ذلك ضمني فيغتفر فيه ما لا يغتفر في المستقبل، ولو قال لغيره: أطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا من حنطة عن كفارتي ونواها بقلبه ففعل أجزأه في الأصح، ولا يختص بالمجلس والكسوة مثل الاطعام كما قاله الخوارزمي.
(و) أشار لضابط المعتق في الكفارة بأنه كل (من ملك عبدا) لا يحتاج إليه، والمراد به الجنس الشامل للأمة.
(أو) ملك (ثمنه) من نقد أو عوض حال كون كل منهما (فاضلا عن كفاية نفسه وعياله) الذين تلزمه مؤنتهم شرعا، (نفقة وكسوة وسكنى وأثاثا) وإخداما، (لا بد منه لزمه العتق) وهذا جواب الشرط، أي بخلاف من لم يملك ما ذكر، قال تعالى: * (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا فمن لم يجد) * الآية. أما من ملك عبدا هو محتاج إلى خدمته لمرض، أو كبر، أو ضخامة مانعة من خدمته نفسه، أو منصب يأبى أن يخدم نفسه، فهو في حقه كالمعدم، بخلاف من هو من أوساط الناس فيلزمه الاعتاق، لأنه لا يلحقه بصرف العبد إلى الكفارة ضرر شديد، وإنما يفوته نوع رفاهية.
واستثنى في المهمات من التكفير بالمال السفيه ولو كان موسرا وإن كان إطلاقهم هنا يشمله، فإن الرافعي ذكر في الحجر أنه كالمعسر حتى إذا حلف وحنث كفر بالصوم، وأطلق المصنف النفقة والكسوة. قال الرافعي: وسكتوا عن تقدير مدة النفقة وبقية المؤن، فيجوز أن يقدر ذلك بالعمر الغالب وأن يقدر سنة. وصوب في الروضة منهما الثاني، وقضية ذلك أنه لا نقل فيها مع أن منقول الجمهور الأول، وهو المعتمد كما مر في قسم الصدقات، وجزم البغوي في فتاويه بالثاني على قياس ما صنع في الزكاة. واعلم أن ما ذكر في الحج وفي قسم الصدقات من أن كتب الفقيه لا تباع في الحج ولا تمنع أخذ الزكاة وفي الفلس من أن خيل الجندي المرتزق تبقى له يقال بمثله هنا بل أولى كما ذكره الأذرعي وغيره. (ولا يجب) على المكفر (بيع ضيعة) وهي بفتح الضاد المعجمة: العقار، قاله الجوهري. (و) لا بيع (رأس مال) للتجارة بحيث (لا يفضل دخلهما) من غلة الضيعة وربح مال التجارة (عن كفايته) لمعونة لتحيل عبد يعتقه، بل يعدل المكفر في الصورتين للصوم، فإن فضل دخلهما عن كفايته باعهما قطعا. (ولا) بيع مسكن وعبد نفيسين ألفهما (في الأصح) لعسر مفارقة المألوف، ونفاستهما بأن يجد بثمن المسكن مسكنا يكفيه وعبدا يعتقه وبثمن العبد عبدا يخدمه وآخر يعتقه. والثاني: يجب بيعهما لتحصيل عبد يعتقه، ولا التفات إلى مفارقة المألوف في ذلك. واحترز بقوله: ألفهما عما لو لم يألفهما فيجب البيع والاعتاق قطعا.
تنبيه: كان ينبغي التعبير بالخادم بدل العبد فإن الأمة كذلك لا سيما إن احتاج إليها للوطئ. وفي الاستذكار:
لو كان له أمة للوطئ وخادم إن أمكن أن تخدمه الأمة أعتق وإلا فلا، وقدمنا أن المراد بالعبد الجنس فيكون المراد هنا كذلك ويجب بيع فاضل داره الواسعة إن أمكن بيعه مع سكنى الباقي، إذ لا ضرر ولا عسر، وسواء في ذلك المألوفة وغيرها كما يقتضيه كلام كثيرين لأنه لا يفارقها. وبيع ثوب نفيس لا يليق بالمكفر إذا حصل به غرض اللبس وغرض التكفير، إلا إذا كان مألوفا كما مر في العبد فلا يلزمه بيع بعضه لعسر مفارقة المألوف فيجزئه الصوم، وفي الحج يلزمه بيع المألوف. قال الرافعي: وكأن الفرق أن الحج لا بدل له وللاعتاق بدل. والفرق بين ما هنا وما مر في الفلس من أنه لا يبقى للمفلس خادم ولا مسكن أن للكفارة بدلا كما مر وأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة، بخلاف حقوق الآدمي. ومن له أجرة تزيد على قدر كفايته لا يلزمه التأخير لجمع الزيادة لتحصل العتق فله الصوم ولو تيسر جمع الزيادة لثلاثة أيام أو ما قاربها، فإن اجتمعت الزيادة قبل صيامه وجب العتق اعتبارا بوقت الأداء كما سيأتي. (ولا) يجب (شراء بغبن) وإن قل كماء الطهارة، كأن وجد عبدا لا يبيعه مالكه إلا بأكثر من المثل، ولا يعدل إلى الصوم، بل عليه الصبر إلى أن يجد بثمن المثل من يعتقه. وكذا لو غاب ماله يصبر إلى حضوره ولو كان فوق مسافة القصر وكان التكفير عن ظهار، لأنه لو مات لاخذت الرقبة من تركته بخلاف مثله في التيمم، لأن الصلاة لا تقضى