تنبيه: قد علم بما فسر به الصفة أن المراد بالاسم جميع أسماء الله تعالى الحسنى التسعة والتسعين سواء المشتق من صفات ذاته كالسميع والبصير والعالم والقادر، والمشتق من صفات الفعل كالخالق والرازق، والفرق بين صفتي الذات والفعل أن الأولى ما استحقه في الأزل، والثانية ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل يقال عالم في الأزل، ولا يقال رزق في الأزل إلا توسعا باعتبار ما يؤول إليه الامر. (إلا أن ينوي) أي يريد (بالعلم المعلوم) كما يقال اغفر لنا علمك فينا - أي معلومك به - (وبالقدرة المقدور) كما يقال انظر لقدرة الله - أي مقدورة - فلا يكون يمينا في المسألتين، ويكون كأنه قال:
ومعلوم الله ومقدور الله لأن اللفظ محتمل، وما جزم به من أن عظمة الله صفة هو المعروف وبني عليه بعضهم منع قولهم: سبحان من تواضع كل شئ لعظمته، قال: لأن التواضع للصفة عبادة لها ولا يعبد إلا الذات ومنع القرافي ذلك وقال: الصحيح أن عظمة الله لمجموع من الذات والصفات فالمعبود مجموعهما.
تنبيه: ظاهر كلامه تخصيص الاستثناء بهاتين الصفتين العلم والقدرة دون ما قبلهما من الصفات إذ يتخيل فيها مثل هذا الاحتمال، وهو وجه جزم به كثيرون والأصح كما في الشرحين والروضة عدم الفرق لأنه قد يقال عاينت عظمة الله وكبرياءه ويشير إلى أفعاله سبحانه وتعالى، وقد يراد بالجلال والعزة والكبرياء ظهور أثرها على المخلوقات، وبالكلام الحروف والأصوات الدالة عليه، وقد قال تعالى: * (فأجره حتى يسمع كلام الله) * وإنما يسمع الأصوات.
(ولو قال) الحالف في يمينه (وحق الله) بالجر (فيمين) إن نوى اليمين قطعا، وكذا إن أطلق في الأصح لغلبة استعماله في اليمين فنزل الاطلاق عليه قال المروزي: ومعناه وحقية الإلهية، لأن الحق ما لا يمكن جحوده فهو في الحقيقة اسم من أسماء الله تعالى. وقال غيره: حق الله هو القرآن. قال تعالى: * (وإنه لحق اليقين) * والحلف بالقرآن يمين في صورة الاطلاق فكذا ما نحن فيه (إلا أن يريد) بالحق (العبادات) التي أمر الله بها فلا يكون يمينا قطعا لأن العبادات حق لله تعالى علينا وليست صفة له تعالى، فإن رفع الحق أو نصبه فكناية لتردده بين استحقاق الطاعة والإلهية فليس بيمين إلا بنية، ولو حلف المسلم بآية منسوخة من القرآن أو بالتوراة أو الإنجيل انعقدت يمينه وتنعقد اليمين بقوله: وكتاب الله أو قرآن الله كما نقلاه عن البغوي وأقراه. قالا: وقال إبراهيم المروزي وكذا لو قال: والقرآن أو المثبت في المصحف إلا أن يريد بالقرآن الخطبة أو الصلاة وبقوله المصحف إلا أن يريد الورق أو الجلد.
فائدة: قال ابن الرفعة: يقتضي كلام المحاملي والماوردي وابن الصباغ والروياني أن الحلف بالطالب الغالب يمين صريحة لأن فيها تنبيها على استجلاب منافعه واستدفاع مضاره، قال: وسماعي من أقضى القضاة الجمال يحيى بن الحسين خليفة الحكم العزيز بمصر أن الحلف بذلك لا يشرع، وكان يذكر أنه نقله عن أئمة المذهب، ويوجهه بأن الله تعالى وإن كان طالبا غالبا فأسماؤه تعالى توقيفية ولم ترد تسميته بذلك اه. قال الدميري: وكان الجمال يحيى من صدور الشافعية نائبا عن قاضي القضاة ابن رزين قال له يوما قاضي القضاة: لو أردت عزلتك، قال: لا تطيق ذلك، قال: ولم؟
قال: كنا يوما عند الفقيه أبي طاهر فحصلت له حالة، فقال: من له حاجة يذكرها؟ فقلت: أنا أريد أن أكون نائب حكم ولا يعزلني أحد، فقال: لك ذلك. قال الخطابي: وما جرت به عادة الحكام من تغليظ الايمان وتوكيدها إذا حلفوا الرجل أن يقولوا بالله الطالب الغالب المدرك المهلك لا يجوز أن يطلق في حقه تعالى ذلك، ولو جاز أن يعد ذلك في أسمائه وصفاته لجاز في أسمائه المخزي والمضل لأنه قال: * (وإن الله مخزي الكافرين) * وقال: * (كذلك يضل الله من يشاء) * (حروف القسم) ثلاثة (باء) موحدة (وواو، وتاء) فوقانية لاشتهارها فيه شرعا وعرفا (كبالله، ووالله، وتالله) لأفعلن كذا وزاد المحاملي والشيخ أبو حامد على الثلاثة الألف نحو الله بدل الهمزة وسيأتي كناية والأصل الباء الموحدة، ثم الواو ثم التاء الفوقية كما ذكرها المصنف كذلك لابدال التاء الفوقية من الواو والواو من الباء الموحدة كما ذكره الزمخشري ولدخولها على المضمر كالمظهر تقول: حلفت بك وبه لأفعلن كذا، والواو تختص بالمظهر (وتختص التاء) الفوقية