مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٣٤٣
المشموم حنث بذلك دون المسك والكافور والعنبر، لأنها طيب لا مشموم، ولو حلف على الورد والبنفسج لم يحنث بدهنهما، و (لو حلف لا يأكل هذه الثمرة) المعينة (فاختلطت بتمر فأكله إلا تمرة). قال الصيمري: أو أكل الغراب مثلا منه واحدة (لم يحنث) لاحتمال أن تكون المتروكة هي المحلوف عليها والأصل براءة ذمته من الكفارة والورع أن يكفر لاحتمال أنها غير المحلوف عليها، فإن علم أنه أكلها أو أكل الكل حنث. قال القفال: ويحنث بآخر تمرة يأكلها حتى لو كان الحلف بالطلاق فالعدة من حينئذ لا من وقت اشتغاله بالاكل.
تنبيه: كلامه يوهم أنه لو أكله إلا بعض تمرة أنه يحنث، وليس مرادا، فلو ذرها لعلم منها حكم ترك جميع التمرة من باب أولى. (أو) حلف (ليأكلنها) أي التمرة المعينة (فاختلطت) بتمر كله (لم يبر إلا بالجميع) لاحتمال أن تكون المتروكة هي المحلوف عليها. أما إذا لم تخلط به كله كأن وقعت في جانب من الصبرة فأكل ذلك الجانب بر كما قاله الإمام، ويقاس على ذلك ما إذا كانت التمرة متميزة عن أكثر التمر وهناك قليل يشبهها بر بأكل جميع ما يشبهها والضابط حصول اليقين بأكلها (أو) حلف (ليأكلن هذه الرمانة فإنما يبر بجميع حبها) لتعلق يمينه بالجميع، ولهذا لو قال: لا آكلها، فترك منها حبة لم يحنث (أو) حلف (لا يلبس هذين الثوبين) وأطلق (لم يحنث بأحدهما) لأن الحلف عليهما، فإن نوى أن لا يلبس منهما شيئا حنث بأحدهما كما نص عليه في الام. ولو أتى بواو العطف بدلا عن التثنية كما لو قال: لا ألبس هذا الثوب وهذا الثوب كان الحكم كذلك (فإن لبسهما معا) أي في مدة واحدة (أو مرتبا) بأن لبس أحدهما ثم قلعه ثم لبس الآخر (حنث) لوجود المحلوف عليه.
تنبيه: قد استعمل المصنف معا للاتحاد في الزمان وفاقا لثعلب وغيره، لكن الراجح عند ابن مالك خلافه، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في كتاب الجراح. (أو) قال في حلفه أنه (لا ألبس هذا ولا هذا حنث بأحدهما) لأنهما يمينان، حتى لو حنث في أحدهما بقيت اليمين منعقدة على فعل الآخر حتى إذا وجد كفر أخرى، لأن إدخال حرف العطف وتكرير لا بينهما يقتضي ذلك. ويخالف ما لو حذف لا فإنه لا يحنث إلا بالجميع كما مر لتردده بين جعلهما كالشئ الواحد والشيئين، والأصل براءة الذمة وعدم الحنث، فإذا أدخل لا فلا بد من فائدة وليس إلا إفراد كل منهما باليمين فحملت عليه، ولذا قال النحاة: إن النفي بلا لنفي كل واحد.
ودونها لنفي المجموع. فروع: لو حلف لا يلبس شيئا فلبس درعا، وهي من الحديد مؤنثة عند الجمهور، وحكى أبو عبيدة والجوهري فيها التذكير والتأنيث، هذا في درع الرجل، وأما درع المرأة فمذكر باتفاق، أو جوشنا بفتح الجيم والشين المعجمة، أو خفا أو نعلا، وهي مؤنثة، أو خاتما، أو قلنسوة أو نحوها من سائر ما يلبس حنث لصدق الاسم بذلك. وفرق بعضهم بين الدرع والجوشن بأن الأول سابغ كله، والثاني إلى نصف الفخذ وإلى نصف العضد، وإن حلف لا يلبس ثوبا حنث بقميص ورداء، وسراويل وجبة وقباء ونحوها، مخيطا كان أو غيره، من قطن وكتان وصوف وإبريسم سواء لبسه بالهيئة المعتادة أم لا، بأن ارتدى، أو اتزر بالقميص، أو تعمم بالسراويل لتحقق اسم اللبس والثوب لا بالجلود والقلنسوة والحلي لعدم اسم الثوب. نعم إن كان من ناحية يعتادون لبس الجلود ثيابا فيشبه كما قال الأذرعي أنه يحنث بها ولا يحنث بوضع الثوب على رأسه، ولا بافتراشه تحته ولا بتدثره، لأن ذلك لا يسمى لبسا وإنما حرم افتراش الحرير لأنه نوع استعمال فكان كسائر أنواع الاستعمال. وإن حلف على رداء أنه لا يلبسه ولم يذكر الرداء في يمينه بل قال: لا ألبس هذا الثوب فقطعه قميصا ولبسه حنث لأن اليمين على لبسه ثوبا فحمل على العموم كما لو حلف لا يلبس قميصا منكرا أو معرفا كهذا القميص فارتدى أو اتزر به حنث لتحقق اسم اللبس والقميص. وقد مر نظيره في الحلف على لبس الثوب لا إن ارتدى أو اتزر به بعد فتقه لزوال اسم القميص فلو أعاده على هيئته الأولى فكالدار
(٣٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 338 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548