحبكم أو تأذنوا بحرب وأطلق (ص) إيجاب الدية ولم يفصل، ولو صلحت الايمان للقصاص لذكره، ولان القسامة حجة ضعيفة فلا توجب القصاص احتياطا لأمر الدماء كالشاهد واليمين (وفي القديم) عليه (قصاص) حيث يجب لو قامت بينة به لخبر الصحيحين أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم: أي دم قاتل صاحبكم ولأنها حجة يثبت بها العمد بالاتفاق فيثبت بها القصاص كشهادة الرجلين. وأجاب في الجديد عن الحديث بأن التقدير بدل دم صاحبكم، وعبر بالدم عن الدية لأنهم يأخذونها بسبب الدم، وعن التعليل بانتقاضه بما إذا ثبتت السرقة برجل وامرأتين فإنه يثبت المال دون القطع، واحترز عما لو حلف المدعي عند نكول المدعى عليه وكان القتل عمدا فإنه يثبت القود لأنها كالافرار أو كالبينة، والقود يثبت بكل منهما. (ولو ادعى) قتلا (عمدا بلوث) أي معه (على ثلاثة حضر أحدهم) فإن اعترف بالقتل اقتص منه، وإن أنكر (أقسم عليه خمسين وأخذ) منه (ثلث الدية) من ماله على الجديد، وله أن يقتص منه على القديم (فإن حضر آخر) واعترف اقتص منه، وإن أنكر (أقسم عليه خمسين) في الأظهر كالأول، لأن الايمان السابقة لم تتناوله وأخذ منه ثلث الدية (وفي قول) يقسم (خمسا وعشرين) كما لو حضرا معا، وقوله (إن لم يكن ذكره) أي الغائب (في الايمان) التي حلفها للحاضر قيد لا قسم للقول المرجوح كما توهمه عبارة المصنف (وإلا) بأن كان ذكره فيها (فينبغي) كما بحثه المحرر (الاكتفاء بها) ولا يحلف (بناء على صحة القسامة في غيبة المدعى عليه، وهو الأصح) كإقامة البينة، ووجه مقابله ضعف القسامة.
تنبيه: قضية كلام المصنف أن هذا التقييد منقول الأصحاب، وليس مرادا، وإنما هو بحث للرافعي كما قدرته، وسكت عن حكم الثالث إذا حضر، هو كالثاني فيما مر فيه: ثم ذكر ضابط من يحلف في القسامة في قوله (و) كل (من استحق بدل الدم) من سيد أو وارث (أقسم) سواء كان مسلما أم كافرا عدلا أم فاسقا محجورا عليه أم غيره (ولو) هو (مكاتب لقتل عبده) لأنه المستحق لبدله، ولا يقسم سيده بخلاف العبد المأذون له في التجارة إذا قتل العبد الذي تحت يده فإن السيد يقسم دون المأذون لأنه لا حق له، ولو عجز المكاتب بعدما أقسم أخذ السيد القيمة كما لو مات الولي بعدما أقسم، أو قبله وقبل نكوله حلف السيد، أو بعده فلا لبطلان الحق بالنكول كما حكاه الإمام عن الأصحاب، وما ذكره عن نص المختصر، وجرى عليه الماوردي وغيره من أن السيد يحلف محمول على هذا التفصيل.
تنبيه: احترز بمن استحق الخ عما لو جرح شخص مسلما فارتد ومات فإنه لا يثبت لوليه القسامة لأنه لا يستحق بدلها، بل هو فئ للمسلمين، وبقولنا من سيد أو وارث من مسألة المستولدة السابقة، وهي ما لو أوصى السيد لمستولدته بقيمة عبده المقتول، فإن الوصية تصح، فإذا مات السيد قبل القسامة، فإن المستولدة تستحق القيمة، ومع ذلك لا تقسم بل الوارث لأن العبد يوم القتل كان للسيد، والقسامة من الحقوق المعلقة بالقتل فيرثها كسائر الحقوق وإذا ثبتت القيمة صرفها إلى المستولدة بموجب وصيته وتحقيق مراده كأنه يقضي دينه. (ومن ارتد) بعد استحقاقه