(مصلحة للمسلمين كرسالة) يؤديها وعقد ذمة وهدنة (وحمل ما نحتاج) نحن (إليه) من طعام ومتاع، فإن لم يكن مصلحة لم يأذن له (فإن كان) دخوله (لتجارة ليس فيها كبير حاجة) كالعطر (لم يأذن) له الإمام في دخول الحجاز (إلا بشرط أخذ شئ منها) أي من متاعها، وقدر المشروط منوط برأي الإمام اقتداء ب عمر رضي الله عنه فإنه كان يأخذ من القبط إذا اتجروا إلى المدينة عشر بعض الأمتعة كالقطيفة، ويأخذ نصف العشر من الحنطة والشعير ترغيبا لهم في حملها للحاجة إليهما، ولا يؤخذ من حربي دخل دارنا رسولا أو بتجارة نضطر نحن إليها، فإن لم نضطر، واشترط عليهم الإمام أخذ شئ، ولو أكثر من عشرها جاز ويجوز دونه، وفي نوع أكبر من نوع ولو أعفاهم جاز. فإن شرط عشر الثمن أمهلوا إلى البيع بخلاف ما إذا شرط أن يأخذ من تجارتهم، وما يؤخذ في الحول لا يؤخذ إلا مرة ولو تردد، وولاة المكاسة تفعل بالمسلمين كذلك، ولا يؤخذ شئ من تجارة ذمي ولا ذمية إلا إن شرط مع الجزية ولا من غير متجر دخل بأمان وإن دخل الحجاز، ويكتب لمن أخذ منه براءة حتى لا يطالب مرة أخرى قبل الحول.
تنبيه: ظاهر كلامهم في الدخول للتجارة أنه لا فرق بين الذمي وغيره وهو كذلك، وإن خصه البلقيني بالذمي، وقال إن الحربي لا يمكن من دخول الحجاز للتجارة. (و) إذا أذن له الإمام في الدخول (لا يقيم إلا ثلاثة أيام ) فأقل اقتداء ب عمر رضي الله تعالى عنه. ولا يحسب منها يومي الدخول والخروج كما مر في صلاة المسافر، لأن أكثر من ذلك مدة الإقامة وهو ممنوع منها، ويشترط الإمام ذلك عليه عند الدخول ولا يؤخر لقضاء دين، بل يوكل من يقضي عنه.
تنبيه: محل منع الزائد على الثلاث إذا كان في موضع واحد، أما لو أقام في موضع ثلاثة أيام ثم انتقل إلى آخر، وهكذا لم يمنع من ذلك. قال الزركشي تبعا لصاحب الوافي: وينبغي أن يكون بين كل موضعين مسافة القصر وإلا فيمنع من ذلك وهو بحث حسن لأن ما دونها في حكم الإقامة. (ويمنع) الكافر ولو لمصلحة (دخول حرم مكة) لقوله تعالى * (فلا يقربوا المسجد الحرام) * والمراد به الحرم بإجماع المفسرين بدليل قوله تعالى * (وإن خفتم عيلة) * (1) أي فقرا بانقطاع التجارة عنكم لمنعهم من الحرم * (فسوف يغنيكم الله من فضله) * (1) ومعلوم أن الجلب إنما يجلب للبلد لا إلى المسجد نفسه، والمعنى في ذلك أنهم أخرجوا النبي (ص) منه فعوقبوا بالمنع من دخوله بكل حال (فإن كان رسولا) والإمام في الحرم (خرج إليه الإمام أو نائب يسمعه) إذا امتنع من أدائها إلا إليه، وإلا بعث إليه من يسمع وينهى إليه، وإن طلب منا المناظرة ليسلم خرج إليه من يناظره، وإن كان لتجارة خرج إليه من يشتري منه، وقضية إطلاقه أنه لا فرق في منع دخوله إليه بين حال الضرورة وغيرها، وبه صرح الشافعي في الام.
تنبيه: لو بذل الكافر على دخوله الحرم مالا لم يجب إليه، فإن أجيب فالعقد فاسد ثم إن وصل المقصد أخرج وثبت المسمى، أو دون المقصد فبالقسط من المسمى.
قاعدة: كل عقد فسد يسقط فيه المسمى إلا هذه المسألة لأنه قد استوفى العوض، وليس لمثله أجرة فرجع إلى المسمى. (وإن مرض فيه) أي حرم مكة (نقل) منه (وإن خيف موته) من النقل لأنه ظالم بدخوله (فإن مات) فيه (لم يدفن فيه) تطهيرا للحرم منه (فإن دفن) فيه (نبش وأخرج) منه إلى الحل لأن بقاء جيفته فيه أشد من دخوله حيا.