مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٤٣٠
والإناث كما يقتضيه إطلاق الجمهور خلافا للحليمي في تخصيصه بالنساء. (ويحرم ضرب الكوبة، وهي) بضم كافها وسكون واوها: (طبل طويل ضيق الوسط) واسع الطرفين، لخبر إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة رواه أبو داود وابن حبان، والمعنى فيه التشبيه بمن يعتاد ضربه وهم المخنثون. ويحرم استماعها أيضا لما مر في آلة الملاهي.
تنبيه: قضية كلامه إباحة ما عداها من الطبول من غير تفصيل كما قاله صاحب الذخائر، قال الأذرعي: لكن مرادهم ما عدا طبول اللهو كما صرح به غير واحد. وممن جزم بتحريم طبول اللهو العمران وابن أبي عصرون وغيرهما، قال في المهمات: تفسير الكوبة بالطبل خلاف المشهور في كتب اللغة. قال الخطابي: غلط من قال إنها الطبل، بل هي النرد اه‍. لكن في المحكم: الكوبة: الطبل والنرد، فجعلها مشتركة بينهما فلا يحسن التغليظ. (لا الرقص) فلا يحرم، لأنه مجرد حركات على استقامة أو اعوجاج، ولا يكره كما صرح به الفوراني وغيره، بل يباح لخبر الصحيحين:
أنه (ص) وقف لعائشة رضي الله تعالى عنها يسترها حتى تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون ويرفسون، والرفس: الرقص، وكانت عائشة إذ ذاك صغيرة أو قبل أن تنزل آية الحجاب، أو أنها كانت تنظر إلى لعبهم لا إلى أبدانهم. وقيل يكره، وجرى عليه القفال. وفي الاحياء التفرقة بين أرباب الأحوال الذين يقومون بوجه فيجوز، أي بلا كراهة، ويكره لغيرهم. قال البلقيني: ولا حاجة لاستثناء أصحاب الأحوال، لأنه ليس باختيار فلا يوصف بإباحة ولا غيرها اه‍. وهذا ظاهر إذا كانوا موصوفين بهذه الصفة، وإلا فنجد أكثر من يفعل ذلك ليس موصوفا بهذا، ولذا قال ابن عبد السلام: الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلا للنساء. ثم استثنى المصنف من إباحته ما ذكره بقوله: (إلا أن يكون فيه تكسر كفعل المخنث) وهو بكسر النون أفصح من فتحها، وبالمثلثة: من يتخلق بأخلاق النساء في حركة أو هيئة، فيحرم على الرجال والنساء كما في أصل الروضة عن الحليمي وأقره، فإن كان ذلك خلقة فلا إثم. ومما عمت به البلوى ما يفعل في وفاء النيل من رجل يزين بزينة امرأة ويسمونه عروسة البحر، فهذا ملعون، فقد لعن رسول الله (ص) المتشبهين من الرجال بالنساء، فيجب على ولي الأمر وكل من كان له قدرة على إزالة ذلك منعه منه. (ويباح قول شعر) أي إنشاؤه كما في المحرر وغيره، (وإنشاده) واستماعه لأنه (ص) كان له شعراء يصغي إليهم: منهم حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة رواه مسلم. وكان (ص) أهدر دم كعب بن زهير، فورد إلى المدينة مستخفيا، وقام إليه بعد صلاة الصبح ممتدحا فقال بانت سعاد إلى آخرها، فرضي عليه وأعطاه بردة ابتاعها منه معاوية بعشرة آلاف درهم، قال الدميري: وهي التي مع الخلفاء إلى اليوم . وقال الأصمعي: سمعت شعر الهذليين على محمد بن إدريس الشافعي رضي الله تعالى عنه. وروى الشافعي وغيره أن النبي (ص) قال: الشعر كلام حسنه كحسنه، وقبيحه كقبيحه. ثم استثنى المصنف صورا لا يباح فيها قول الشعر وإنشاده في قوله: (إلا أن يهجو) ولو بما هو صادق فيه للايذاء، وعليه حمل الشافعي خبر مسلم: لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا.
تنبيه: محل تحريم الهجاء إذا كان لمسلم، فإن كان لكافر أي غير معصوم جاز كما صرح به الروياني وغيره، لأنه (ص) أمر حسان بهجو الكفار، بل صرح الشيخ أبو حامد بأنه مندوب. ومثله في جواز الهجو المبتدع كما ذكره الغزالي في الاحياء، والفاسق المعلن كما قاله العمراني، وبحثه الأسنوي. وظاهر كلامهم جواز هجو الكافر غير المحترم المعين، وعليه فيفارق عدم جواز لعنه، فإن اللعن الابعاد من الخير، ولا عنه لا يتحقق بعده منه، فقد يختم له بخير، بخلاف الهجو. (أو) إلا أن (يفحش) بضم أوله وكسر المهملة بخطه بأن يجاوز الشاعر الحد في المدح والاطراء ولم يمكن حمله على المبالغة. روى الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله تعالى عنهم أن النبي (ص) قال:
ما كان الفحش في شئ إلا شانه، ولا كان الحياء في شئ إلا زانه. وقال ابن عبد السلام في القواعد: لا تكاد
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548