وعلى عدم دعوى ونحوه من المسقطات، وينبغي أن يأتي فيه ما مر في السرقة اه وكلام المصنف قد يفهم أنه لا يعتبر الحرز وهو وجه، والمشهور وجزم به الأكثرون أنه يعتبر، فلو كان المال تسير به الدواب بلا حافظ أو كانت الجمال مقطورة ولم تتعهد كما شرط في السرقة لم يجب القطع والحرز هنا أن يكون المال مع مالكه أو بحيث يراه وتغزر أن يدفع عنه من يأخذه ومحل قطعهما إذا وجدتا، فإن فقدت إحداهما اكتفى بقطع الأخرى، وفى معنى الفقد أن تكون شلاء لا تنحسم عروقها لو قطعت، قال في أصل الروضة: ويحسم موضع القطع كما في السارق ويجوز أن يحسم اليد ثم تقطع الرجل، وأن تقطعا جميعا ثم يحسما، ويعتبر قيمة المأخوذ في موضع الاخذ إن كان موضع بين وشراء حال السلامة لا عند استسلام الناس لاخذ أموالهم بالقهر والغلبة، وإن لم يكن موضع بين وشراء فأقرب موضع إليه يوجد فيه ذلك وشراؤه: قاله الماوردي (وإن قتل) معصوما مكافئا له عمدا كما يعلم مما يأتي، ولم يأخذ مالا (قتل حتما) للآية السابقة، وإنما تحتم لأنه ضم إلى جنايته إخافة السبيل المقتضية زيادة العقوبة، ولا زيادة هنا إلا بالتحتم، قال البندنيجي: ومحل تحتم القتل إذا قتل لاخذ المال وإلا فلا يتحتم. قال البلقيني: وهو مقتضى نص الام، ومعنى تحتمه أنه لا يسقط بعفو الولي ولا بعفو السلطان عمن لا وارث له، ويستوفيه الإمام لأنه حد من حدود الله تعالى، ولا فرق بين القتل صبرا وبين الجرح والموت منه بعد أيام قبل الظفر به والتوبة ولم يرجع عن إقراره، أما إذا قتل غير معصوم أو غير مكافئ له أو قتل خطأ أو شبه عمد فلا يقتل (وإن قتل وأخذ مالا) نصابا فأكثر، وقياس ما سبق اعتبار الحرز، وعدم الشبهة (قتل ثم صلب) حتما زيادة في التنكيل ويكون صلبه بعد غسله، وتكفينه والصلاة عليه كما مر في الجنائز، والغرض من صلبه بعد قتله التنكيل به وزجر غيره، وبما تقرر فسر ابن عباس الآية فقال:
المعنى أن يقتلوا إن قتلوا أو يصلبوا مع ذلك إن قتلوا وأخذوا المال أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، إن اقتصروا على أخذ المال، أو ينفوا من الأرض إن أرعبوا ولم يأخذوا شيئا فحمل كلمة أو على التنويع لا التخيير كما في قوله تعالى " وقالوا كونوا هودا أو نصارى " إذ لم يخير أحد منهم بين اليهودية والنصرانية، وإنما صلب بعد القتل لأن في صلبه قبله زيادة تعذيب. وقد نهى عن تعذيب الحيوان. قال صلى الله عليه وسلم " إذا قتلتم فأحسنوا القتلة " ويصلب على خشبة ونحوها (ثلاثا) من الأيام ليشتهر الحال ويتم النكال، ولان لها اعتبارا في الشرع وليس لما زاد عليها غاية (ثم ينزل) هذا إذا لم يخف التغير، فإن خيف قبل الثلاث أنزل على الأصح وحمل النص في الثلاث على زمن البرد والاعتدال.
(تنبيه) أشعر كلامه بالاكتفاء بالصلب أي موضع كان. وقال الماوردي: يكون قتلهم وصلبهم في الموضع الذي حاربوا فيه لا أن يكون بمفازة لا يمر بها أحد فيقتلون في أقرب المواضع منها. فإن قيل: كان الأولى للمصنف أن يقول ثلاثة، لأن الأيام مذكرة فتثبت فيه التاء. أجيب بأن المعدود إذا حذف يجوز فيه الوجهان كما في قوله صلى الله عليه وسلم " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال " (وقيل يبقى) مصلوبا أكثر من ثلاثة أيام (حتى يسيل صديده) وهو ماء رقيق يخرج مختلطا بدم تغليظا عليه وتنفيرا عن فعله (وفى قول يصلب) حيا صلبا (قليلا ثم ينزل فيقتل) لأن الصلب شرع عقوبة له فيقام عليه وهو حي. فإن قيل: كلامه لا يوافق أصله، ولا الشرح والروضة، فإن عبارة المحرر يصلب صلبا لا يموت منه، وعبارة الشرح والروضة: يصلب حيا ثم يقتل. أجيب بأن عبارته لا تنافى ذلك، بل هي بيان العبارات المذكورة، لكن الغالب أن القليل يحمل على ثلاثة أيام، ولهذا قال الأذرعي: وكأن المصنف أراد أن يكتب ثلاثا فسبق القلم فكتب قليلا اه ولعله إنما كتبها قصدا فلا يتقيد ذلك بثلاث قال الغزالي: وكلامهم يدل على أن الخلاف في الوجوب (ومن أعانهم) أي قطاع الطريق (وكثر جمعهم) ولم يزد على ذلك بأن لم يأخذ مالا نصابا ولا قتل نفسا (عزر بحبس وتغريب وغيرهما) كسائر المعاصي، وفى الخبر " من كثير سواد قوم فهو منهم ".