تنبيه: قضية إطلاقه أنه يعطاها متى فتحت بدلالته ولو في وقت آخر كأن تركناها ثم عدنا إليها وهو كذلك. (أو) فتحت من غير من عاقده ولو بدلالته أو ممن عاقده لكن (بغيرها) أي دلالته (فلا) شئ له (في الأصح) أما في الأولى فلانتفاء معاقدته مع من فتحها، وأما في الثانية فلان القصد الدلالة الموصلة إلى الفتح ولم توجد، والثاني يستحقها لدلالته ولا ينظر إلى ذلك (فإن لم تفتح) تلك القلعة (فلا شئ له) لأن الاستحقاق مقيد بشيئين: الدلالة والفتح (وقيل:
إن لم يعلق الجعل بالفتح فله أجرة مثل) لوجود الدلالة، ورد بأن تسليمها لا يمكن إلا بالفتح فالشرط مقيد به حقيقة وإن لم يجر لفظا، أما إذا علق الجعل بالفتح فلا يستحق شيئا قطعا.
تنبيه: هذا إذا كان الجعل من القلعة، فإن كان من غيرها قال الماوردي: لا يشترط في استحقاقه فتحها بلا خلاف. (فإن لم يكن فيها جارية) أصلا (أو) كانت ولكن (ماتت قبل العقد فلا شئ) له لفقد المشروط (أو ) ماتت (بعد) العقد و (الظفر قبل التسليم) بها (وجب بدل) عنها جزما لأنها حصلت في قبضة الإمام، فالتلف من ضمانه (أو) ماتت (قبل ظفر) بها (فلا) بدل عنها (في الأظهر) لأن الميتة غير مقدور عليها فصارت كأن لم تكن فيها. والثاني تجب، ورجحه البلقيني، لأن العقد قد علق بها وهي حاصلة ثم تعذر تسليمها وهروبها قبل الظفر بها كموتها (وإن أسلمت) دون العلج بعد العقد وقبل ظفر بها أو بعده (فالمذهب وجوب بدل) لتعذر تسليمها له بالاسلام بناء على عدم جواز شراء الكافر مسلما. قال البلقيني: وهذا البناء مردود بل يستحقها قطعا، لأنه استحقها بالظفر وقد كانت إذا ذاك كافرة فلا يرتفع ذلك بإسلامها، كما لو ملكها ثم أسلمت، لكن لا تسلم إليه، بل يؤمر بإزالة ملكه عنها، كما لو أسلم العبد الذي باعه المسلم للكافر قبل القبض، لكن هناك يقبضه له الحاكم، وهنا لا يحتاج إلى قبض. وقد يفرق بين ما هنا وبين البيع لأن البيع عقد لازم وهنا جعالة جائزة مع المسامحة فيها ما لا يتسامح في غيرها فلا يلحق بغيرها. أما لو أسلمت قبل العقد فلا شئ له إن علم بذلك، وبأنها قد فاتته كما قاله البلقيني، وكلام غيره يقتضيه وإن كان ظاهر عبارة المصنف بغير التقدير الذي ذكرته استحقاقه، لأنه عمل متبرعا (وهو) أي البدل في الجارية المعينة حيث وجب (أجرة مثل) في الأصح عند الإمام (وقيل قيمتها) وهو الأصح كما عليه الجمهور ونص عليه أيضا الشافعي في الام ومحله من الأخماس الأربعة، لا من أصل الغنيمة، ولا من سهم المصالح. وأما المبهمة فإن وجب البدل فيها فيجوز أن يقال يرجع بأجرة المثل قطعا لتعذر تقويم المجهول ويجوز أن يقال تسلم إليه قيمة من تسلم إليه قبل الموت قاله الشيخان.
والثاني أوجه على ما عليه الجمهور. أما إذا فتحت القلعة صلحا بدلالته فينظر إن دخلت الجارية المشروطة في الأمان ولم يرض أصحاب القلعة بتسليمها إليه، ولا رضى العلج بعوضها، وأصروا على ذلك نقضنا الصلح وبلغوا المأمن بأن يردوا إلى القلعة ليستأنف القتال، وإن رضي أصحاب القلعة بتسليمها بقيمتها دفعنا لهم القيمة، وهل هي من سهم المصالح أو من حيث يكون الرضخ؟ وجهان: أوجههما كما قال الزركشي الثاني، وإن كانت خارجة عن الأمان بأن كان الصلح على أمان صاحب القلعة وأهله ولم تكن الجارية منهم سلمت إلى العلج.
خاتمة: فيها مسائل منشورة: لو صال زعيم قلعة وهو سيد أهلها على أمان مائة منهم صح وإن جهلت أعيانهم وصفاتهم للحاجة إليه، فإن عد مائة غير نفسه جاز للإمام قتله لخروجه عن المائة واستدل له الرافعي وغيره بأن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه حاصر مدينة فصالحه دهقانها على أن يفتح له المدينة ويؤمن مائة رجل من أهلها، فقال أبو موسى: اللهم أنسه نفسه، فلما عدهم قال له أبو موسى أفرغت؟ فقال نعم، فأمنهم وأمر بقتل الدهقان، فقال:
أتعذرني وقد أمنتني؟ قال: أمنت العدة التي سميت ولم تسم نفسك، فنادى بالويل وبذل مالا فلم يقبله منه وقتله ويسقط بإسلام الكافر حد الزنا عنه كما مر في بابه لآية * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * مع كون