مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٦٥
الماوردي وغيره. وفارق البيع ونحوه بأن زمن العقد يقيد صفة الثمن بالغالب من النقود، ولا يتقيد ذلك بزمن الدعوى لتقدمه عليها. نعم مطلق الدينار ينصرف إلى الدينار الشرعي كما صرح به في أصل الروضة، ولا يحتاج إلى بيان وزنه، وفي معناه مطلق الدرهم. أما إذا لم تختلف قيمة النقد بالصحة والتكسر فلا يحتاج إلى بيانهما، لكن استثنى الماوردي والروياني دين السلم فاعتبر بيانهما فيه. (أو) لم يدع الشخص دينا، بل ادعى (عينا تنضبط) بالصفة، متقومة كانت (كحيوان) وثياب، أو مثلية كحبوب، (وصفها) وجوبا (بصفة السلم) السابقة في بابه وإن لم يذكر مع الصفة القيمة في الأصح. (وقيل: يجب معها) أي صفة السلم (ذكر القيمة) لتلك العين الموصوفة، فإن لم تنضبط بالصفات كالجواهر واليواقيت وجب ذكر القيمة فيقول: جوهر قيمته كذا، وبه قال القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم.
واستثني ما لو غصب غيره منه عينا في بلد ثم لقيه في آخر وهي باقية ولكن لنقلها مؤنة فإنه يجب ذكر قيمتها، لأنها المستحقة في هذه الحالة، فإذا رد العين رد القيمة. ويبين في دعوى العقار الناحية والبلد والمحلة والسكة والحدود، وأنه في يمنة داخل السكة أو يسرته أو صدرها، ذكره البلقيني. ولا حاجة لذكر القيمة كما علم مما مر. وهذا إن بقيت العين، (فإن تلفت وهي متقومة) بكسر الواو، (وجب) مع ذلك (ذكر القيمة) لأنها الواجبة عند التلف، فلا حاجة لذكر شئ معها من الصفات كما اقتضاه كلامهم، لكن يجب ذكر الجنس فيقول: عبد قيمته مائة، فإن كانت مثلية لم يجب ذكر قيمته، ويكفي الضبط بالصفات.
تنبيه: لو كان التالف سيفا محلى ذكر قيمته بالذهب إن كانت حليته فضة، وبالفضة إن كانت حليته ذهبا، وإن كان محلى بهما قوم بأحدهما للضرورة، وهذا ما جرى عليه ابن المقري في روضه هنا تبعا لاصله. واختلف كلامهما في باب الغصب، فقال هناك: إن تبر الحلي يضمن بمثله ويبيعه بنقد البلد، وقال أصله: إن المحلى يضمن بنقد البلد وإن كان من جنسه، قال: ولا يلزم منه الربا، فإنه إنما يجرى في العقود لا في الغرامات اه‍. ويقوم مغشوش الذهب بالفضة كعكسه إذا قلنا إنها متقومة، فيدعى مائة دينار من نقد كذا قيمتها كذا درهما أو مائة درهم من نقد كذا قيمتها كذا دينارا.
فإن قلنا إنها مثلية، وهو الصحيح بناء على جواز المعاملة بها، وهو الأصح، فلا يشترط التعرض لقيمتها. ويستثنى من اشتراط العلم بالمدعى به مسائل تصح الدعوى فيها بالمجهول، منها الاقرار ولو بنكاح كالاقرار به. ومنها الوصية تحرزا عن ضياعها، ولأنها تحتمل الجهل، فكذا دعواه. ومنها فرض المفوضة لأنها تطلب من القاضي أن يفرض لها فلا يتصور منها البيان، ومثله المتعة والحكومة والرضخ وحط الكتابة والغرة والابراء المجهول في إبل الدية بناء على الأصح من صحة الابراء منه فيها. ومنها حق ممر أو إجراء الماء في أرض جددت اكتفاء بتحديد الأرض كما رجحه ابن المقري. ومنها تصح الشهادة بهذه المستثنيات لترتبها عليها.
فرع: لو أحضر ورقة فيها دعواه ثم ادعى ما في الورقة وهو موصوف بما مر، هل يكتفي بذلك أو لا؟ وجهان، أوجههما كما أشار إليه الزركشي الأول إذا قرأه القاضي أو قرئ عليه. والشرط الثاني المذكور هنا لصحة الدعوى ولم يتعرض له المصنف: أن تكون الدعوى تلزمه، فلو ادعى على غيره هبة أو بيعا أو دينا أو نحو ذلك مما الغرض منه تحصيل الحق فليذكر في دعواه وجوب التسليم كأن يقول: ويلزمه التسليم إلي أو وهو ممتنع من الأداء الواجب عليه، لأنه قد يرجع الواهب وينفسخ البيع ويكون الدين مؤجلا أو من عليه مفلسا. ولو قصد بالدعوى رفع المنازعة لا تحصيل الحق فقال: هذه الدار لي وهو يمنعنيها سمعت دعواه وإن لم يقل هي في يده، لأنه يمكن أن ينازعه.
وإن لم تكن في يده (أو) لم يدع دينا ولا عينا، بل ادعى (نكاحا لم يكف الاطلاق) فيه (على الأصح) المنصوص، (بل) يقيد ذلك، وحينئذ (يقول نكحتها بولي مرشد) قال البلقيني: وهذا ليس صريحا في العدالة، فينبغي أن يقول: بولي عدل. لكن قال الزركشي: المراد بالمرشد من دخل في الرشد أي صلح للولاية، وذلك أعم
(٤٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 460 461 462 463 464 465 466 467 468 469 470 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548