مغني المحتاج - محمد بن أحمد الشربيني - ج ٣ - الصفحة ٤٢٧
الزوج وأنكر صدق بيمينه إذا لم يعهد له مال وإلا فلا يصدق، فإن ادعى تلفه ففيه التفصيل المذكور في الوديعة. أما من فيه رق ولو مكاتبا ومبعضا وإن كثر ماله فمعسر لضعف ملك المكاتب ونقص حال المبعض وعدم ملك غيرهما. فإن قيل: إلحاق المبعض بالمعشر مخالف لما ذكروه في الكفارة من أنه يكلف كفارة الموسر، وذكروا في نفقة الأقارب نحوه.
أجيب بأنهم لو ألحقوه ثم بالمعسر لما صرف شيئا للمساكين ولا أنفق شيئا للأقارب، بخلافه هنا فإنه ينفق نفقة المعسر.
(والواجب) في جنس الطعام المذكور (غالب قوت البلد) أي بلدهما من حنطة أو شعير أو تمر أو غيرها حتى يجب الاقط واللحم في حق أهل البوادي الذين يعتادونه لأنه من المعاشرة بالمعروف المأمور بها، وقياسا على الفطرة والكفارة، فالتعبير بالبلد جرى الغالب. ولو اختلف قوت بلد الزوج والزوجة قال الماوردي: إن نزلت عليه في بلده اعتبر غالب قوت بلده، وإن نزل عليها في بلدها اعتبر غالب قوت بلدها، وإن نزل ببلدة ولم تألف خلاف قوت بلدها قيل لها:
هذا حقك فأبدليه قوت بلدك إن شئت، ولو انتقلا عن بلدهما لزمه من غالب قوت ما انتقلا إليه دون ما انتقلا عنه، سواء كان أعلى أم أدنى، فإن كان كل واحد ببلد أو نحوها اعتبر محلها كما قال ذلك بعض المتأخرين. (قلت) كما قال الرافعي في الشرح: (فإن اختلف) قوت البلد ولا غالب فيه أو اختلف الغالب، (وجب لائق به) أي الزوج لا بها، فلو كان يأكل فوق اللائق تكلفا لم تكلفه ذلك أو دونه بخلا أو زهدا وجب اللائق به. (ويعتبر اليسار وغيره) من توسط وإعسار (طلوع الفجر) في كل يوم (والله أعلم) اعتبارا بوقت الوجوب، حتى لو أيسر بعده أو أعسر لم يتغير حكم نفقة ذلك اليوم، وإنما وجب لها ذلك بفجر اليوم لأنها تحتاج إلى طحنه وعجنه وخبزه.
تنبيه: هذا إذا كانت تمكنه طلوع الفجر، أما الممكنة بعده فيعتبر الحال عقب تمكينها. (وعليه) أي الزوج لزوجته (تمليكها) الطعام (حبا) سليما، لأنه أكمل في النفع من الخبز والدقيق، فتتصرف فيه كيف شاءت قياسا على الكفارة وزكاة الفطر.
تنبيه: قضية تعبيره بالتمليك اعتبار الايجاب والقبول، وليس مرادا بل يكفي أن يسلمه بقصد أداء ما لزمه كسائر الديون من غير افتقار إلى لفظ. ويكفي الوضع بين يديها، وهذا إن كانت حرة، أما الزوجة الأمة فالدفع لمالكها إلا أن تكون مكاتبة. ولو قال: وعليه دفع الحب لسلم من الاعتراضين. (وكذا) على الزوج أيضا (طحنه) وعجنه (وخبزه في الأصح) أي عليه مؤنة ذلك ببذل مال أو يتولاه بنفسه أو بغيره كما صرح به في المحرر، وإن باعته أو أكلته حبا كما في الوسيط وغيره لأن الحب لا يتناول في العادة بدون ما ذكر، وتكليفها له ليس من المعاشرة بالمعروف.
(تنبيه) هذا إذا كان الحب غالب قوتهم، فإن غلب غير الحب كتمر ولحم وأقط فهو الواجب ليس غير، لكن عليه مؤنة اللحم وما يطبخ به كما قاله الرافعي، ويقابل الأصح لا يلزمه ذلك كالكفارات. وفرق الأول بأنها في حبسه، فعليه أن يكفيها مؤنة ذلك بخلاف الكفارة. ولو دفع إليها شيئا فقالت: قصدت التبرع، وقال: بل قصدت أن يكون عن النفقة قال في الاستقصاء: صدق بلا يمين، كما لو دفع إليها شيئا وادعت أنه قصد به الهدية وقال بل قصدت المهر. (ولو طلب أحدهما) أي طلبت الزوجة (بدل الحب) خبزا أو قيمة وامتنع الزوج أو طلب الزوج إعطاء ذلك وامتنعت، (لم يجبر الممتنع) منهما لأنه غير الواجب، والاعتياض شرطه التراضي. (فإن اعتاضت) عما وجب لها نقدا أو غيره من العروض، (جاز) اعتياضها (في الأصح) لأنه طعام مستقر في الذمة لمعين، فجاز أخذ العوض عنه بالتراضي كالقرض.
والثاني: المنع، كالمسلم فيه والكفارة فإنه لا يجوز الاعتياض عنهما قبل قبضهما. وأجاب الأول بأن المسلم فيه غير مستقر، وطعام الكفارة لا يستقر لمعين.
تنبيه: قضية إطلاقه أن الأصح أنه يجوز الاعتياض عن النفقة ولو كانت مستقبلة، وبه صرح في الكفاية،
(٤٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كتاب الفرائض 2
2 فصل في بيان الفروض وأصحابها 9
3 فصل في الحجب 11
4 فصل في بيان إرث الأولاد وأولادهم انفرادا واجتماعا 13
5 فصل في بيان إرث الأب والجد وإرث الام في حالة الأب 14
6 فصل في إرث الحواشي 17
7 فصل في الإرث بالولاء 20
8 فصل في ميراث الجد مع الإخوة والأخوات 21
9 فصل لا يتوارث مسلم وكافر 24
10 فصل في أصول المسائل وما يعول منها وقسمة التركة 30
11 كتاب الوصايا 38
12 فصل في الوصية بزائد على الثلث 46
13 فصل في بيان المرض المخوف ونحوه 50
14 فصل في أحكام الوصية الصحيحة 55
15 فصل في الأحكام المعنوية 64
16 فصل في الرجوع عن الوصية 71
17 فصل في الوصاية 72
18 كتاب الوديعة 79
19 كتاب قسم الفيء والغنيمة 92
20 فصل في الغنيمة وما يتبعها 99
21 كتاب قسم الصدقات 106
22 فصل في بيان ما يقتضي صرف الزكاة لمستحقها وما يأخذه منها 113
23 فصل في حكم استيعاب الأصناف والتسوية بينهم وما يتبعها 116
24 فصل في صدقة التطوع 120
25 كتاب النكاح 123
26 فصل: في الخطبة 135
27 فصل في أركان النكاح وغيرها 139
28 فصل لا تزوج امرأة نفسها 147
29 فصل في موانع ولاية النكاح 154
30 فصل في الكفاءة المعتبرة في النكاح 164
31 فصل في تزويج المحجور عليه 168
32 باب ما يحرم من النكاح 174
33 فصل: فيما يمنع النكاح من الرق 183
34 فصل في نكاح من تحل ومن لا تحل من الكافرات وما يذكر معه 186
35 باب نكاح المشرك 191
36 فصل: في حكم زوجات الكافر بعد إسلامه الزائدات على العدد الشرعي 196
37 فصل في حكم مؤن الزوجة إذا أسلمت الخ 201
38 باب الخيار والإعفاف ونكاح العبد 202
39 فصل: في الإعفاف ومن يجب له وعليه 211
40 فصل في نكاح الرقيق من عبد أو أمة 215
41 كتاب الصداق 220
42 فصل في الصداق الفاسد وما يذكر معه 225
43 فصل في التفويض مع ما يذكر معه 228
44 فصل في ضابط مهر المثل 231
45 فصل فيما يسقط المهر وما يشطره وما يذكر معها 234
46 فصل في أحكام المتعة 241
47 فصل في التحالف عند التنازع في المهر المسمى 242
48 فصل في الوليمة 244
49 كتاب القسم والنشوز 251
50 فصل في حكم الشقاق بالتعدي بين الزوجين 259
51 كتاب الخلع 262
52 فصل الفرقة بلفظ الخلع طلاق 268
53 فصل في الالفاظ الملزمة للعوض 271
54 فصل في الاختلاف في الخلع أو عوضه 277
55 كتاب الطلاق 279
56 فصل: في جواز تفويض الطلاق للزوجة 285
57 فصل في اشتراط القصد في الطلاق 287
58 فصل في بيان الولاية على محل الطلاق 292
59 فصل في تعدد الطلاق بنيه العدد فيه وغير ذلك 294
60 فصل في الاستثناء 300
61 فصل في الشك في الطلاق 303
62 فصل في الطلاق السني وغيره 307
63 فصل في تعليق الطلاق بالأوقات وما يذكر معه 313
64 فصل في تعليق الطلاق بالحمل والحيض وغيرهما 319
65 فصل في الإشارة للطلاق بالأصابع وفي غيرها 326
66 فصل في أنواع من التعليق 329
67 كتاب الرجعة 335
68 كتاب الايلاء 343
69 فصل في أحكام الايلاء من ضرب مدة وغيره 348
70 كتاب الظهار 352
71 فصل: في أحكام الظهار من وجوب كفارة الخ 355
72 كتاب الكفارة 359
73 كتاب اللعان 367
74 فصل: في قدف الزوج زوجته خاصة 373
75 فصل: في كيفية اللعان وشرطه وثمرته 374
76 فصل في المقصود الأصلي من اللعان 382
77 كتاب العدد 384
78 فصل في العدة بوضع الحمل 388
79 فصل في تداخل عدتي المرأة 391
80 فصل في معاشرة المطلق المعتدة 393
81 فصل في عدة حرة حائل أو حامل 395
82 فصل في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقهما 401
83 باب الاستبراء 408
84 كتاب الرضاع 414
85 فصل: في طريان الرضاع على النكاح مع الغرم بسبب قطعه النكاح 420
86 فصل في الاقرار بالرضاع والاختلاف فيه وما يذكر معهما 423
87 كتاب النفقات 425
88 فصل: في موجب النفقة وموانعها 435
89 فصل في حكم الاعسار بمؤنة الزوجة المانع لها من وجوب تمكينها 442
90 فصل في نفقة القريب 446
91 فصل في حقيقة الحضانة وصفات الحاضن والمحضون 452
92 فصل في مؤنة المملوك وما معها 460