تنبيه: محل الخلاف ما إذا لم يعلم له يمين ماضية وإلا قبل قوله في إرادتها قطعا. (ولو قال) شخص (لغيره أقسم عليك بالله أو أسألك بالله لتفعلن) كذا (وأراد يمين نفسه فيمين) لاشتهاره في ألسنة حملة الشرع، ويسن للمخاطب إبراره فيهما إن لم يتضمن الأبرار ارتكاب محرم أو مكروه، فإن لم يبره فالكفارة على الحالف (وإلا) بأن أراد يمين المخاطب أو لم يرد يمينا، بل التشفع إليه أو أطلق (فلا) يكون يمينا في الصور الثلاث، لأنه لم يحلف هو ولا المخاطب ويحمل على الشفاعة في فعله، ويكره السؤال بوجه الله، ورد السائل به لحديث: لا يسئل بوجه الله إلا الجنة وخبر: من سأل بالله تعالى فأعطوه.
فروع: لو حلف شخص بالله، فقال: آخر يمين في يمينك أو يلزمني ما يلزمك، لم يلزمه شئ وإن نوى به اليمين لخلو ذلك عن اسم الله تعالى وصفة من صفاته، وإن قال: اليمين لازمة لي لم يلزمه شئ، وإن نوى لما مر، وإن قال:
أيمان البيعة لازمة لي وهي بيعة الحجاج، فإن البيعة كانت على عهد رسول الله (ص) بالمصافحة فلما ولى الحجاج رتبها أيمانا تشتمل على اسم الله تعالى وعلى الطلاق والعتاق والحج والصدقة لم يلزمه شئ وإن نوى، لأن الصريح لم يوجد والكناية تتعلق بما يتضمن إيقاعا، وأما في الالتزام فلا، إلا أن ينوي الطلاق والعتاق فيلزمه لأن للكناية مدخلا فيهما، ولو قال: إن فعلت كذا فأيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتاقها وحجها وصدقتها. ففي التتمة أن الطلاق لا حكم له لأنه لا يصح التزامه، والباقي يتعلق به الحكم إلا أنه في الحج والصدقة كنذر اللجاج والغضب. وقول الحالف لاها الله - بالمد والقصر - كناية إن نوى به اليمين فيمن وإلا فلا، وإن كان مستعملا في اللغة لعدم اشتهاره. وقوله: وأيم الله بضم الميم أشهر من كسرها ووصل الهمزة ويجوز قطعها، وأيمن الله كذلك، وإنما لم يكن كل منهما يمينا إذا أطلق لأنه وإن اشتهر في اللغة وورد في الخبر لا يعرفه إلا الخواص. وقوله لعمر الله والمراد منه البقاء والحياة كذلك، وإنما لم يكن صريحا لأنه يطلق مع ذلك على العبادات. وقوله: على عهد الله وميثاقه وأمانته وذمته وكفالته كل منها كذلك. سواء أضاف المعطوفات إلى الضمير كما مثل أم إلى الاسم الظاهر. والمراد بعهد الله إذا نوى به اليمين استحقاقه لايجاب ما أوجبه علينا وتعبدنا به، وإذا نوى به غير العبادات التي أمرنا بها، وقد فسر بها الأمانة في قوله تعالى * (إنا عرضنا الأمانة) * فإن نوى اليمين بالكل انعقدت يمين واحدة، والجمع بين الألفاظ أكيد، فلا يتعلق بالحنث فيها إلا كفارة واحدة، ولو نوى بكل لفظ يمينا كان يمينا ولم يلزمه إلا كفارة واحدة كما لو حلف على الفعل الواحد مرارا. (ولو قال إن فعلت كذا فأنا يهودي) أو نصراني أو مستحل الخمر (أو برئ من الاسلام) ونحو ذلك كقوله: برئ من الله أو من رسوله أو من الكعبة (فليس بيمين) لخلوه عن ذكر اسم الله تعالى وصفته، ولا كفارة عليه في الحنث به والحلف بذلك معصية والتلفظ به حرام كما قاله المصنف في الأذكار هذا إذا قصد بذلك تبعيد نفسه عن ذلك المحلوف عليه، أما لو قال ذلك على قصد الرضا بالتهود وما في معناه إذا فعل ذلك الفعل كفر في الحال، فإن لم يعرف قصده لموت أو غيبة وتعذرت مراجعته، ففي المهمات: القياس تكفيره إذا عري عن القرائن الحاملة على غيره، لأن اللفظ بوضعه يقتضيه، وكلام الأذكار يقتضي خلافه اه. والأوجه ما في الأذكار. قال في زيادة الروضة: قال الأصحاب: وإذا لم نكفره استحب له أن يستغفر الله تعالى ويقول لا إله إلا الله محمد رسول الله اه. ولا يحالف ذلك ما في الصحيحين: من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله فإنه محمول على الندب، وإن قال صاحب الاستقصاء بوجوب ذلك وتجب التوبة من كل معصية، ويسن الاستغفار من كل تكلم بكلام قبيح. ويشترط في انعقاد اليمين كون الحالف قاصدا معناه (و) حينئذ (من سبق لسانه إلى لفظها) أي اليمين (بلا قصد) لمعناها (لم تنعقد) يمينه لقوله تعالى * (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان) *. أي قصدتم بدليل الآية الأخرى * (ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم) * ولغو اليمين كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها قول الرجل لا والله وبلى