الأجنبي لا يعمل، ولا أن تحسب لأحدهما الإصابة بإصابتين، ولا أن يحط من إصابته شئ لأن هذه المعاملة مبنية على التساوي، ولو سأل أحدهما وضع المال الملتزم عند عدل والآخر تركه عندهما، وهو عين أجيب، وإلا فلا وإن اختار كل منهما عدلا اختار الحاكم عدلا قطعا للنزاع. وهل يتعين أحد العدلين أو لا؟. وجهان: أوجههما كما قال شيخنا الثاني، ولا أجرة للعدل وإن جرت بها عادة كما في الخياط والغسال. وإن اختلفا في مكان المحلل لزم توسطه، فإن تنازع المتسابقان في اليمين واليسار أقرع بينهما، ويمنع أحدهما من أذية صاحبه بالتبجح والفخر عليه ولا يجوز شرط حمل أحدهما في يده من النبل أكثر مما في يد الآخر، ولكل منهما حث الفرس في السباق بالسوط وتحريك اللجام، ولا يجلب عليه بالصياح ليزيد عدوه، لخبر: لا جلب ولا جنب. قال الرافعي: وذكر في معنى الجنب أنهم كانوا يجنبون الفرس حتى إذا قاربوا الأمد تحولوا عن المركوب الذي كره بالركوب إلى الجنيبة فنهوا عنه.
كتاب الايمان بفتح الهمزة جمع يمين. وأصلها في اللغة اليد اليمين، وأطلقت على الحلف لأنهم كانوا إذا تحالفوا يأخذ كل واحد منهم بيمين صاحبه، وسمي العضو باليمين لوفور قوته. قال تعالى * (لاخذنا منه باليمين) * أي: بالقوة. ولما كان الحلف يقوي الحنث على الوجود أو العدم سمي يمينا، وقيل لأنها تحفظ الشئ على الحالف كما تحفظه اليد. وفي الاصطلاح تحقيق أمر غير ثابت ماضيا كان أو مستقبلا نفيا أو إثباتا ممكنا كحلفه ليدخلن الدار، أو ممتنعا كحلفه ليقتلن الميت، صادقة كانت أو كاذبة مع العلم بالحال أو الجهل به، وخرج بالتحقيق لغو اليمين فليست يمينا كما سيأتي، وبغير ثابت الثابت كقوله: والله لأموتن أو لا أصعد السماء، لتحققه في نفسه فلا معنى لتحقيقه، ولأنه لا يتصور فيه الحنث، وفارق انعقادها بما لا يتصور فيه البر كحلفه ليقتلن الميت بأن امتناع الحنث لا يخل بتعظيم اسم الله تعالى وامتناع البر يخل به فيحوج إلى التفكير ويكون أيضا للتأكيد والأصل في الباب قبل الاجماع آيات كقوله تعالى * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) * الآية، وقوله: * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) * وأخبار منها: أنه (ص) كان يحلف: لا ومقلب القلوب رواه البخاري، وقوله والله لأغزون قريشا - ثلاث مرات - ثم قال في الثالثة: إن شاء الله رواه أبو داود واليمين والقسم والايلاء والحلف ألفاظ مترادفة.
تنبيه: أهمل المصنف ضابط الحالف استغناء بما سبق منه في الطلاق والايلاء، وهو غير كاف والأضبط أن يقال:
مكلف مختار قاصد فلا تنعقد يمين الصبي والمجنون ولا المكره ولا يمين اللغو. ثم شرع فيما تنعقد اليمين به، فقال: ( لا تنعقد إلا بذات الله تعالى أو صفة له) بأن يحلف بما مفهومه الذات أو الصفة، فالذات (كقوله والله) يجر أو نصب أو رفع سواء تعمد ذلك أم لا والصفة كقوله: (ورب العالمين) أي مالك المخلوقات، لأن كل مخلوق علامة على وجود خالقه (والحي الذي لا يموت، ومن نفسي بيده) أي بقدرته يصرفها كيف يشاء (وكل اسم مختص به سبحانه وتعالى) غير ما ذكر كالإله ومالك يوم الدين والذي أعبده أو أسجد له، لأن الايمان معقودة بمن عظمت حرمته ولزمت طاعته، وإطلاق هذا مختص بالله تعالى فلا تتعد بالمخلوقات كوحق النبي وجبريل والملائكة والكعبة، وفي الصحيحين: إن الله نهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت والحلف بذلك مكروه، وما روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي (ص) قال من حلف بغير الله فقد كفر وروي فقد أشرك حمل على من اعتقد فيما حلف به من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى (ولا يقبل قوله) في هذا القسم