على ما ذكر. ولو نشزت الحامل سقطت نفقتها ولو بائنا. ولو نكح فاسدا واستمتع بها ثم فرق بينهما فليس له الرجوع بما أنفق عليها بل يجمع ذلك في مقابلة استمتاعه بها وإتلافه منافعها. قال الأذرعي: وهذا التوجيه يفهم أنه لو لم يستمتع بها وكان قد تسلمها استرد، وليس مرادا.
فصل: في حكم الاعسار بمؤونة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها: إذا (أعسر) الزوج أو من يقوم مقامه من فرع أو غيره، (بها) أي نفقة زوجته المستقبلة كتلف ماله، (فإن صبرت) بها وأنفقت على نفسها من مالها أو مما افترضته (صارت دينا عليه) وإن لم يقرضها القاضي كسائر الديون المستقرة.
تنبيه: هذا إذا لم تمنع نفسها منه، فإن منعت لم تصر دينا عليه، قاله الرافعي في الكلام على الامهال. (وإلا) بأن لم تصبر (فلها الفسخ) بالطريق الآتي (على الأظهر) وقطع به الأكثرون، لقوله تعالى: * (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) * فإذا عجز عن الأول تعين الثاني، ولخبر البيهقي بإسناد صحيح. أن سعيد بن المسيب سئل عن رجل لا يجد ما ينفق على أهله، فقال: يفرق بينهما. فقيل له: سنة؟ فقال: نعم سنة قال الشافعي رحمه الله تعالى: ويشبه أنه سنة النبي (ص). ولأنها إذا فسخت بالجب والعنة فبالعجز عن النفقة أولى، لأن البدن لا يقوم بدونها بخلاف الوطئ. والثاني: المنع، وهو قول أبي حنيفة والمزني، لعموم قوله تعالى: * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) * ولأنه إذا لم يثبت له الخيار بنشوزها وعجزها عن التمكين فكذلك لا يثبت لعجزه عن مقابله. أما لو أعسر بنفقة ما مضى فلا فسخ على الأصح، ولا فسخ لها أيضا بالاعسار بنفقة الخادم، سواء أخدمت نفسها أم استأجرت أم أنفقت على خادمها. نعم تثبت في ذمته على المشهور، وينبغي كما قال الأذرعي أن يكون هذا في المخدومة لرتبتها، أما من تخدم لمرضها ونحوه فالوجه عدم الثبوت كالقريب.
تنبيه: ليست هذه الفرقة فرقة طلاق بل فسخ كما فهم من المتن، والرجعية كالتي في العصمة، قاله إبراهيم المروزي. (والأصح أن لا فسخ) للزوجة (بمنع) أي امتناع (موسر) من الانفاق بأن لم يوفها حقها منه، سواء (أحضر) زوجها (أو غاب) عنها، لتمكنها من تحصيل حقها بالحاكم أو بيدها إن قدرت، وعند غيبته يبعث الحاكم لحاكم بلده إن كان موضعه معلوما فيلزمه بدفع نفقتها، فإن لم يعرف موضعه بأن انقطع خبره، فهل لها الفسخ أو لا؟
نقل الزركشي عن صاحبي المهذب والكافي وغيرهما أن لها الفسخ، ونقل الروياني في التجربة عن نص الام أنه لا فسخ ما دام الزوج موسرا، وإن غاب غيبة منقطعة وتعذر استيفاء النفقة من ماله اه. قال الأذرعي: وغالب ظني الوقوف على هذا النص في الام، فإن ثبت له نص يخالفه فذاك وإلا فمذهبه المنع بالتعذر كما رجحه الشيخان اه. وهذا أحوط، والأول أيسر.
تنبيه: قول المصنف: موسر ليس بقيد، فإنه لو غاب وجهل حاله في اليسار والاعسار فلا فسخ، لأن السبب لم يتحقق. قال الرافعي: فلو شهدت البينة أنه غاب معسرا فلا فسخ كما أفتى به ابن الصلاح استصحابا لدوام النكاح.
قال: فلو شهدت بإعساره الآن بناء على الاستصحاب جاز لها ذلك إذا لم تعلم زواله وجاز الفسخ حينئذ، فإن عاد الزوج وادعى أن له مالا بالبلد خفي على بينة الاعسار لم يؤثر إلا أن يثبت أنها تعلمه ويقدر عليه فيتبين بطلان الفسخ، قاله الغزالي في فتاويه. (ولو حضر الزوج وغاب ماله، فإن كان) غائبا (بمسافة القصر) فأكثر، (فلها الفسخ) ولا يلزمها الصبر للضرر كما في نظيره من فسخ البائع عند غيبة الثمن.
تنبيه: هذا إذا لم ينفق عليها بنحو استدانة، وإلا فلا فسخ لها ولو قال: أنا أحضره مدة الامهال فالظاهر كما قال الأذرعي إجابته. (وإلا) بأن كان دون مسافة القصر (فلا) فسخ لها، (يؤمر بالاحضار) بسرعة، لأن