المتولي، لأنه ليس ضروريا كالسكنى وإن كان يصير دينا في ذمته. (وكذا) الاعسار (بالادم والمسكن) كهو بالنفقة (في الأصح) للحاجة إليهما، لأنه يعسر الصبر على الخبز البحت، أي الذي بلا أدم، ولا بد للانسان من مسكن يقيه من الحر والبرد. والثاني: لا فسخ بذلك، أما المسكن فلان النفس يقوم بدونه، فإنه لا يعدم مسجدا أو موضعا مباحا، ورد بأن الحوالة على المسجد ونحوه كالحوالة في النفقة على السؤال. وأما الادم فلان البدن يقوم بدونه، ولذا قال المصنف: ( قلت: الأصح المنع) أي منع فسخها (في) الاعسار بسبب (الادم، والله أعلم) بخلاف القوت، وهذا ما صححه الرافعي في الشرح الصغير، واقتضى كلام الكبير أن الأكثرين عليه، وتوسط الماوردي فقال: إن كان القوت مما ينساغ دائما للفقراء بلا أدم فلا فسخ وإلا فسخت، وتقدم الكلام على الاعسار بنفقة الخادم. (وفي إعساره بالمهر أقوال، أظهرها) عند الأكثرين (تفسخ قبل وطئ) للعجز عن تسليم العوض مع بقاء المعوض، فأشبه ما إذا لم يقبض البائع الثمن حتى حجر على المشتري بالفلس والمبيع باق بعينه. وهذا الفسخ على الفور كما صرح به الرافعي، وكلام التتمة يقتضي خلافه. (ولا) تفسخ (بعده) لتلف المعوض وصيرورة العوض دينا في الذمة. والثاني: لا يثبت الفسخ مطلقا، لأن النفس تقوم بدون المهر. والثالث: تفسخ مطلقا، أما قبل الدخول فلما مر، وأما بعده فلان البضع لا يتلف حقيقة بالوطئ.
تنبيه: محل ما ذكر من التفصيل ما إذا لم تقبض من المهر شيئا، فلو قبضت بعضه قبل الدخول كما هو معتاد وأعسر بالباقي أفتى ابن الصلاح بأنه لا فسخ بعجزه عن بقيته، لأنه استقر له من البضع بقسطه، فلو فسخت لعاد لها البضع بكماله لتعذر الشركة فيه فيؤدي إلى الفسخ فيما استقر للزوج، بخلاف نظيره من الفسخ بالفلس لامكان الشركة في البيع.
وأفتى البارزي بأن لها الفسخ، وهو مقتضى كلام المصنف، لصدق العجز عن المهر بالعجز عن بعضه، وبه صرح الماوردي، وقال الأذرعي: هو الوجه نقلا ومعنى اه. وهذا هو المعتمد كما اعتمده السبكي وغيره، إذ يلزم على فتوى ابن الصلاح كما قال ابن شهبة إجبار الزوجة على تسليم نفسها بتسليم بعض الصداق، إذ ليس لها منع الزوج مما استقر له من البضع، وهو مستبعد. ولو أجبرت لاتخذ الأزواج ذلك ذريعة إلى إبطال حق المرأة من حبس نفسها بتسليم درهم واحد من صداق هو ألف درهم وهو في غاية البعد. وقول ابن الصلاح: لو جوزنا للمرأة الفسخ لعاد إليها البضع بكماله معارض بمثله، وهو أنه لو لم يجز لها الفسخ للزم إجبارها على تسليم البضع بكماله مع أنه لا محذور في رجوع البضع إليها بكماله، لأن الصداق يرد على الزوج بكماله، إذ على تقدير الفسخ يجب عليها رد ما قبضه. (ولا فسخ) بإعسار زوج بشئ مما ذكر (حتى يثبت عند قاض) بعد الرفع، أو عند محكم (إعساره) ببينة أو إقراره، فلا بد من الرفع إلى القاضي كما في العنة، لأنه محل اجتهاد. ويكفي عن القاضي إذا قلنا يحكم بعلمه، وحينئذ (فيفسخه) بنفسه أو نائبه بعد الثبوت، (أو يأذن لها فيه) وليس لها مع علمها بالعجز الفسخ قبل الرفع إلى القاضي، ولا بعده قبل الاذن فيه. ولا حاجة كما قال الإمام إلى إيقاعه في مجلس الحكم، لأنه الذي يتعلق به إثبات حق الفسخ.
تنبيه: هذا إذا قدرت على الرفع إلى القاضي، فإن استقلت بالفسخ لعدم حاكم ومحكم أو عجزت عن الرفع إلى القاضي نفذ ظاهرا وباطنا للضرورة. أما عند القدرة على ذلك فلا ينفذ ظاهرا، وكذا باطنا كما رجحه ابن المقري وصرح به الأسنوي أخذا من نقل الإمام له عن مقتضى كلام الأئمة وقول المصنف: فيفسخه بالرفع بخطه، ويجوز فيه وفي يأذن النصب عطفا على يثبت. (ثم) على ثبوت الفسخ بإعسار الزوج بالنفقة لا يمهل بها (في قول) ونسب للقديم، بل (ينجز الفسخ) عند الاعسار وقت وجوب تسليمها لأن سببه الاعسار وقد حصل ولا تلزم الامهال بالفسخ، (والأظهر إمهاله ثلاثة أيام) وإن لم يطلب الزوج الامهال لتحقق عجزه فإنه قد يعجز لعارض ثم يزول، وهي مدة قريبة