لم يشرط في أحد وجهين نقله الأذرعي وغيره عن النص لتلبيسهم علينا، ولو توثن نصراني بلغ المأمن. ثم أطفال المتوثنين من أمهم النصرانية نصارى، وكذا أطفال النصارى من أمهم الوثنية فتقعد الجزية لمن بلغ منهم لأنه قد ثبت له علقة التنصر، فلا تزول بما يحدث بعد. (ولا جزية على امرأة) لقوله تعالى * (قاتلوا الذين لا يؤمنون) *: إلى قوله: * (وهم صاغرون) * وهو خطاب الذكور، وحكى ابن المنذر فيه الاجماع، وروى البيهقي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى أمراء الأجناد أن تؤخذ الجزية من النساء والصبيان.
تنبيه: لو طلب النساء عقد الذمة بالجزية أعلمهن الإمام بأنه لا جزية عليهن، فإن رغبن في بذلها فهي هبة لا تلزم إلا بالقبض. (و) لا على (خنثى) لاحتماله كونه أنثى، فإن بانت ذكورته، وقد عقد له الجزية طالبناه بجزية المدة الماضية عملا بما في نفس الامر بخلاف ما لو دخل حربي دارنا وبقي مدة ثم أطلعنا عليه لا نأخذ منه شيئا لما مضى لعدم عقد الجزية له، والخنثى كذلك إذا بانت ذكورته ولم تعقد له الجزية، وعلى هذا التفصيل يحمل إطلاق من صحح الاخذ منه، ومن صحح عدمه كما أشار البلقيني (و) لا على (من فيه رق) فمن كله رقيق أولى ولو مكاتبا، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، والعبد مال والمال لا جزية فيه، كما لا تجب على العبد لا تجب على سيده بسببه.
فإن قيل: هلا وجبت على المبعض بقدر ما فيه من الحرية كمن تقطع جنونه، فإن إفاقته تلفق كما سيأتي، ويجب عليه بقدرها. أجيب بأن الجنون والإفاقة لم يجتمعا في وقت واحد بخلاف الرق والحرية (و) لا على (صبي) لقوله (ص) ل معاذ لما بعثه إلى اليمن: خذ من كل حالم - أي محتلم - دينارا رواه الترمذي وأبو داود. ولو عقد على الرجال أن يؤدوا عن نسائهم وصبيانهم شيئا غير ما يؤدونه عن أنفسهم، فإن كان من أموال الرجال جاز ولزمهم، وإن كان من أموال النساء والصبيان لم يجز كما قاله الإمام (و) لا على (مجنون) أطبق جنونه لعدم تكليفه (فإن تقطع جنونه) وكان (قليلا كساعة من شهر لزمته) ولا عبرة بهذا الزمن اليسير، وكذا لا أثر ليسير زمن الإفاقة كما بحثه شيخنا (أو كثيرا كيوم ويوم. فالأصح تلفق الإفاقة) أي زمنها (فإذا بلغت) أزمنة الإفاقة المتفرقة (سنة) فأكثر (وجبت) جزية اعتبارا للأزمنة المتفرقة بالأزمنة المجتمعة، والثاني لا شئ عليه لنقصانه كالمبعض.
تنبيه: محل الخلاف إذا أمكن التلفيق، فإن لم يمكن أجرى عليه أحكام الجنون كما استظهره شيخنا. هذا إذا تعاقب الجنون والإفاقة، فلو كان عاقلا فجن في أثناء الحول فكموت الذمي في أثنائه، وإن كان مجنونا فأفاق في أثنائه استقبل الحول حينئذ. (ولو بلغ ابن ذمي) ولو بنبات عانته أو أفاق المجنون أو عتق العبد (ولم يبذل) - بالمعجمة - أي يعط (جزية) بعد طلبنا لها منه (ألحق بمأمنه) سواء أعتق العبد ذمي أم مسلم، وعن مالك أن عتيق المسلم لا تضرب عليه الجزية لحرمة ولائه (وإن بذلها) من ذكر (عقد له) ولا يكفي عقد أب وسيد، ولو كان كل منهما قد أدخله في عقده إذا بلغ أو عتق كأن قال قد التزمت هذا عني وعن ابني إذا بلغ، أو عبدي إذا عتق (وقيل عليه ) أي الصبي (كجزية أبيه) ولا يحتاج إلى عقد اكتفاء بعقد أبيه، وإذا لم يكف ذلك فيعقد له عقدا مستأنف، ويساوم كغيره لانقطاع التبعية بالكمال ولوجوب جزية أخرى، ومر أن إعطاءها في الآية بمعنى التزامها، وللإمام أن يجعل حول التابع والمتبوع واحدا ليسهل عليه أخذ الجزية، ويستوفى ما لزم التابع في بقية العام الذي اتفق الكمال في أثنائه إن رضي التابع بذلك أو يؤخره إلى الحول الثاني فيأخذه مع جزية المتبوع في آخره، لئلا يختلف أواخر الأحوال، وإن شاء إفرادهما بحول فيأخذ ما لزم كلا منهما عند تمام حوله.
تنبيه: لو بلغ الصبي سفيها فعقد لنفسه أو عقد له وليه بدينار صح لأن فيه مصلحة حقن الدم، أو بأكثر من دينار لم يصح لأن الحقن ممكن بدينار. فإن قيل: لو صالح السفيه مستحق القصاص الواجب عليه بأكثر من