مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٦
صاحب الثوب إذ عليه الاحتراز (إلا ثوب أعمى) ولو مقبلا (و) إلا ثوب (مستدبر البهيمة فيجب تنبيهه) أي كل منهما، فإن لم ينبهه ضمنه لتقصيره، وإن نبهه وأمكنه الاحتراز ولم يحترز فلا ضمان. وألحق البغوي وغيره بما إذا لم ينبهه ما لو كان أصم، ويلحق بالأعمى معصوب العين لرمد ونحوه كما ذكر المصنف.
تنبيه: محل ضمان جميع الثوب إذا لم يكن من صاحب الثوب جذب، فإن علق الثوب في الحطب فجذبه صاحبه وجذبته البهيمة فعلى صاحب الدابة نصف الضمان كلاحق وطئ مداس سابق فانقطع فإنه يلزمه نصف الضمان، لأنه انقطع بفعله وفعل السابق. قال الرافعي: وينبغي أن يقال إن انقطع مؤخر السابق فالضمان على اللاحق، أو مقدم مداس اللاحق فلا ضمان على السابق، ولو دخل في غير وقت الزحام وتوسط السوق فحدث الزحام، فالمتجه كما قال الزركشي إلحاقه بما لم يكن زحام لعدم تقصيره، كما لو حدثت الريح وأخرجت المال من الثقب لا قطع فيه، بخلاف تعريضه للريح الهابة، وقيد الإمام والغزالي وغيرهما البصير المقبل بما إذا وجد منحرفا، وقضيته أنه إذا لم يجده لضيق وعدم عطفة يضمن لأنه في معنى الزحام، نبه عليه الزركشي. (و) صاحب البهيمة (إنما بضمنه) أي ما أتلفته بهيمته (إذا لم يقصر صاحب المال) فيه (فإن قصر بأن وضعه) أي المال (بطريق أو عرضه للدابة فلا) يضمنه فإنه المضيع لماله، وألحق به القفال في فتاويه ما إذا كان يمشي من جهة وحمار الحطب من أخرى فمر على جانب الحمار وأراد أن يتقدم الحمار فتعلق ثوبه بالحطب وتمزق فلا ضمان على السائق، لأنه جنى بمروره على الحطب.
تنبيه: قسيم قول المصنف سابقا من كان معه دابة قوله هنا (وإن كانت الدابة وحدها فأتلفت زرعا أو غيره نهارا لم يضمن صاحبها، أو ليلا ضمن) لتقصيره بإرسالها ليلا بخلافه نهارا للخبر الصحيح في ذلك رواه أبو داود وغيره وهو على وفق العادة في حفظ الزرع ونحوه نهارا والدابة ليلا، ولو تعود أهل البلد إرسال البهائم أو حفظ الزرع ليلا دون النهار انعكس الحكم فيضمن مرسلها ما أتلفته نهارا دون الليل اتباعا لمعنى الخبر والعادة، ومن ذلك يؤخذ ما بحثه البلقيني أنه لو جرت عادة بحفظها ليلا ونهارا ضمن من مرسلها ما أتلفت مطلقا.
تنبيه: يستثنى من عدم الضمان نهارا صور: إحداها ما إذا ربط الدابة في الطريق على بابه أو غيره، فأتلفت شيئا فيلزمه الضمان مطلقا وإن كان الطريق واسعا على الصحيح المنصوص، لأن الارتفاق به مشروط بسلامة العاقبة كإشراع الجناح. نعم إن ربطها في المتسع بأمر الإمام لم يضمن كما لو حفر بئرا فيه لمصلحة نفسه، قاله القاضي والبغوي.
ثانيها ما إذا كانت المراعي متوسطة المزارع وكانت البهائم ترعى في حريم السواقي فيجب ضمان ما تفسده إذا أرسلها بلا راع على المذهب لاعتياد الراعي في مثل ذلك. ثالثها ما إذا أخرجها عن زرعه إلى زرع غيره فأتلفته ضمنه، إذ ليس له أن يقي ماله بمال غيره، فإن لم يمكن إلا ذلك بأن كانت محفوفة بمزارع الناس ولا يمكن إخراجها إلا بإدخالها مزرعة غيره تركها في زرعه وغرم صاحبها ما أتلفته. رابعها ما إذا أرسلها في البلد وأتلفت شيئا فإنه يضمنه مطلقا لمخالفة العادة. خامسها ما لو تكاثرت المواشي بالنهار حتى عجز أصحاب الزرع عن حفظها فحكى فيه الماوردي وجهين: رجح البلقيني منهما وجوب الضمان على أصحاب المواشي لخروج هذا عن مقتضى العادة وهي المعتبرة على الأصح. سادسها ما لو أرسل الدابة في موضع مغصوب فانتشرت منه إلى غيره فأفسدته كان مضمونا على من أرسلها ولو كان نهارا، قاله البلقيني واستشهد له بقول القاضي الحسين: أنه إذا خلاها في ملك الغير سواء كان ليلا أم نهارا فهو مضمون، لأنه متعد في إرسالها. سابعها لو أرسل الدابة المودوعة فأتلفت ولو نهارا لزم المرسل الضمان إن لم يكن معها أجير يحفظها.
ثامنها لو استأجر رجلا يحفظ دوابه فأتلفت زرعا ليلا أو نهارا فعلى الأجير الضمان كما حكاه الرافعي عن فتاوى البغوي، وعلله بأن عليه حفظها في الوقتين. ثم قال: وفي هذا توقف، ويشبه أن يقال عليه حفظها بحسب ما يحفظه الملاك.
(٢٠٦)
مفاتيح البحث: الوسعة (1)، الوطئ (1)، الوجوب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الجراح 2
2 فصل: في الجناية من اثنين وما يذكر معها 12
3 فصل: في أركان القصاص في النفس، وهي ثلاثة الخ 13
4 فصل: في تغير حال المجروح من وقت الجرح إلى الموت الخ 23
5 فصل: في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني، وفي إسقاط الشجاج الخ 25
6 باب كيفية القصاص ومستوفيه والاختلاف فيه 30
7 فصل: في اختلاف ولي الدم والجاني 38
8 فصل: في مستحق القصاص ومستوفيه 39
9 فصل: في موجب العمد، وفي العفو 48
10 كتاب الديات 53
11 فصل: في موجب ما دون النفس، وهو ثلاثة أقسام الخ 58
12 فصل: تجب الحكومة فيما لا مقدر فيه الخ 77
13 باب موجبات الدية والعاقلة والكفارة 80
14 فصل: فيما يوجب الشركة في الضمان وما يذكر معه 89
15 فصل: في العاقلة، وكيفية تأجيل ما تحمله 95
16 فصل: في جناية الرقيق 100
17 فصل: في دية الجنين 103
18 فصل: في كفارة القتل التي هي من موجباته 107
19 كتاب دعوى الدم والقسامة 109
20 فصل: فيما يثبت موجب القصاص وموجب المال من إقرار وشهادة 118
21 كتاب البغاة 123
22 فصل: في شروط الإمام الأعظم الخ 129
23 كتاب الردة 133
24 كتاب الزنا 143
25 كتاب حد القذف 155
26 كتاب قطع السرقة 158
27 فصل: فيما لا يمنع القطع وما يمنعه الخ 170
28 فصل: في شروط السارق الخ 174
29 باب قاطع الطريق 180
30 فصل: في اجتماع عقوبات في غير قاطع الطريق 184
31 كتاب الأشربة 186
32 فصل: في التعزير 191
33 كتاب الصيال وضمان الولاة 194
34 فصل: في ضمان ما تتلفه البهائم 204
35 كتاب السير 208
36 فصل: فيما يكره من الغزو الخ 220
37 فصل: في حكم ما يؤخذ من أهل الحرب 227
38 فصل: في الأمان 236
39 كتاب الجزية 242
40 فصل: في أقل الجزية دينار لكل سنة 248
41 فصل: في أحكام عقد الجزية الزائدة على ما مر 253
42 باب الهدنة 260
43 كتاب الصيد والذبائح 265
44 فصل: يحل ذبح حيوان مقدور عليه الخ 273
45 فصل: فيما يملك به الصيد وما يذكر معه 278
46 كتاب الأضحية 282
47 فصل: في العقيقة 293
48 كتاب الأطعمة 297
49 كتاب المسابقة والمناضلة 311
50 كتاب الايمان 320
51 فصل: في صفة كفارة اليمين 327
52 فصل: في الحلف على السكنى والمساكنة الخ 329
53 فصل: في الحلف على أكل أو شرب الخ 335
54 فصل: في مسائل منثورة 342
55 فصل: في الحلف على أن لا يفعل كذا 350
56 كتاب النذر 354
57 فصل: في نذر حج أو عمرة أو هدي أو غيرها 362
58 كتاب القضاء 371
59 فصل: فيما يعرض للقاضي مما يقتضي عزله الخ 380
60 فصل: في آداب القضاء وغيرها 385
61 فصل: في التسوية بين الخصمين 400
62 باب القضاء على الغائب 406
63 فصل: في بيان الدعوى بعين غائبة أو غيرها الخ 411
64 فصل: في ضابط الغائب المحكوم عليه الخ 414
65 باب القسمة 418
66 كتاب الشهادات 426
67 فصل: في بيان ما يعتبر فيه شهادة الرجال الخ 440
68 فصل: في تحمل الشهادة وأدائها وكتابة الصك 450
69 فصل: في جواز تحمل الشهادة على الشهادة وأدائها 452
70 فصل: في رجوع الشهود عن شهادتهم 456
71 كتاب الدعوى والبينات 461
72 فصل: فيما يتعلق بجواب المدعى عليه 468
73 فصل: في كيفية الحلف والتغليظ فيه الخ 472
74 فصل: في تعارض البينتين مع شخصين 480
75 فصل: في اختلاف المتداعيين في العقود وغيرها 485
76 فصل: في شروط القائف 488
77 كتاب العتق 491
78 فصل: في العتق بالبعضية 499
79 فصل: في الاعتاق في مرض الموت الخ 502
80 فصل: في الولاء 506
81 كتاب التدبير 509
82 فصل: في حكم حمل المدبرة والمعلق عتقها الخ 513
83 كتاب الكتابة 516
84 فصل: فيما يلزم السيد بعد الكتابة الخ 521
85 فصل: في لزوم الكتابة وجوازها الخ 528
86 فصل: في مشاركة الكتابة الفاسدة الصحيحة ومخالفتها لها 532
87 كتاب أمهات الأولاد 538
88 التعريف بالامام النووي 545
89 التعريف بالامام الشربيني الخطيب 548