فيه بعلمه ولو اعترف سرا، لقوله (ص): فإن اعترفت فارجمها ولم يقيده بأن يكون اعترافها بحضور الناس.
وخرج بحدود الله تعالى وتعزيراته حقوقه المالية فيقضي فيها بعلمه كما صرح به الدارمي، ولو قامت عنده بينة بخلاف علمه امتنع عليه الحكم بشئ منهما.
تنبيه: قال الأذرعي: وإذا نفذنا أحكام القاضي الفاسق للضرورة كما مر فينبغي أن لا ينفذ قضاؤه بعلمه بلا خلاف، إذ لا ضرورة إلى تنفيذ هذه الجزئية النادرة مع فسقه الظاهر وعدم قبول شهادته بذلك قطعا. (ولو رأى) قاض أو شاهد (ورقة فيها حكمه أو شهادته) على إنسان بشئ، (أو شهد شاهدان أنك حكمت أو شهدت بهذا لم يعمل) القاضي (به) أي بمضمون خطه، (ولم يشهد) أي الشاهد بمضمون خطه، (حتى يتذكر) كل منهما أنه حكم أو شهد به على التفصيل، لامكان التزوير وتشابه الخطوط في الحالة الأولى، وأما الثانية فلان القاعدة إذا أمكن اليقين لا يعتمد الظن، ولا يكفي تذكر أصل القضية.
تنبيه: أفهم قوله لم يعمل به جواز العمل به لغيره، وهو كذلك في الحالة الثانية، فإذا شهد غيره عنه بأن فلانا حكم بكذا اعتمدوه. والفرق أن جهله بفعل نفسه لما كان بعيدا قدح في صدق الشهود وأفهم العمل به عند التذكر، وهو ظاهر. (وفيهما) أي العمل والشهادة، (وجه في ورقة مصونة) من سجل ويحضر (عندهما) أي القاضي والشاهد أنه يجوز الاعتماد عليه إذا وثق بخطه ولم يداخله ريبة لبعد التحريف في مثل ذلك، والأصح الأول لاحتماله. (وله) أي الشخص (الحلف على استحقاق حق) له على غيره (أو) على (أدائه) لغيره، (اعتمادا على خط مورثه) أن له على فلان كذا أو عليه له كذا، (إذا وثق بخطه وأمانته) اعتضادا بالقرينة. واحتج ابن دقيق العيد لجواز اليمين على غلبة الظن بحلف عمر رضي الله تعالى عنه بحضرة النبي (ص) أن ابن صياد هو الدجال ولم ينكر عليه، وسيأتي في الدعاوى جواز الحلف على البت بظن مؤكد يعتمد خطه أو خط أبيه. وفرقوا بين ذلك وبين القضاء والشهادة بأنهما يتعلقان بغير القاضي والشاهد بخلاف الحلف، فإنه يتعلق بنفس الحالف، ويباح بغالب الظن. وضبط القفال الوثوق بخط الأب كما نقله الشيخان وأقراه بكونه بحيث لو وجد في التذكرة لفلان على كذا لم يجد من نفسه أن يحلف على نفي العلم به بل يؤديه من التركة.
تنبيه: قوله: مورثه ليس بقيد، بل خط مكاتبه الذي مات في أثناء الكتابة، وخط مأذونه القن بعد موته، وخط معامله في القراض وشريكه في التجارة كذلك عملا بالظن المؤكد، وكذا الخط ليس بقيد، بل الاخبار من عدل مثله، نبه عليه الزركشي. (والصحيح جواز رواية الحديث بخط محفوظ عنده) وإن لم يتذكره لعمل العلماء به سلفا وخلفا، وسواء أكان بخطه أم بخط غيره. والثاني: المنع كالشهادة. وفرق الأول بأنه قد يتساهل في الرواية بخلاف الشهادة لأنها تقبل من العبد والمرأة، ومن الفرع مع حضور الأصل بخلاف الشهادة، ولان الراوي يقول حدثني فلان عن فلان أنه يروي كذا، ولا يقول الشاهد حدثني فلان أنه يشهد بكذا. ويجوز للشخص أن يروي بإجازة أرسلها إليه المحدث بخطه إن عرف هو خطه اعتمادا على الخط، فيقول: أخبرني فلان كتابة أو في كتابة أو كتب إلي بكذا، ويصح أن يروي عنه بقوله: أجزتك مروياتي أو نحوها كمسموعاتي، بل لو قال: أجزت المسلمين أو من أدرك زماني أو نحو ذلك ككل أحد صح، ولا يصح بقوله: أجزت أحد هؤلاء الثلاثة مثلا مروياتي ونحوها أو أجزتك أحد هذه الكتب للجهل بالمجاز له في الأولى وبالمجاز في الثانية، ولا بقوله: أجزت من سيولد بمروياتي مثلا لعدم المجاز له. وتصح الإجازة لغير المميز، وتكفي الرواية بكتابة ونية إجازة كما تكفي مع القراءة عليه مع سكوته، وإذا كتب الإجازة استحب