مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٤٧
قوله تعالى: * (وصاحبهما في الدنيا معروفا) * ومن المعروف القيام بكفايتهما عند حاجتهما، وخبر: أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وولده من كسبه فكلوا من أموالهم رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه. قال ابن المنذر: وأجمعوا على أن نفقة الوالدين اللذين لا كسب لهما ولا مال واجبة في مال الولد، والأجداد والجدات ملحقون بهما إن لم يدخلوا في عموم ذلك كما ألحقوا بهما في العتق والملك وعدم القود ورد الشهادة وغيرهما. وفي الثاني قوله تعالى: * (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) * إذ إيجاب الأجرة لارضاع الأولاد يقتضي إيجاب مؤنتهم، وقوله (ص) لهند:
خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف رواه الشيخان، والأحفاد ملحقون بالأولاد إن لم يتناولهم إطلاق ما تقدم.
تنبيه: استنبط من حديث هند غير وجوب نفقة الزوجة والولد ثلاثة عشر حكما، نبه على ذلك ابن النقيب وذكرتها في شرح التنبيه. ولا يضر فيما ذكر اختلاف الدين كما قال: (وإن اختلف دينهما) فيجب على المسلم منهما نفقة الكافر المعصوم وعكسه لعموم الأدلة ولوجود الموجب وهو البعضية كالعتق ورد الشهادة. فإن قيل: هلا كان ذلك كالميراث أجيب بأن الميراث مبني على المناصرة وهي مفقودة عند اختلاف الدين، وخرج بالأصول والفروع غيرهما من سائر الأقارب كالأخ والأخت والعمة. وأوجب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه نفقة كل ذي محرم بشرط اتفاق الدين في غير الابعاض تمسكا بقوله تعالى: * (وعلى الوارث مثل ذلك) *، وأجاب الشافعي رضي الله تعالى عنه بأن المراد مثل ذلك نفي المضارة كما قيده ابن عباس وهو أعلم بكتاب الله تعالى. والحر الرقيق، فإن لم يكن مبعضا ولا مكاتبا، فأن كان منفقا عليه فهي على سيده، وإن كان منفقا فهو أسوأ حالا من المعسر والمعسر لا تجب عليه نفقة قريبه. فإن قيل: العبد يلزمه نفقة زوجته فهلا كان كذلك هنا أجيب بأن نفقتها معاوضة وتلزم المعسر، والعبد من أهلها. ونفقة القريب مواساة ولا تلزم المعسر فلم تلزمه لاعساره. وأما المبعض فإن كان منفقا فعليه نفقة تامة لتمام ملكه فهو كحر الكل، وقيل: بحسب حريته. وإن كان منفقا عليه فتبعض نفقته على القريب والسيد بالنسبة إلى ما فيه من رق وحرية.
وأما المكاتب فإن كان متفقا عليه فلا يلزم قريبه نفقته على الأصح كما في زيادة الروضة هنا لبقاء أحكام عليه، وإن وقع في الروضة وأصلها في قسم الصدقات أن عليه نفقته، بل نفقته من كسبه، فإن عجز نفسه فعلى سيده وإن كان منفقا فلا تجب عليه لأنه ليس أهلا للمواساة، لأن ما معه إما غير مملوك له أو مملوك مستحق في كتابه، إلا أن يكون له ولد من أمته فيجب عليه نفقته وإن لم يجز له وطؤها، لأنه إن عتق فقد أنفق ماله على ولده، وإن رق رق الولد أيضا فيكون قد أنفق مال السيد على رقيقه، أو ولد من زوجته التي هي أمة سيده فيجب عليه نفقته لأنه ملك السيد، فإن عتق أنفق ماله على ملك سيده، وإن رق فقد أنفق عليه مال سيده، بخلاف ولده من مكاتبة سيده لا ينفق عليه لأنها قد تعتق فيتبعها الولد لكتابته عليها ويعجز المكاتب فيكون قد فوت مال سيده. وبالمعصوم غيره من مرتد وحربي فلا تجب نفقته، إذ لا حرمة له لأنه مأمور بقتله. فإن قيل: تجب نفقة الرقيق وإن كان غير معصوم كما سيأتي.
أجيب بأن الرقيق لما كان السيد مالكا لرقبته وله التصرف فيه خير بين أن ينفق عليه أو يزيل ملكه عنه بخلاف الأصل والفرع.
تنبيه: كما يلزم الولد نفقة الأب يلزمه نفقة رقيقه المحتاج لخدمته وكذا زوجته، وقد ذكرهما المصنف في باب الاعفاف، بخلاف زوجة الابن علي الأصح. ثم شرع في شرط وجوب نفقة القريب، فقال: (بشرط يسار المنفق) من والد أو ولد لأنها مواساة فاعتبر فيها اليسار، وقيل: لا يشترط يسار الوالد في نفقة ولده الصغير، فيستقرض عليه ويؤمر بوفائه إذا أيسر (بفاضل عن قوته وقوت عياله في يومه) وليلته التي تليه، سواء أفضل ذلك بكسب أم بغيره، فإن لم يفضل شئ فلا شئ عليه، لقوله (ص): ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شئ فلأهلك، فإن فضل عن أهلك فلذي قرابتك رواه مسلم.
تنبيه: في معنى القوت سائر الواجبات من مسكن وملبس، فلو عبر بدله بالحاجة كان أولى. وأطلق المصنف
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460