لهم لأنهم ورطوه، لكن تجب نفقتهم وكراء دوابهم كما في أصل الروضة قبيل القسمة عن البغوي وأقره. ونصيب الفقراء بعد الحول وقبل الامكان تجب نفقته على المالك. وأما خادم الزوجة فلا يرد لأن نفقته من علق النكاح. وبدأ المصنف بنفقة الزوجة لأنها معاوضة في مقابلة التمكين من الاستمتاع، ولا تسقط بمضي الزمان فهي أقوى من غيرها. والأصل في وجوبها مع ما يأتي قوله تعالى: * (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) *، وخبر: اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف رواه مسلم وخبر: ما حق زوجة الرجل عليه؟ قال: تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتست رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده. واستنبط بعضهم نفقة الزوجة من قوله تعالى: * (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) * ولم يقل فتشقيان، فدل على أن آدم (ص) يتعب لنفقته ونفقتها، وبنوهما على سنتهما. ولما أباح الله تعالى للزوج أن يضر المرأة بثلاث ضرائر ويطلقها ثلاثا جعل لها عليه ثلاثة حقوق مؤكدات: النفقة والكسوة والاسكان، وهو يتكلفها غالبا، فكان له عليها ضعف ما لها عليه من الحقوق لضعف عقلها. والحقوق الواجبة بالزوجية سبعة: الطعام والإدام والكسوة وآلة التنظيف ومتاع البيت والسكنى وخادم إن كانت ممن تخدم. ورتبها المصنف على هذا الترتيب: الواجب الأول: الطعام، ولما كان يختلف بحسب حال الزوج بين ذلك بقوله: يجب (على موسر) حر (لزوجته) ولو أمة وكتابية، (كل يوم) بليلته المتأخرة عليه كما صرح به الرافعي في الفسخ بالاعسار، (مدا طعام، و) على (معسر مد، و) على (متوسط) حر (مد ونصف) واحتجوا لأصل التفاوت بقوله تعالى: * (لينفق ذو سعة من سعته) *. واعتبر الأصحاب النفقة بالكفارة، بجامع أن كلا منهما مال يجب بالشرع ويستقر في الذمة. وأكثر ما وجب في الكفارة لكل مسكين مدان وذلك كفارة الأذى في الحج، وأقل ما وجب له مد في نحو كفارة الظهار، فأوجبوا على الموسر الأكثر وهو مدان لأنه قدر الموسع، على المعسر الأقل وهو مد لأن المد الواحد يكتفي به الزهيد وينتفع به الرغيب، وعلى المتوسط ما بينهما لأنه ألزم المدين لضره. ولو اكتفى منه بمد لضرها فلزمه مد ونصف، وقيل، ونسب للقديم: إنها منوطة بالكفاية كنفقة القريب، لظاهر قوله (ص) لهند: خذي ما يكفيك ويكفي ولدك بالمعروف قال المصنف في شرح مسلم: وهذا الحديث يرد على أصحابنا تقديرهم نفقة الزوجة بالامداد. قال الأذرعي: لا أعرف لإمامنا رضي الله تعالى عنه سلفا في التقدير بالامداد، ولولا الأدب لقلت: الصواب أنها بالمعروف تأسيا واتباعا. وأجيب من جهة الأول بأنا لو اعتبرناها بالكفاية كنفقة القريب لسقطت نفقة المريضة ومن هي مستغنية بالشبع في بعض الأيام، وليس كذلك، فإذا بطلت الكفاية حسن تقريبها من الكفارة. (والمد) مختلف فيه، فقال الرافعي: (مائة وثلاثة وسبعون درهما وثلث درهم) بناء على ما صححه في البيان من أن رطل بغداد مائة وثلاثون درهما. وخالفه المصنف، فقال: (قلت: الأصح مائة وأحد وسبعون) درهما (وثلاثة أسباع درهم، والله أعلم) بناء على ما صححه في زكاة النبات من أن رطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم. (ومسكين الزكاة) وقد مر في قسم الصدقات أنه من قدر على مال أو كسب يقع موقعا من كفايته ولا يكفيه، (معسر) لكن قدرته على الكسب لا تخرجه عن الاعسار في النفقة وإن كانت تخرجه عن استحقاق المساكين في الزكاة، وقضية ذلك أن القادر على نفقة الموسر بالكسب لا يلزمه كسبها، وهو كذلك.
تنبيه: في كلامه قلب، وكان الأولى أن يقول: والمعسر هنا مسكين الزكاة، وعلم منه أن فقيرها كذلك بطريق الأولى، وبه صرح في المحرر. (ومن فوقه) أي المسكين (إن كان لو كلف) إنفاق (مدين رجع مسكينا فمتوسط، وإلا) بأن لم يرجع مسكينا (فموسر) ويختلف ذلك بالرخص والرخاء وقلة العيال وكثرتهم. ولو ادعت الزوجة يسار