مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٤١
تنبيه: قضية إطلاقه أنه يعطاها متى فتحت بدلالته ولو في وقت آخر كأن تركناها ثم عدنا إليها وهو كذلك. (أو) فتحت من غير من عاقده ولو بدلالته أو ممن عاقده لكن (بغيرها) أي دلالته (فلا) شئ له (في الأصح) أما في الأولى فلانتفاء معاقدته مع من فتحها، وأما في الثانية فلان القصد الدلالة الموصلة إلى الفتح ولم توجد، والثاني يستحقها لدلالته ولا ينظر إلى ذلك (فإن لم تفتح) تلك القلعة (فلا شئ له) لأن الاستحقاق مقيد بشيئين: الدلالة والفتح (وقيل:
إن لم يعلق الجعل بالفتح فله أجرة مثل) لوجود الدلالة، ورد بأن تسليمها لا يمكن إلا بالفتح فالشرط مقيد به حقيقة وإن لم يجر لفظا، أما إذا علق الجعل بالفتح فلا يستحق شيئا قطعا.
تنبيه: هذا إذا كان الجعل من القلعة، فإن كان من غيرها قال الماوردي: لا يشترط في استحقاقه فتحها بلا خلاف. (فإن لم يكن فيها جارية) أصلا (أو) كانت ولكن (ماتت قبل العقد فلا شئ) له لفقد المشروط (أو ) ماتت (بعد) العقد و (الظفر قبل التسليم) بها (وجب بدل) عنها جزما لأنها حصلت في قبضة الإمام، فالتلف من ضمانه (أو) ماتت (قبل ظفر) بها (فلا) بدل عنها (في الأظهر) لأن الميتة غير مقدور عليها فصارت كأن لم تكن فيها. والثاني تجب، ورجحه البلقيني، لأن العقد قد علق بها وهي حاصلة ثم تعذر تسليمها وهروبها قبل الظفر بها كموتها (وإن أسلمت) دون العلج بعد العقد وقبل ظفر بها أو بعده (فالمذهب وجوب بدل) لتعذر تسليمها له بالاسلام بناء على عدم جواز شراء الكافر مسلما. قال البلقيني: وهذا البناء مردود بل يستحقها قطعا، لأنه استحقها بالظفر وقد كانت إذا ذاك كافرة فلا يرتفع ذلك بإسلامها، كما لو ملكها ثم أسلمت، لكن لا تسلم إليه، بل يؤمر بإزالة ملكه عنها، كما لو أسلم العبد الذي باعه المسلم للكافر قبل القبض، لكن هناك يقبضه له الحاكم، وهنا لا يحتاج إلى قبض. وقد يفرق بين ما هنا وبين البيع لأن البيع عقد لازم وهنا جعالة جائزة مع المسامحة فيها ما لا يتسامح في غيرها فلا يلحق بغيرها. أما لو أسلمت قبل العقد فلا شئ له إن علم بذلك، وبأنها قد فاتته كما قاله البلقيني، وكلام غيره يقتضيه وإن كان ظاهر عبارة المصنف بغير التقدير الذي ذكرته استحقاقه، لأنه عمل متبرعا (وهو) أي البدل في الجارية المعينة حيث وجب (أجرة مثل) في الأصح عند الإمام (وقيل قيمتها) وهو الأصح كما عليه الجمهور ونص عليه أيضا الشافعي في الام ومحله من الأخماس الأربعة، لا من أصل الغنيمة، ولا من سهم المصالح. وأما المبهمة فإن وجب البدل فيها فيجوز أن يقال يرجع بأجرة المثل قطعا لتعذر تقويم المجهول ويجوز أن يقال تسلم إليه قيمة من تسلم إليه قبل الموت قاله الشيخان.
والثاني أوجه على ما عليه الجمهور. أما إذا فتحت القلعة صلحا بدلالته فينظر إن دخلت الجارية المشروطة في الأمان ولم يرض أصحاب القلعة بتسليمها إليه، ولا رضى العلج بعوضها، وأصروا على ذلك نقضنا الصلح وبلغوا المأمن بأن يردوا إلى القلعة ليستأنف القتال، وإن رضي أصحاب القلعة بتسليمها بقيمتها دفعنا لهم القيمة، وهل هي من سهم المصالح أو من حيث يكون الرضخ؟ وجهان: أوجههما كما قال الزركشي الثاني، وإن كانت خارجة عن الأمان بأن كان الصلح على أمان صاحب القلعة وأهله ولم تكن الجارية منهم سلمت إلى العلج.
خاتمة: فيها مسائل منشورة: لو صال زعيم قلعة وهو سيد أهلها على أمان مائة منهم صح وإن جهلت أعيانهم وصفاتهم للحاجة إليه، فإن عد مائة غير نفسه جاز للإمام قتله لخروجه عن المائة واستدل له الرافعي وغيره بأن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه حاصر مدينة فصالحه دهقانها على أن يفتح له المدينة ويؤمن مائة رجل من أهلها، فقال أبو موسى: اللهم أنسه نفسه، فلما عدهم قال له أبو موسى أفرغت؟ فقال نعم، فأمنهم وأمر بقتل الدهقان، فقال:
أتعذرني وقد أمنتني؟ قال: أمنت العدة التي سميت ولم تسم نفسك، فنادى بالويل وبذل مالا فلم يقبله منه وقتله ويسقط بإسلام الكافر حد الزنا عنه كما مر في بابه لآية * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * مع كون
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548