الزوج وأنكر صدق بيمينه إذا لم يعهد له مال وإلا فلا يصدق، فإن ادعى تلفه ففيه التفصيل المذكور في الوديعة. أما من فيه رق ولو مكاتبا ومبعضا وإن كثر ماله فمعسر لضعف ملك المكاتب ونقص حال المبعض وعدم ملك غيرهما. فإن قيل: إلحاق المبعض بالمعشر مخالف لما ذكروه في الكفارة من أنه يكلف كفارة الموسر، وذكروا في نفقة الأقارب نحوه.
أجيب بأنهم لو ألحقوه ثم بالمعسر لما صرف شيئا للمساكين ولا أنفق شيئا للأقارب، بخلافه هنا فإنه ينفق نفقة المعسر.
(والواجب) في جنس الطعام المذكور (غالب قوت البلد) أي بلدهما من حنطة أو شعير أو تمر أو غيرها حتى يجب الاقط واللحم في حق أهل البوادي الذين يعتادونه لأنه من المعاشرة بالمعروف المأمور بها، وقياسا على الفطرة والكفارة، فالتعبير بالبلد جرى الغالب. ولو اختلف قوت بلد الزوج والزوجة قال الماوردي: إن نزلت عليه في بلده اعتبر غالب قوت بلده، وإن نزل عليها في بلدها اعتبر غالب قوت بلدها، وإن نزل ببلدة ولم تألف خلاف قوت بلدها قيل لها:
هذا حقك فأبدليه قوت بلدك إن شئت، ولو انتقلا عن بلدهما لزمه من غالب قوت ما انتقلا إليه دون ما انتقلا عنه، سواء كان أعلى أم أدنى، فإن كان كل واحد ببلد أو نحوها اعتبر محلها كما قال ذلك بعض المتأخرين. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح: (فإن اختلف) قوت البلد ولا غالب فيه أو اختلف الغالب، (وجب لائق به) أي الزوج لا بها، فلو كان يأكل فوق اللائق تكلفا لم تكلفه ذلك أو دونه بخلا أو زهدا وجب اللائق به. (ويعتبر اليسار وغيره) من توسط وإعسار (طلوع الفجر) في كل يوم (والله أعلم) اعتبارا بوقت الوجوب، حتى لو أيسر بعده أو أعسر لم يتغير حكم نفقة ذلك اليوم، وإنما وجب لها ذلك بفجر اليوم لأنها تحتاج إلى طحنه وعجنه وخبزه.
تنبيه: هذا إذا كانت تمكنه طلوع الفجر، أما الممكنة بعده فيعتبر الحال عقب تمكينها. (وعليه) أي الزوج لزوجته (تمليكها) الطعام (حبا) سليما، لأنه أكمل في النفع من الخبز والدقيق، فتتصرف فيه كيف شاءت قياسا على الكفارة وزكاة الفطر.
تنبيه: قضية تعبيره بالتمليك اعتبار الايجاب والقبول، وليس مرادا بل يكفي أن يسلمه بقصد أداء ما لزمه كسائر الديون من غير افتقار إلى لفظ. ويكفي الوضع بين يديها، وهذا إن كانت حرة، أما الزوجة الأمة فالدفع لمالكها إلا أن تكون مكاتبة. ولو قال: وعليه دفع الحب لسلم من الاعتراضين. (وكذا) على الزوج أيضا (طحنه) وعجنه (وخبزه في الأصح) أي عليه مؤنة ذلك ببذل مال أو يتولاه بنفسه أو بغيره كما صرح به في المحرر، وإن باعته أو أكلته حبا كما في الوسيط وغيره لأن الحب لا يتناول في العادة بدون ما ذكر، وتكليفها له ليس من المعاشرة بالمعروف.
(تنبيه) هذا إذا كان الحب غالب قوتهم، فإن غلب غير الحب كتمر ولحم وأقط فهو الواجب ليس غير، لكن عليه مؤنة اللحم وما يطبخ به كما قاله الرافعي، ويقابل الأصح لا يلزمه ذلك كالكفارات. وفرق الأول بأنها في حبسه، فعليه أن يكفيها مؤنة ذلك بخلاف الكفارة. ولو دفع إليها شيئا فقالت: قصدت التبرع، وقال: بل قصدت أن يكون عن النفقة قال في الاستقصاء: صدق بلا يمين، كما لو دفع إليها شيئا وادعت أنه قصد به الهدية وقال بل قصدت المهر. (ولو طلب أحدهما) أي طلبت الزوجة (بدل الحب) خبزا أو قيمة وامتنع الزوج أو طلب الزوج إعطاء ذلك وامتنعت، (لم يجبر الممتنع) منهما لأنه غير الواجب، والاعتياض شرطه التراضي. (فإن اعتاضت) عما وجب لها نقدا أو غيره من العروض، (جاز) اعتياضها (في الأصح) لأنه طعام مستقر في الذمة لمعين، فجاز أخذ العوض عنه بالتراضي كالقرض.
والثاني: المنع، كالمسلم فيه والكفارة فإنه لا يجوز الاعتياض عنهما قبل قبضهما. وأجاب الأول بأن المسلم فيه غير مستقر، وطعام الكفارة لا يستقر لمعين.
تنبيه: قضية إطلاقه أن الأصح أنه يجوز الاعتياض عن النفقة ولو كانت مستقبلة، وبه صرح في الكفاية،