مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٢٨
عليهم، والأحظ (للمسلمين) من أربع خصال مذكورة في قوله (من قتل) بضرب رقبة لا بتحريق وتغريق (ومن) عليهم بتخلية سبيلهم (وفداء) بكسر الفاء مع المد وبفتحها مع القصر (بأسرى) مسلمين كما نص عليه رجال أو غيرهم أو أهل ذمة كما بحثه شيخنا (أو مال) يؤخذ منهم، سواء أكان من مالهم أو من مالنا في أيديهم (واسترقاق) للاتباع في الأربعة، وقال تعالى * (اقتلوا المشركين) * وقال تعالى * (فإما منا بعد وإما فداء) * وقال تعالى * (حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) *: أي بالاسترقاق.
تنبيه: شمل إطلاقه الاسترقاق استرقاق كل شخص، وكذا بعضه وهو الأصح. قال الرافعي: بناء على تبعيض الحرية في ولد الشريك المعسر بقدر حصته، وإذا منعنا استرقاق بعضه فخالف رق كله، وعلى هذا يقال لنا صورة يسري فيها الرق كما يسري فيها العتق. (فإن خفي) على الإمام الاحظ السابق (حبسهم حتى يظهر) له لأنه راجع إلى الاجتهاد لا إلى التشهي فيؤخر لظهور الصواب، ولو بذل الأسير الجزية ففي قبولها وجهان. قال صاحب البيان: الذي يقتضيه المذهب أنه لا خلاف في جواز قبول ذلك منه، وإنما الوجهان في الوجوب لأنه إذا جاز أن يمن عليه من غير مال أو بمال يؤخذ منه مرة واحدة، فلان يجوز بمال يؤخذ منه في كل سنة أولى. قال في الشامل: وإذا بذل الجزية حرم قتله وتخير الإمام فيما عدا القتل كما لو أسلم، وصححه الرافعي في باب الجزية. ثم ما جزم به المصنف من التخيير هو فيمن له كتاب، أما غيره فأشار إلى خلاف في استرقاقه بقوله: (وقيل لا يسترق وثني) كما لا يجوز تقريره بالجزية ورد بأن من جاز أن يمن عليه ويفادى جاز أن يسترق كالكتابي (وكذا عربي) لا يجوز أيضا استرقاقه (في قول) قديم لحديث فيه ورد بأن الحديث واه وقد سبى (ص) بني المصطلق وهوازن وقبائل من العرب وأجرى عليهم الرق كما رواه البخاري.
تنبيه: لا ترد أسلحتهم التي بأيدينا عليهم بمال يبذلونه لنا كما لا يجوز أن نبيعهم السلاح ونردها لهم بأسارى منا في أحد وجهين، استظهره شيخنا وهو ظاهر كما تجوز المفاداة بهم ولان ما نأخذه خير مما نبذله، والوجه الآخر يمنع كما يمنع الرد بمال وخرج بقولنا الكفار الأصليين المرتدون فيطالبهم الإمام بالاسلام، فإن امتنعوا فالسيق.
فرع: من استبد بقتل أسير إن كان بعد حكم الإمام بقتله فلا شئ عليه سوى التعزير لافتياته على الإمام، وإن أرقه الإمام ضمنه القاتل بقيمته ويكون غنيمة، وإن من عليه فإن قتله قبل حصوله في مأمنه ضمن ديته لورثته أو بعده هدر دمه وإن فداه فإن قتله قبل قبض الإمام فداءه ضمن ديته للغنيمة أو بعد قبضه وإطلاقه إلى مأمنه فلا ضمان عليه لعوده إلى ما كان عليه قبل أسره وقضية هذا التعليل أن محل ذلك إذا وصل إلى مأمنه وإلا فيضمن ديته لورثته وهو ظاهر. (ولو أسلم أسير) مكلف لم يختر الإمام فيه قبل إسلامه منا ولا فداء (عصم) الاسلام (دمه) فيحرم قتله لخبر الصحيحين: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، إلى أن قال: فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وقوله: وأموالهم محمول على ما قبل الأسر بدليل قوله إلا بحقها، ومن حقها أن ماله المقدور عليه بعد الأسر غنيمة (وبقي) فيه (الخيار في الباقي) في خصال التخيير السابقة، وهو المن والارقاق والفداء، لأن المخير بين أشياء إذا سقط بعضها لتعذره لا يسقط الخيار في الباقي كالعجز عن العتق في الكفارة.
تنبيه: إنما تجوز المفاداة إذا كان عزيزا في قومه، أو له فيهم عشيرة ولا يخشى الفتنة في دينه ولا نفسه، أما إذا اختار الإمام قبل إسلامه المن أو الفداء انتهى التخيير وتعين ما اختاره الإمام. (وفي قول يتعين الرق) بنفس الاسلام لأنه أسير يحرم قتله فيمتنع عليه المن والفداء كالصبيان والنساء. ورد بأن الصبيان والنساء لم يكن مخيرا فيهم في الأصل بخلاف الأسير (وإسلام كافر) مكلف، رجلا كان أو امرأة في دار حرب أو إسلام (قبل ظفر به) وهو أسره كما صرح به الشافعي رضي الله تعالى عنه
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548