مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٩٩
فيه بعلمه ولو اعترف سرا، لقوله (ص): فإن اعترفت فارجمها ولم يقيده بأن يكون اعترافها بحضور الناس.
وخرج بحدود الله تعالى وتعزيراته حقوقه المالية فيقضي فيها بعلمه كما صرح به الدارمي، ولو قامت عنده بينة بخلاف علمه امتنع عليه الحكم بشئ منهما.
تنبيه: قال الأذرعي: وإذا نفذنا أحكام القاضي الفاسق للضرورة كما مر فينبغي أن لا ينفذ قضاؤه بعلمه بلا خلاف، إذ لا ضرورة إلى تنفيذ هذه الجزئية النادرة مع فسقه الظاهر وعدم قبول شهادته بذلك قطعا. (ولو رأى) قاض أو شاهد (ورقة فيها حكمه أو شهادته) على إنسان بشئ، (أو شهد شاهدان أنك حكمت أو شهدت بهذا لم يعمل) القاضي (به) أي بمضمون خطه، (ولم يشهد) أي الشاهد بمضمون خطه، (حتى يتذكر) كل منهما أنه حكم أو شهد به على التفصيل، لامكان التزوير وتشابه الخطوط في الحالة الأولى، وأما الثانية فلان القاعدة إذا أمكن اليقين لا يعتمد الظن، ولا يكفي تذكر أصل القضية.
تنبيه: أفهم قوله لم يعمل به جواز العمل به لغيره، وهو كذلك في الحالة الثانية، فإذا شهد غيره عنه بأن فلانا حكم بكذا اعتمدوه. والفرق أن جهله بفعل نفسه لما كان بعيدا قدح في صدق الشهود وأفهم العمل به عند التذكر، وهو ظاهر. (وفيهما) أي العمل والشهادة، (وجه في ورقة مصونة) من سجل ويحضر (عندهما) أي القاضي والشاهد أنه يجوز الاعتماد عليه إذا وثق بخطه ولم يداخله ريبة لبعد التحريف في مثل ذلك، والأصح الأول لاحتماله. (وله) أي الشخص (الحلف على استحقاق حق) له على غيره (أو) على (أدائه) لغيره، (اعتمادا على خط مورثه) أن له على فلان كذا أو عليه له كذا، (إذا وثق بخطه وأمانته) اعتضادا بالقرينة. واحتج ابن دقيق العيد لجواز اليمين على غلبة الظن بحلف عمر رضي الله تعالى عنه بحضرة النبي (ص) أن ابن صياد هو الدجال ولم ينكر عليه، وسيأتي في الدعاوى جواز الحلف على البت بظن مؤكد يعتمد خطه أو خط أبيه. وفرقوا بين ذلك وبين القضاء والشهادة بأنهما يتعلقان بغير القاضي والشاهد بخلاف الحلف، فإنه يتعلق بنفس الحالف، ويباح بغالب الظن. وضبط القفال الوثوق بخط الأب كما نقله الشيخان وأقراه بكونه بحيث لو وجد في التذكرة لفلان على كذا لم يجد من نفسه أن يحلف على نفي العلم به بل يؤديه من التركة.
تنبيه: قوله: مورثه ليس بقيد، بل خط مكاتبه الذي مات في أثناء الكتابة، وخط مأذونه القن بعد موته، وخط معامله في القراض وشريكه في التجارة كذلك عملا بالظن المؤكد، وكذا الخط ليس بقيد، بل الاخبار من عدل مثله، نبه عليه الزركشي. (والصحيح جواز رواية الحديث بخط محفوظ عنده) وإن لم يتذكره لعمل العلماء به سلفا وخلفا، وسواء أكان بخطه أم بخط غيره. والثاني: المنع كالشهادة. وفرق الأول بأنه قد يتساهل في الرواية بخلاف الشهادة لأنها تقبل من العبد والمرأة، ومن الفرع مع حضور الأصل بخلاف الشهادة، ولان الراوي يقول حدثني فلان عن فلان أنه يروي كذا، ولا يقول الشاهد حدثني فلان أنه يشهد بكذا. ويجوز للشخص أن يروي بإجازة أرسلها إليه المحدث بخطه إن عرف هو خطه اعتمادا على الخط، فيقول: أخبرني فلان كتابة أو في كتابة أو كتب إلي بكذا، ويصح أن يروي عنه بقوله: أجزتك مروياتي أو نحوها كمسموعاتي، بل لو قال: أجزت المسلمين أو من أدرك زماني أو نحو ذلك ككل أحد صح، ولا يصح بقوله: أجزت أحد هؤلاء الثلاثة مثلا مروياتي ونحوها أو أجزتك أحد هذه الكتب للجهل بالمجاز له في الأولى وبالمجاز في الثانية، ولا بقوله: أجزت من سيولد بمروياتي مثلا لعدم المجاز له. وتصح الإجازة لغير المميز، وتكفي الرواية بكتابة ونية إجازة كما تكفي مع القراءة عليه مع سكوته، وإذا كتب الإجازة استحب
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548