مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٥
لم يشرط في أحد وجهين نقله الأذرعي وغيره عن النص لتلبيسهم علينا، ولو توثن نصراني بلغ المأمن. ثم أطفال المتوثنين من أمهم النصرانية نصارى، وكذا أطفال النصارى من أمهم الوثنية فتقعد الجزية لمن بلغ منهم لأنه قد ثبت له علقة التنصر، فلا تزول بما يحدث بعد. (ولا جزية على امرأة) لقوله تعالى * (قاتلوا الذين لا يؤمنون) *: إلى قوله: * (وهم صاغرون) * وهو خطاب الذكور، وحكى ابن المنذر فيه الاجماع، وروى البيهقي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن تؤخذ الجزية من النساء والصبيان.
تنبيه: لو طلب النساء عقد الذمة بالجزية أعلمهن الإمام بأنه لا جزية عليهن، فإن رغبن في بذلها فهي هبة لا تلزم إلا بالقبض. (و) لا على (خنثى) لاحتماله كونه أنثى، فإن بانت ذكورته، وقد عقد له الجزية طالبناه بجزية المدة الماضية عملا بما في نفس الامر بخلاف ما لو دخل حربي دارنا وبقي مدة ثم أطلعنا عليه لا نأخذ منه شيئا لما مضى لعدم عقد الجزية له، والخنثى كذلك إذا بانت ذكورته ولم تعقد له الجزية، وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاق من صحح الاخذ منه، ومن صحح عدمه كما أشار البلقيني (و) لا على (من فيه رق) فمن كله رقيق أولى ولو مكاتبا، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، والعبد مال والمال لا جزية فيه، كما لا تجب على العبد لا تجب على سيده بسببه.
فإن قيل: هلا وجبت على المبعض بقدر ما فيه من الحرية كمن تقطع جنونه، فإن إفاقته تلفق كما سيأتي، ويجب عليه بقدرها. أجيب بأن الجنون والإفاقة لم يجتمعا في وقت واحد بخلاف الرق والحرية (و) لا على (صبي) لقوله (ص) ل معاذ لما بعثه إلى اليمن: خذ من كل حالم - أي محتلم - دينارا رواه الترمذي وأبو داود. ولو عقد على الرجال أن يؤدوا عن نسائهم وصبيانهم شيئا غير ما يؤدونه عن أنفسهم، فإن كان من أموال الرجال جاز ولزمهم، وإن كان من أموال النساء والصبيان لم يجز كما قاله الإمام (و) لا على (مجنون) أطبق جنونه لعدم تكليفه (فإن تقطع جنونه) وكان (قليلا كساعة من شهر لزمته) ولا عبرة بهذا الزمن اليسير، وكذا لا أثر ليسير زمن الإفاقة كما بحثه شيخنا (أو كثيرا كيوم ويوم. فالأصح تلفق الإفاقة) أي زمنها (فإذا بلغت) أزمنة الإفاقة المتفرقة (سنة) فأكثر (وجبت) جزية اعتبارا للأزمنة المتفرقة بالأزمنة المجتمعة، والثاني لا شئ عليه لنقصانه كالمبعض.
تنبيه: محل الخلاف إذا أمكن التلفيق، فإن لم يمكن أجرى عليه أحكام الجنون كما استظهره شيخنا. هذا إذا تعاقب الجنون والإفاقة، فلو كان عاقلا فجن في أثناء الحول فكموت الذمي في أثنائه، وإن كان مجنونا فأفاق في أثنائه استقبل الحول حينئذ. (ولو بلغ ابن ذمي) ولو بنبات عانته أو أفاق المجنون أو عتق العبد (ولم يبذل) - بالمعجمة - أي يعط (جزية) بعد طلبنا لها منه (ألحق بمأمنه) سواء أعتق العبد ذمي أم مسلم، وعن مالك أن عتيق المسلم لا تضرب عليه الجزية لحرمة ولائه (وإن بذلها) من ذكر (عقد له) ولا يكفي عقد أب وسيد، ولو كان كل منهما قد أدخله في عقده إذا بلغ أو عتق كأن قال قد التزمت هذا عني وعن ابني إذا بلغ، أو عبدي إذا عتق (وقيل عليه ) أي الصبي (كجزية أبيه) ولا يحتاج إلى عقد اكتفاء بعقد أبيه، وإذا لم يكف ذلك فيعقد له عقدا مستأنف، ويساوم كغيره لانقطاع التبعية بالكمال ولوجوب جزية أخرى، ومر أن إعطاءها في الآية بمعنى التزامها، وللإمام أن يجعل حول التابع والمتبوع واحدا ليسهل عليه أخذ الجزية، ويستوفى ما لزم التابع في بقية العام الذي اتفق الكمال في أثنائه إن رضي التابع بذلك أو يؤخره إلى الحول الثاني فيأخذه مع جزية المتبوع في آخره، لئلا يختلف أواخر الأحوال، وإن شاء إفرادهما بحول فيأخذ ما لزم كلا منهما عند تمام حوله.
تنبيه: لو بلغ الصبي سفيها فعقد لنفسه أو عقد له وليه بدينار صح لأن فيه مصلحة حقن الدم، أو بأكثر من دينار لم يصح لأن الحقن ممكن بدينار. فإن قيل: لو صالح السفيه مستحق القصاص الواجب عليه بأكثر من
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548