مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٩٤
تنبيه: قال في الاحياء: لو لم يدفع السلطان إلى المستحقين حقوقهم من بيت المال، فهل يجوز لأحدهم أخذ شئ من بيت المال؟ فيه أربعة مذاهب: أحدها لا يجوز أخذ شئ أصلا لأنه مشترك ولا يدرى قدر حصته منه، قال:
وهذا غلو. والثاني: يأخذ كل يوم قوت يوم. والثالث: يأخذ كفاية سنة. والرابع: يأخذ ما يعطى وهو حصته، قال:
وهذا هو القياس، لأن المال ليس مشتركا بين المسلمين كالغنيمة بين الغانمين والميراث بين الورثة لأن ذلك لهم، حتى لو ماتوا قسم بين ورثتهم، وهنا لو مات لم يستحق وارثه شيئا اه‍. وأقره في المجموع على هذا الرابع، وهو ظاهر.
وفي فتاوى المصنف: لو غصب من جماعة من كل واحد شيئا معينا وخلط الجميع ثم فرق عليهم جميع المختلط على قدر حقوقهم فإنه يحل لكل واحد وجد قدر حصته، فإن فرق على بعضهم فللمدفوع إليه أن يقسم القدر الذي أخذه عليه، وعلى الباقين بالنسبة إلى قدر أموالهم اه‍. وقد مرت الإشارة إلى ذلك في باب الغصب. (والثاني: بنو هاشم و) بنو (المطلب) ومنهم إمامنا الشافعي رضي الله تعالى عنه، وهم آل النبي (ص)، وهم المراد بذي القربى في الآية دون بني عبد شمس وبني نوفل وإن كان الأربعة أولاد عبد مناف، لاقتصاره (ص) في القسم على بني الأولين مع سؤال بني الآخرين له، رواه البخاري. ولأنهم لم يفارقوه في جاهلية ولا إسلام، حتى إنه لما بعث (ص) بالرسالة نصروه وذبوا عنه، وبخلاف بني الآخرين بل كانوا يؤذونه. والثلاثة الأول أشقاء، ونوفل أخوهم لأبيهم، وعبد شمس هو جد عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه. والعبرة بالانتساب إلى الآباء، أما من انتسب منهم إلى الأمهات فلا، كذا قالاه. واستثنى السبكي أولاد بناته (ص) كأمامة بنت أبي العاص من بنته زينب وعبد الله بن عثمان من بنته رقية، فإنهم من ذوي القربى بلا شك، قال: ولم أرهم تعرضوا لذلك، فينبغي الضبط بقرابة هاشم والمطلب لا بينهما اه‍.
وحينئذ فيستثنى أولاد بناته (ص) من قولهم: إنه لا عبرة بالانتساب إلى الأمهات، ويؤيده ما صححوه: أن من خصائصه (ص) انتساب أولاد بناته إليه بخلاف غيره، قاله ابن شهبة. وأجاب شيخنا بأن المذكورين توفيا صغيرين ولم يكن لهما نسل فلا فائدة لذكرهما اه‍. فلا يحتاج إلى استثناء السبكي مع أنه دخل في عبارته غير المراد، فإن قرابة هاشم والمطلب أعم من فروعهما على الوجه المذكور. (يشترك) في خمس الخمس (الغني والفقير) لاطلاق الآية، وأعطى النبي (ص) العباس منه، وكان من أغنياء قريش. (والنساء) لأن الزبير رضي الله تعالى عنه كان يأخذ سهم أمه صفية عمة النبي (ص)، وكان الصديق رضي الله تعالى عنه يدفع للسيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها منه، ولولا هذه الأدلة لم يدفع للنساء شئ لأن الآية إنما تدل على الصرف للذكور، فإن ذو اسم مذكر وجعله للشخص الذي يشمل الذكر والأنثى يحتاج إلى دليل، قاله السبكي. (و) لكن (يفضل الذكر) ولو صغيرا على الأنثى، فله سهمان ولها سهم فإنه عطية من الله تعالى يستحق بقرابة الأب. قال الأذرعي: والظاهر أن الخنثى كالأنثى، ولا يوقف له شئ اه‍.
بل الظاهر أنه يوقف له تمام نصيب الذكر كما يؤخذ من قول المصنف: (كالإرث) وحكي الإمام في أن الذكر يفضل على الأنثى إجماع الصحابة، ونقل عن المزني وأبي ثور وابن جرير التسوية.
تنبيه: علم من قوله: كالإرث أنهم لو أعرضوا عن سهمهم لم يسقط، وهو الأصح. وقد ذكره المصنف في السير.
ومن إطلاق الآية أنه يجب تعميمهم، وأنه يسوي بين مدل بجهتين ومدل بجهة وإن خالف في ذلك القاضي حسين، وأنه لا يفضل كبير على صغير ولا قريب على بعيد ولا حاضر بموضع الفئ على غائب عنه. (والثالث: اليتامى) للآية جمع يتيم، (وهو صغير) ذكر أو خنثى أو أنثى لم يبلغ الحلم (لا أب له) أما كونه صغيرا فلخبر: لا يتم بعد احتلام رواه أبو داود وحسنه المصنف وإن ضعفه المنذري وغيره. وأما كونه لا أب له فللوضع والعرف، سواء أكان من أولاد المرتزقة أم لا، قتل أبوه في الجهاد أم لا، له جد أم لا. ووقع في الروضة في باب النكاح أن اليتيمة هي التي لا جد لها، والمذكور هنا هو الصواب. ويمكن أن يقال إن المراد باليتيمة في باب النكاح هي التي لا تزوج إلا
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460