عليهم، والأحظ (للمسلمين) من أربع خصال مذكورة في قوله (من قتل) بضرب رقبة لا بتحريق وتغريق (ومن) عليهم بتخلية سبيلهم (وفداء) بكسر الفاء مع المد وبفتحها مع القصر (بأسرى) مسلمين كما نص عليه رجال أو غيرهم أو أهل ذمة كما بحثه شيخنا (أو مال) يؤخذ منهم، سواء أكان من مالهم أو من مالنا في أيديهم (واسترقاق) للاتباع في الأربعة، وقال تعالى * (اقتلوا المشركين) * وقال تعالى * (فإما منا بعد وإما فداء) * وقال تعالى * (حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق) *: أي بالاسترقاق.
تنبيه: شمل إطلاقه الاسترقاق استرقاق كل شخص، وكذا بعضه وهو الأصح. قال الرافعي: بناء على تبعيض الحرية في ولد الشريك المعسر بقدر حصته، وإذا منعنا استرقاق بعضه فخالف رق كله، وعلى هذا يقال لنا صورة يسري فيها الرق كما يسري فيها العتق. (فإن خفي) على الإمام الاحظ السابق (حبسهم حتى يظهر) له لأنه راجع إلى الاجتهاد لا إلى التشهي فيؤخر لظهور الصواب، ولو بذل الأسير الجزية ففي قبولها وجهان. قال صاحب البيان: الذي يقتضيه المذهب أنه لا خلاف في جواز قبول ذلك منه، وإنما الوجهان في الوجوب لأنه إذا جاز أن يمن عليه من غير مال أو بمال يؤخذ منه مرة واحدة، فلان يجوز بمال يؤخذ منه في كل سنة أولى. قال في الشامل: وإذا بذل الجزية حرم قتله وتخير الإمام فيما عدا القتل كما لو أسلم، وصححه الرافعي في باب الجزية. ثم ما جزم به المصنف من التخيير هو فيمن له كتاب، أما غيره فأشار إلى خلاف في استرقاقه بقوله: (وقيل لا يسترق وثني) كما لا يجوز تقريره بالجزية ورد بأن من جاز أن يمن عليه ويفادى جاز أن يسترق كالكتابي (وكذا عربي) لا يجوز أيضا استرقاقه (في قول) قديم لحديث فيه ورد بأن الحديث واه وقد سبى (ص) بني المصطلق وهوازن وقبائل من العرب وأجرى عليهم الرق كما رواه البخاري.
تنبيه: لا ترد أسلحتهم التي بأيدينا عليهم بمال يبذلونه لنا كما لا يجوز أن نبيعهم السلاح ونردها لهم بأسارى منا في أحد وجهين، استظهره شيخنا وهو ظاهر كما تجوز المفاداة بهم ولان ما نأخذه خير مما نبذله، والوجه الآخر يمنع كما يمنع الرد بمال وخرج بقولنا الكفار الأصليين المرتدون فيطالبهم الإمام بالاسلام، فإن امتنعوا فالسيق.
فرع: من استبد بقتل أسير إن كان بعد حكم الإمام بقتله فلا شئ عليه سوى التعزير لافتياته على الإمام، وإن أرقه الإمام ضمنه القاتل بقيمته ويكون غنيمة، وإن من عليه فإن قتله قبل حصوله في مأمنه ضمن ديته لورثته أو بعده هدر دمه وإن فداه فإن قتله قبل قبض الإمام فداءه ضمن ديته للغنيمة أو بعد قبضه وإطلاقه إلى مأمنه فلا ضمان عليه لعوده إلى ما كان عليه قبل أسره وقضية هذا التعليل أن محل ذلك إذا وصل إلى مأمنه وإلا فيضمن ديته لورثته وهو ظاهر. (ولو أسلم أسير) مكلف لم يختر الإمام فيه قبل إسلامه منا ولا فداء (عصم) الاسلام (دمه) فيحرم قتله لخبر الصحيحين: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، إلى أن قال: فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وقوله: وأموالهم محمول على ما قبل الأسر بدليل قوله إلا بحقها، ومن حقها أن ماله المقدور عليه بعد الأسر غنيمة (وبقي) فيه (الخيار في الباقي) في خصال التخيير السابقة، وهو المن والارقاق والفداء، لأن المخير بين أشياء إذا سقط بعضها لتعذره لا يسقط الخيار في الباقي كالعجز عن العتق في الكفارة.
تنبيه: إنما تجوز المفاداة إذا كان عزيزا في قومه، أو له فيهم عشيرة ولا يخشى الفتنة في دينه ولا نفسه، أما إذا اختار الإمام قبل إسلامه المن أو الفداء انتهى التخيير وتعين ما اختاره الإمام. (وفي قول يتعين الرق) بنفس الاسلام لأنه أسير يحرم قتله فيمتنع عليه المن والفداء كالصبيان والنساء. ورد بأن الصبيان والنساء لم يكن مخيرا فيهم في الأصل بخلاف الأسير (وإسلام كافر) مكلف، رجلا كان أو امرأة في دار حرب أو إسلام (قبل ظفر به) وهو أسره كما صرح به الشافعي رضي الله تعالى عنه